دعا الناشط البيئي محمد التفراوتي، إلى تعزيز دور الإعلام البيئي في مواجهة التغيرات المناخية وبناء الصمود المجتمعي، مؤكداً أن المرحلة الراهنة تقتضي تحولا نوعيا في الوظيفة الإعلامية لتواكب التحولات البيئية غير المسبوقة.
و أكد التفراوتي في عرض قدّمه التفراوتي، اليوم السبت 31 ماي 2025، خلال اللقاء الإعلامي الجهوي المنظم بمراكش تحت شعار: “الإعلام ودوره في تعزيز القدرة على الصمود المناخي”، والذي خُصص لبحث سبل انخراط الإعلام في تعزيز وعي بيئي مجتمعي مستدام، (أكد) أن الإعلام البيئي لم يعد مجرد ناقل للأخبار أو وسيلة للتحسيس، بل صار فاعلاً استراتيجياً في زمن الأزمات المناخية والاختلالات البيئية المتفاقمة، حيث تتطلب المرحلة إعلاماً قادراً على بناء الثقة بين العلم والمجتمع، وتحفيز التغيير الإيجابي.
الإعلام في قلب العاصفة المناخية
وأوضح المتحدث أن التغيرات المناخية لم تعد سيناريوهات نظرية، بل واقع يومي تعكسه حرائق الواحات المتكررة، وندرة المياه، وتآكل الغطاء النباتي، مشيرًا إلى أن هذه الوقائع تؤكد الحاجة لإعلام بيئي قادر على الربط بين الظواهر المناخية وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وسجّل أن الإعلام البيئي ينبغي أن يتحول من مجرد أداة تحسيسية إلى آلية لتمكين المجتمعات، من خلال تبسيط المفاهيم العلمية، ونقل المبادرات المحلية، وسرد قصص النجاح في مجالات التشجير، الزراعة المستدامة، الاقتصاد الأخضر، وحصاد المياه.
فجوة التغطية المناخية في العالم العربي
وفي تشخيصه لوضع الإعلام البيئي بالمنطقة العربية، أوضح التفراوتي أن التغطية البيئية تعاني من هامشية واضحة، حيث لا تحظى الأولوية في وسائل الإعلام العامة، ويواجه الصحفيون البيئيون نقصاً في التكوين والدعم المؤسسي والتمويل.
وأشار إلى مبادرات دولية مهمة مثل اليونسكو، والاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، وشبكة Earth Journalism Network، والتي وفّرت فرصا لتكوين الصحفيين، غير أن الحاجة لا تزال ملحة لتوسيع القاعدة، وربط الصحفيين بالباحثين، وتمويل محتوى بيئي متعدد الوسائط.
تجارب مغربية في الترافع البيئي
سلّط التفراوتي الضوء على مجموعة من التجارب الميدانية المغربية في الترافع البيئي، من بينها تحقيقات صحفية حول تدهور الواحات وتأثير تغير المناخ على سبل العيش التقليدية، والتي ساهمت في لفت أنظار الرأي العام والجهات المسؤولة.
كما أشار إلى المراسلات المفتوحة كأداة ضغط ناعم، من خلال توجيه رسائل إلى وزراء ومسؤولين حكوميين، للمطالبة بإدراج قضايا مثل حرائق الواحات، وانقراض الأنواع المحلية، وتراجع الغطاء النباتي، ضمن الأولويات الوطنية، مضيفاً أن هذه الرسائل نُشرت على منصات رقمية ووسائل إعلامية وأثّرت في جدول النقاش العمومي.
واستعرض التفراوتي كذلك دور الإعلام البيئي المغربي على الساحة الدولية، من خلال مقالات نُشرت في شبكة EJN حول النزوح البيئي، والعدالة المناخية، وتحولات البيئة الواحية، وحوكمة الموارد الطبيعية، مؤكداً أن الإعلام المغربي استطاع أن يُسمع صوته في المنابر العالمية رغم الإكراهات.
نحو إعلام بيئي مقاوم ومُمكّن
وشدد المتحدث نفسه، على أن التحدي اليوم هو إرساء نموذج إعلام بيئي مقاوم، مدعوم بالعلم والمعرفة، ومستقل في خطابه، قادر على توجيه السياسات العمومية والمساهمة في صناعة القرار البيئي.
واختتم التفراوتي عرضه بتقديم مجموعة من التوصيات التي وصفها بـ”العاجلة” لتعزيز حضور الإعلام البيئيو ذكر منها :
إدماج الإعلام البيئي في المناهج التكوينية للمؤسسات التعليمية والصحفية.
اعتماد سرديات إنسانية بيئية تقرّب القضايا من المواطنين بلغة بسيطة وعاطفية.
تطوير محتوى تفاعلي على المنصات الرقمية يستهدف الشباب.
تشجيع الصحافة البيئية الاستقصائية لمساءلة المسؤولين وتتبع الالتزامات المناخية.
خلق شراكات دائمة بين الإعلاميين والعلماء والخبراء في مجالات البيئة والمناخ.
خاتمة: الإعلام ليس ترفًا بل ضرورة وجودية
وأكد محمد التفراوتي أن مواجهة التغيرات المناخية لا تكتمل بدون إعلام بيئي شجاع ومهني، محذراً من أن تجاهل هذا الدور يهدد بغياب حلقة الوصل بين المعرفة العلمية والوعي المجتمعي، داعياً إلى اعتبار الإعلام البيئي ضرورة وجودية لبناء مجتمعات قادرة على الصمود واتخاذ قرارات ذكية في زمن الأزمات المناخية.
التعاليق (0)