البسكويت والحب في المغرب ، وجهة نظر .
موجة من الجدل في المغرب ، بين مؤيد ومعارض ، لحملة إشهارية لإحدى علامات “البيسكويت” بسبب إستعمالها كلمات متعددة ” كنبغيك” “توحشتك” …ودون الخوض في النقاش الديني أو الاخلاقي والنفسي خاصة على فئات القاصرين بإعتبارهم الفئة الأكثر اقبالا على استهلاك هذا النوع من المنتوجات .
ونرى أنه في عالم الإشهار وحسب القوانين الوطنية وكذلك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تهدف الى حماية المستهلك وبشكل مباشر الى حماية الطفل والقاصرين عموما ، أنها تقرر حدودا حمائية للمستهلك من الإشهارات الكادبة أو التي تحمل خطابا معينا من شانه انتاج اثار نفسية أو سلوكية على فئات معينة من المستهلكين ، و التي تؤدي في غالب الأحيان الى خلق نوع من الخلل في المجتمع .
فقد شكلت الاشهارات المختلفة اليوم و التي نصادفها على مختلف وسائل الاعلام وكذلك عبر مواقع النت ، جزءا لا يتجزء من خطط العديد من الشركات في الترويج لعلامتها التجارية ومنتجاتها ، فمنذ ردح من الزمان ، كان الاشهار الوسيلة الاهم لابقاء الافراد مستهلكين لجميع المواد اليومية، من مأكولات ، ومشروبات ومواد تجميل وحفاظات الاطفال و غيرها ، وبطبيعة الحال، لا يمكن استعمال الاشهار والترخيص به في كل الحالات ، و نخص بالذكر مثلا الادوية التي يمنع القانون اشهارها بالنسبة لصانعيها أو السجائر أو الخمور حسب قوانين العديد من الدول .
وبالعودة الى قانون الاشهار في المغرب فإن المادة 1 من القانون المتعلق بالزجر عن الغش في البضائع، فإنها تدين الغش عن طريق الخداع والتزييف ، ويعاقب الفاعل بالحبس من ستة أشهر إلى خمس سنوات، وبغرامة من ألف ومائتي درهم إلى أربع وعشرين ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين ، كما يتضمن هذا القانون أيضا عناصر يمكن تكييفها مع حالة الإشهار الكاذب خاصة ذلك المتعلق بالإعلانات الاشهارية المخصصة للتداوي من الأمراض المستعصية.
أما الفصل 21 من مشروع القانون القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك يمنع كل إشهار يتضمن، بأي شكل من الأشكال، ادعاءا أو بيانا أو عرضا كاذبا أو ما من شأنه أن يوقع في الغلط بأي وجه من الوجوه.
وخلاصة القول فإن القوانين الدولية نفسها ، تمنع خروج الاشهار عن النص المعارض للقيم والأنظمة، وسلامةالمستهلك ،خاصك فئات الأطفال كما أشرنا سابقا .
وفي هذا الإطار فإن دراستنا للإشهار محط الجدل ، لا يرتبط بموقف اديولوجي ، أو خلفية مرجعية معينة ، لكن حسب قناعاتنا الشخصية فإن الاشهار للمادة الاستهلامية موضوع الجدل ، يحمل في بادىء الامر عبارات بسيطة تعبر عن قيمة الحب ، كما أن تحليلنا للعبارات الواردة في ذلك الاشهار، فإنها تتعلق بكلمات متداولة في المجتمع المغربي. غير أنه وجب التذكير أن استهلاك “البيسكويت” في العالم باسره ، يتعلق اساسا بالقاصرين و الأطفال ، وهو أمر من شأنه أن يثير حفيظتنا في العبارات المستخدمة “كنبغيك” وفي الصورة ايضا التي تجمع شابين، فكيف لأطفالنا أن يفهموا الرسالة واضحة كما يفهمها البالغون.
وحسب قانون الاتصال السمعي البصري في المغرب ، و الذي تم سنه في السابع من يناير 2005 ، فإن حماية القاصرين مهمة في هذا الباب، ويمنع القانوت تشجيع القاصرين بصفة مباشرة على شراء منتوج أو خدمة عن طريق استغلال قلة تجربتهم أو سذاجتهم أو حثهم بصفة مباشرة على إقناع آبائهم أو الأغيار لشراء المنتوجات أو الخدمات المعنية، أو استغلال أو زعزعة الثقة الخاصة للقاصرين إزاء آبائهم ومعلميهم والأشخاص الذين لهم سلطة شرعية عليهم.
لقد شهدنا عدة ردود فعل للجمهور، ضد الاشهارات المحرضة، وغالبيتها تنتهي باعتذار الشركات بخصوص مضمون الإشهار ، وفي هذا الخصوص نؤكد أن حماية المجتمع من الاشهارات التي من شأنها التأثير بشكل سلبي على الجمهور، قد تشكل خطرا على المنتج نفسه قبل المستهلك ، لذلك فهو ملزمة بدراسة محتوى الاشهار من كل الجوانب قبل تسويقه ، وقد يؤدي الى افلاس الشركة المنتجة و قد لا يصب في مبتغاها الحقيقي بتعريضها لعقوبات وغرامات ، كما أنه من الضروري لجمعيات المستهلكين للتحرك و المساهمة في تقنين وتنظيم الاشهارات المختلفة .
ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.