أكد وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، أن اختيار جهة سوس ماسة لاحتضان النسخة الثانية من اللقاء الجهوي للوجيستيك، المنظمة من طرف “لوجيسميد”، تحت إشراف وزارة النقل واللوجستيك، وبشراكة مع الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية والمركز الجهوي للاستثمار بجهة سوس ماسة، والسلطة المينائية طنجة المتوسط وشركاء آخرين، تحت شعار “اللوجستيك، رافعة رئيسية للصناعة الغذائية بالمجال الترابي”، جاء بالنظر للتطور الذي تعرفه الجهة في مختلف المجالات الصناعية والتجارية والفلاحية، التي تحتاج إلى مواكبة مناسبة عبر قطاع لوجيستيكي فعال وناجع.
وأوضح وزير النقل، في كلمته الافتتاحية، صباح اليوم الجمعة 26 ماي 2023 بأحد الفنادق المصنفة بتغازوت باي، بمناسبة انطلاق أشغال المرحلة الثانية من الملتقيات الجهوية حول اللوجستيك، أنه بفضل التوجيهات الملكية السامية، أعطيت الانطلاقة لعدد من المشاريع المهيكلة بالجهة، لاسيما مشروع ربط مدينة أكادير بالطريق السيار ومشروع إنشاء الطرق السريعة التي تربط أكادير بالأقاليم الجنوبية، فضلا عن مشاريع أخرى تندرج ضمن برنامج التنمية الحضرية لأكادير (2020-2024)، حيث ستمكن هذه المشاريع من وضع بنية تحتية حديثة وفعالة رهن إشارة النسيج الاقتصادي للجهة، مما سيمكنها من الارتقاء لتصبح قطبا لوجيستيكيا مركزيا للمملكة.
وكشف محمد عبد الجليل، أن وزارة النقل واللوجيستيك شرعت، من خلال الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية، وبتعاون وثيق مع شركائها، في تنزيل الاستراتيجية الوطنية للوجيستيك على مستوى الجهة، حيث مكنت الجهود المبذولة في هذا الإطار من إعداد المخطط اللوجيستيكي التوجيهي لجهة سوسة ماسة الذي يهدف لتأمين المستقبل اللوجيستيكي للجهة، بالإضافة إلى تخطيط وهيكلة مشاريع مناطق لوجيستيكية تلبي الحاجيات اللوجيستيكية التي تم تحديدها بناء على تحليل المؤشرات الاقتصادية للجهة وتدفقات السلع بها مع مراعاة جميع خصائصها المونوغرافية.
وذكر الوزير أنه، وبهدف بدء تنزيل هذا المخطط، أعطيت الانطلاقة في ماي2021 للأشغال الخاصة بتهيئة الشطر الأول للمنطقة اللوجيستيكية جنوب أيت ملول، التي تتموقع على الطريق السريع رقم 1 (N1) بالجماعة الترابية القليعة، والتي تشمل أشغال التهيئة داخل وخارج الموقع للشطر الأول للمشروع على مساحة تمتد على 45 هكتار. ويقدر المبلغ الإجمالي لهذا الاستثمار بحوالي 350 مليون درهم، تشمل مساهمة لجهة سوس ماسة تقدر ب 100 مليون درهم.
ويهدف هذا المشروع، يضيف الوزير، الذي تسهر الوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية على تنزيله بدعم من جهة سوس ماسة والسلطات المحلية ومختلف المتدخلين، إلى أن يصبح مركزا حقيقيا لخلق القيمة المضافة اللوجيستيكية من خلال تطوير بنية تحتية لوجيستيكية حديثة تتكون من منشآت عقارية عالية الجودة تتوافق مع الأنشطة الاقتصادية لجهة سوس ماسة، والتي سيتطلب تطويرها جذب استثمارات مهمة من القطاع الخاص.
وختم وزير النقل كلمته بأن تطوير هذه المنطقة سيساهم في تعزيز مكانة جهة سوس ماسة كمنصة مركزية للتبادل التجاري بالبلاد، ودعم القدرة التنافسية للمقاولات المستقرة بالجهة، من خلال خفض التكاليف المتعلقة بالخدمات اللوجيستيكية وهيكلة نسيج المقاولات الصغرى والمتوسطة وإدماج الأنشطة اللوجيستيكية الغير مهيكلة، مما سيساهم في الرفع من جاذبية الجهة للاستثمارات الوطنية والدولية.
