كثر الحديثة عن تعديل حكومي طال إنتظاره، تعديل في خضم وضعية إقتصادية تميزت بالارتفاع المستمر لأسعار المحروقات والمواد الغدائية، وبالرفع التدريجي للدعم المخصص لبعض المواد الاستهلاكية مثل” البوطا ” ، وانعكاسه الخطير على القدرة المعيشية لفئات عريضة من المجتمع المغربي .
وضعية إجتماعية غير مسبوقة ، تتطلب حلولا مستعجلة لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن المغربي، تماشيا مع التوجيهات الملكية التي ما فتئ يؤكد عليها عاهل البلاد الملك محمد السادس نصره الله، والتي أساسها النهوض بالاوضاع الاجتماعية لكل الفئات الهشة .
تحديات طبعت وتطبع الاداء الحكومي عن هذه المرحلة من زمن تدبير علق عليها المغاربة الكثير من آمالهم ، ليضل غياب الكريزما القيادية والتواصلية مع المواطنين ، والخرجات غير المدروسة لبعض الوزراء ،.أزمة بذاتها أمر غير مسبوقة تستوجب المراجعة .
تعديل في ضل سياق عالمي لا يزال يتخبط في تداعيات وتأثيرات أزمة جائحة كورونا، بالإضافة الى الحرب الروسية على أوكرانيا و الثوتر الخطير بالعالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط نتيجة حرب الابادة التي تقودها الآلة العسكرية الإسرائيلية في غزة ، والعملية الهمجية الأخيرة لها بمخيمات اللاجئين برفح ، و التي ضخت مزيدا من القلق في العالم بأسره.
أزمات تسببت في ارتفاع أسعار النفط و الطاقة ومعضم المواد الغذائية وعلى رأسها القمح .
مؤشرات دفعت المواطن المغربي الى هاجس السؤال ، عن أمنه الإقتصادي المرتبط بالطاقة والغداء ، وعن ضرورة النهوض بوضعه الاجتماعي المرتبط بالصحة والتعليم وتوفير أكبر لفرص ومناصب الشغل ، والأهم جلب الاستثمارات المحلية والوطنية ، وتقليص الهوة بين مختلف شرائح المجتمع المغربي.
عن أية نجاعة في التدبير والتسيير وفرها أداء حكومي متواضع ؟ وعن أي تدبير محكم للأزمات و وهنا وجب الحديث عن زلزال الحوز وما يتطلبه من تأهيل وإعادة إعمار لكل المناطق المنكوبة ؟
عن أي تعديل نتطلع له نحن المغاربة ؟ عسى أن يزف لنا حكماء وسياسيين حقيقيين وكفاءات من داخل الوطن وخارجه ، من مغاربة العالم الذين وجب إشراكهم في تحمل أعباء وطنهم ، وعن إقناع الكثير بالعودة وخدمة وطنهم ، والذي هو في أمس الحاجة الى ذلك المهندس ،والطبيب والثقني والأستاذ والمستثمر المهاجر ، لتحمل هم كبير وهو الخروج من نفق أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة؟
مما لا شك فيه عزيزي المتلقي ، وقبل كل جواب ، ضرورة تشخيص سريري لبعض القطاعات الوزارية الأكثر تأثيرا وتأثرا كقطاع التعليم بشقيه ، والذي يشكل نهضة الأمم و قدرتها على الابتكار والتفكير والنقد، فمردود وزراء هذا القطاع غير ظاهر تماما ، وإن كانت نظرة أهله للتعليم تواكب النموذج التنموي الجديد ، فإن استراتيجيته قد صبت الزيت على النار، حيث شلت اضرابات القطاع وعن إقتطاعات وتوقيفات لازالت تسائل قانون الإضراب الذي لم يفرج عنه بعد ، إضرابات حرمت أبنائنا من التمدرس عن طريق هدر الزمن المدرسي ، ولابد أن نؤكد مجددا أن قطاع التعليم المدرسي، من الضروري أن يتوفر على أسس تثمن العنصر البشري وتضمن تكوينه المستمر، خاصة في الاتجاه نحو الرقمنة، وتدريس الكيفيات، فما فائدة المدرسة إن لم يكن المدرس مرتاحا في عمله ومخلصا فيه، وملما بالتطورات الحاصلة في نظم التربية والتعليم في العالم، ناهيك عن ضرورة تحديث المناهج التربوية ودعم اللغة الانجليزية، لغة العلم والتكنلوجيا .
أزمة المواطنين مع الصحة التي جعلت المواطن تحت وطأة القطاع الخاص ، أمام جشع وطمع مستتمري المرض ومستغلي المرضى، فمازال المواطنون يسلكون الطوابير في التطبيب، ولازال “السكانير” لا يشتغل في المستشفيات العمومية، وأجهزة التحاليل وغيرها .
وزارة الانتقال الرقمي، مازالت جامدة، في زمن السرعة في الادارة والعمل عن بعد، وغياب برنامج معين وشرحه للمواطنين … وهلم الحديث عن وزراء ووزارات وخرجاتهم المستفزة وقراراتهم غير المدروسة التي كرست أزمات قطاعية معينة لا يسعها المقال…
إننا بحاجة اليوم الى تعديل يضيف قيمة لما بقي من العمر القصير لحكومة ، لازل المواطن يعلق عليها الكثير من الآمال، عساها تتذارك أخطاءها السابقة، وتعترف بشرف ، بأنها في حاجة الى إنفتاح أكبر على كل كفاءات الوطن، الحزبية وحتى خارج الأحزاب السياسية ، إلى من يبعث منها روح المبادرة في العمل والبحث عن الحلول، في عالم يزداد تأزما ويحتاج أكثر لدوي الضمير والغيرة الوطنية.
في انتظار كل تعديل حكومي ، لابد من أن نذكر أغلبيتنا الحكومية بوعودها أثناء حملاتها الانتخابية ، وأن تعلم بأن الكراسي لا تدوم لأحد .
الحسين بكار السباعي.