تصارع العديد من البلدان عبر العالم حرائق الغابات التي تأتي على مساحات شاسعة من الغطاء النباتي، وتنهي حياة العديد من الكائنات الحية بما فيها الإنسان.
ومما لا شك فيه أن الحرائق مدمرة للغابات، ولكنها قد تكون في الوقت نفسه جزءاً مهماً من دورة حياة الغابات، وهذا ما يسمى لدى الخبراء في مجال البيئة بـ “الحريق الصحي”، فما المقصود بهذا المفهوم ؟ وما الفرق بينه وبين الحرائق المدمرة ؟
ما هو الحريق الصحي ؟
تُعد حرائق الغابات طريقة صحية لزيادة خصوبة الغابات نفسها، فبمرور الوقت، يتجمع الحطام المحترق على أرضية الغابة مكوناً طبقة غنية بالمغذيات والمعادن.
وفي الأوقات العادية والطبيعية، لا يمكن تكسير المغذيات أو امتصاصها بشكل صحيح بواسطة النباتات، ولكن عند احتراق الأشجار، يتم إطلاق العناصر الغذائية المتحطمة لتستفيد منها التربة.
ويرجع السبب في نشأة أشجار وغابات أخرى لانطلاق الملايين من البذور التي يحملها الهواء الساخن بفعل النيران، والتي بدورها تقوم بتشكيل غابات جديدة في مساحات جديدة، وبهذا تنشأ حياة جديدة مع أماكن نمو الغابات، ما يساهم في زيادة التنوع الحيوي.
كيف يمكن أن تستفيد الغابات من الحرائق ؟
كشف تقرير حديث لمجلة Economist البريطانية أن الأشجار الكبيرة في الغابات الناضجة، هي الأفضل والأكثر قدرة على العيش مع الحرائق.
وفي كاليفورنيا على سبيل المثال، تطور أشجار السرو الأحمر العملاقة -التي تعتبر أضخم الكائنات الحية في العالم والأطول عمراً- لحاءً سميكاً مقاوماً للحريق أثناء نضوجها، مما يحمي قلب الشجرة.
وأضاف التقرير أن هناك بعض أنواع النباتات التي تتوفر على قابلية عليا للتعامل مع اللهب، ومنها مثلا البذور المصلية – مثل تلك الموجودة في شجر الصنوبر، والتي “تنشط بالحرارة وبالنار”، مما يعني ظهور محصول جديد من الشتلات بعد فترة وجيزة من اندلاع الحريق.
وإلى جانب ذلك، تساعد بعض الحرائق على التخلص من الأشجار الكثيفة التي تحجب الضوء عن بقية النباتات والأشجار والتي لا تعطيها الفرصة للنمو والانتشار، وكذلك النباتات التي تعتمد في تكاثرها على الحرائق مثل مخاريط بذور بعض أنواع الصنوبر التي لا تتفتح سوى في درجات الحرارة العالية.
وتبعا لذلك، يمكن القول بأن الحرائق الصحية تساهم في تشكيل غابات جديدة في مساحات جديدة، وبهذا تنشأ حياة جديدة مع أماكن نمو الأشجار.
هل جميع أنواع حرائق الغابات مفيدة وصحيّة ؟
ليست جميع أنواع حرائق الغابات مفيدة وصحيّة، فعندما تخرج الحرائق عن السيطرة تصبح مدمرة، وتلحق أضرارا كبيرة بالغابات وبالبيئة على وجه العموم.
وجدير بالذكر أن حرائق الغابات الهائلة تخل بالتوازن بين الدمار والتجدد، إذ يمكن لبعضها القضاء تماماً على النظام البيئي للغابة، فحتى الأنواع النباتية المتكيفة لا تستطيع الصمود في مثل هذه الظروف القاسية.
وإلى جانب ذلك، تتسبب الحرائق في خفض التنوع البيولوجي في الغابات، وكلما ازداد هذا الانخفاض كلما كانت الغابة أكثر عرضة للحرائق الكارثية.
التعاليق (0)
التعاليق مغلقة.