وفي ذات السياق، أكد علي برادة، رئيس المعرض الدولي للنقل واللوجيستيك- LOGISMED، أن هذه الملتقيات الجهوية حول اللوجستيك تهدف إلى مناقشة الواقع الراهن للعلاقة بين اللوجستيك والمجال الترابي، وبحث تحديات المستقبل، وكذا الجمع بين الجهات الفاعلة العامة والخاصة لتبادل الخبرات والطموحات، فضلا عن تقديم مساهمتها ليتم دمجها في التخطيط الإقليمي وخطط التنمية.
وقال برادة، في معرض حديثه: “أعتقد أننا سنتفق جميعًا على أن الأزمة الصحية قد سلطت الضوء على الخدمات اللوجستية، حيث أتاحت المهن اللوجيستية، التي أصبحت حيوية في المجتمع، الفرصة لمواطنينا، مثل السياسيين والمسؤولين المنتخبين، لمعرفة المزيد عن القطاع ومساهمته”. وأضاف: “في الواقع، غياب الرؤية المستقبلية يجبرنا على القول بأن لدينا مصلحة كبيرة في وجود قطاع لوجستي فعال. البلد، مثل الإقليم، بدون لوجستيات أو خدمات فعالة، لا يمكن أن يكون قادرًا على المنافسة أو جذب المستثمرين. إذا أردنا مغربًا صناعيًا حديثًا وتنافسيًا، فنحن بحاجة إلى لوجستيات فعالة”.
ويروم اللقاء، الذي يشكل منصة لتبادل التجارب واستشراف مستقبل القطاع، تحسيس الفاعلين المحليين وأرباب القرار والمتابعين والفاعلين المعنيين، حول أهمية اللوجستيك بالنسبة للاقتصاد والتشغيل بالجهة، وتعزيز المؤهلات اللوجستيكية لهذا المجال الترابي، وتقديم العرض الترابي الجذاب بالنسبة للمستثمرين عموما ومهنيي القطاع بوجه خاص.
كما يهدف إلى تمكين الفاعلين العموميين والخواص من الالتقاء والنقاش وتحديد مختلف الرافعات الممكنة للمساهمة في تحسين أداء اللوجستيك بالجهة، وكذا تعريف عموم المشاركين بقيمة المهن المرتبطة باللوجستيك، وإثارة اهتمام جيل الشباب بالجهة بهذا النوع من المهن.
كما تميز هذا الحدث، الذي جمع فاعلين في القطاع والسلطات العمومية المحلية، بمشاركة وتقديم شهادات شخصيات سياسية واقتصادية وأكاديمية، حيث ضم برنامج اللقاء ندوات وجلسات نقاش حول “اللوجستيك، تسريع التنمية الترابية”، و”دور اللوجستيك في تنافسية الاستثمارات وتنمية المبادلات التجارية العالمية وحوافز الاستثمار في اللوجستيك”.
هذا، ويشار إلى أن هذه الملتقيات الجهوية حول اللوجستيك تندرج في إطار نشر ثقافة اللوجستيك عبر جهات المملكة، وستنعقد بشكل دوري بين الجهات على شكل تظاهرات متنقلة.
وتسعى هذه الملتقيات لتبادل آراء وتقديم شهادات الفاعلين في المجال وشخصيات سياسية ورجال أعمال وشركاء مؤسساتيين محليين وجامعيين وخبراء، بهدف تسليط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لقطاع اللوجستيك والحاجة إلى إدراجه باعتباره عنصرا أساسيا في تنمية الاستراتيجيات.
جدير بالذكر أن هذا اللقاء عرف حضور كلا من كريم أشنكلي، رئيس مجلس جهة سوس ماسة، سعيد ضور، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات سوس ماسة، إدريس بوتي، رئيس فرع الاتحاد العام لمقاولات المغرب بجهة سوس ماسة، يوسف الجبهة، رئيس الغرفة الفلاحية سوس ماسة، عبد الله بوطاط، مدير الوكالة الوطنية للموانئ بأكادير، وغسان المشرافي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية.