أشبال الأطلس يكتبون التاريخ: الشباب المغربي يصنع مجد الوطن في مونديال تشيلي 2025

أكادير الرياضي

بقلم : أحمد بومهرود باحث في الإعلام و الصناعة الثقافية

ها هو الحلم يتحقق، وها هي راية المغرب ترفرف شامخة في سماء العالم. فبأقدام فتية، وبعزيمة فولاذية، تمكن المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة من إحراز لقب كأس العالم للشباب – تشيلي 2025، عقب فوزه المستحق والمبهر على نظيره الأرجنتيني بهدفين دون رد في نهائي سيظل خالداً في الذاكرة الوطنية والعربية.
إنه إنجاز تاريخي بكل المقاييس، ليس فقط لأنه أول تتويج مغربي وعربي في هذه الفئة العمرية، بل لأنه جاء تتويجاً لمسار من العمل الجاد، والإيمان بالقدرات الوطنية، والتخطيط البعيد المدى الذي وضع المغرب في مصاف الدول الكروية الكبرى.

  • جيل يكتب صفحة جديدة من المجد

منذ صافرة البداية في سانتياغو، بدا واضحاً أن أبناء المدرب محمد وهبي لا يؤمنون بالمستحيل. لعبوا بثقة وجرأة، فسيطروا على مجريات المباراة أمام منتخب أرجنتيني يُعدّ مدرسة كروية عالمية.
وما هي إلا دقائق حتى أعلن ياسر الزابيري عن نفسه نجماً فوق العادة، بتسجيله هدفاً أول من ضربة حرة رائعة في الدقيقة 12، قبل أن يعود ليضيف الثاني بعد هجمة مرتدة خاطفة في الدقيقة 29، ليحسم اللقاء مبكراً ويضع المغرب على طريق المجد.
وبين عزيمة القائد حسام الصادق، وتألّق الحارس إبراهيم غوميز، وانضباط الفريق تكتيكياً، أظهر “أشبال الأطلس” شخصية بطلٍ حقيقي، لا يخشى الكبار ولا يرضى بغير الذهب.

  • شباب يرفعون راية الأمل

هذا التتويج لم يكن مجرد فوز رياضي، بل رسالة رمزية قوية من شباب المغرب إلى العالم: أن الطموح، حين يقترن بالعمل والإيمان، يصنع المعجزات.
لقد برهن هؤلاء الأشبال أن الجيل الجديد من المغاربة قادر على تمثيل الوطن بأفضل صورة، وأن روح الوطنية والانتماء لا تحتاج إلى أعمارٍ كبيرة، بل إلى قلوب مؤمنة بحب الوطن.
من شوارع الدار البيضاء إلى أحياء فاس ومراكش وطنجة، ومن المدارس الرياضية إلى الأكاديميات الوطنية، انطلقت شرارة الحلم. واليوم، تتوّج تلك الجهود الجماعية بتتويج عالمي هو ثمرة رؤية واضحة لتطوير كرة القدم المغربية من الفئات الصغرى إلى النخبة.

  • تهنئة ملكية تُخلّد اللحظة

وجاءت البرقية الملكية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس لتُضفي على الإنجاز طابعاً وطنياً سامياً، إذ عبّر جلالته عن “اعتزازه العميق بالمسار البطولي الذي توّج بظفر المنتخب المغربي بكأس العالم للشباب”، مؤكداً أن هذا النصر هو “مصدر فخر واعتزاز لكل المغاربة داخل الوطن وخارجه”.
إنها لحظة تتجاوز حدود الرياضة لتصبح رمزاً لوحدة الأمة حول شبابها، ودليلاً على أن الاستثمار في الطاقات المغربية الشابة هو الاستثمار الأنجح في مستقبل البلاد.

  • كرة القدم… مرآة الطموح المغربي

ما تحقق في تشيلي ليس وليد الصدفة، بل ثمرة سنوات من الإصلاح والبناء في البنية التحتية الرياضية، وفي سياسة التكوين والتأطير التي تبناها المغرب على كل المستويات.
من أكاديمية محمد السادس لكرة القدم إلى الأندية المحلية، تشكل اليوم منظومة مغربية متكاملة تصدّر النجوم وتزرع الأمل.
لقد أصبح المغرب، من جديد، قدوة في القارة الإفريقية والعالم العربي، ونموذجاً للنهضة الكروية المعتمدة على التكوين، الانضباط، والإيمان بقيمة العمل الجماعي.

  • ختاماً

في هذه الليلة التاريخية، لم ينتصر المنتخب المغربي للشباب فقط، بل انتصر الشباب المغربي كله.
أثبتوا أن الحلم المغربي لا يعرف حدوداً، وأن الجيل الجديد هو امتداد طبيعي لمجد الوطن ومسيرته نحو التميز.
من سانتياغو إلى الرباط، تردد صدى النشيد الوطني بصوتٍ واحد:
“منبت الأحرار… مشرق
الأنوار…”
إنها لحظة فخر، لحظة أمل، ولحظة تأكيد أن المستقبل مغربي… والمجد مغربي.
ياسلام على أشبال الاطلس! المغرب يعتلي عرش العالم في مونديال الشباب .