جددت الحكومة ممثلة في وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، تشبثها بقرار تقليص سنوات دراسة الطب من سبع إلى ست سنوات، وهو القرار الذي خلف غضبا واسعا في صفوف الطلبة ودفعهم لمقاطعة الدراسة والامتحانات منذ أكثر من شهرين.
وفي ندوة صحفية مشتركة بين وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، تم التأكيد على أنه “لا رجعة في قرار تقليص سنوات الدراسة”، وهو ما ينذر باستمرار الاحتقان والغليان داخل كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان بالمغرب.
خط أحمر
أفاد وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد أيت الطالب بأن الحكومة تعاملت بمرونة مع احتجاجات طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، غير أن هناك أمورا تعتبر “خطا أحمر”، في إشارة إلى قرار تقليص سنوات دراسة الطب الذي تم اتخاذه قبل سنتين.
وعبر أيت الطالب عن رفضه “إملاء الطلبة على القطاعين الحكوميين المعنيين ما ينبغي اتخاذه من تدابير”، مشددا على أن “من يضع استراتيجية الدراسة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، هو القطاع الحكومي المعني، وليس الطالب، الذي لا يمكن أن يفرض رأيه، لأن هناك حاجيات في مصلحة البلد يجب الاستجابة لها”.
وفي سياق متصل، ربط الوزير قرار تقليص سنوات الدراسة بالنقص “المهول” الذي تعاني منه المنظومة الصحية الوطنية على مستوى الأطر البشرية، حيث بلغ الخصاص 34 ألف طبيب، وهو الأمر الذي له علاقة مباشرة بالتكوين”، مشددا على أن “الحكومة لا يمكن أن تتهاون، ولو بشكل بسيط، مع هذه المعضلة الاجتماعية المقرونة بالمنظومة الصحية”.
وردا على الطلبة الذين يرفضون تقليص سنوات الدراسة بدعوى المساس بجودة التكوين، أفاد المسؤول الحكومي بأن “المنتوج المغربي في مجال الطب معروف، ويتم التسابق عليه في العالم”، مؤكدا أن “جودة التكوين لا يمكن أن تكون محل مزايدة”.
قرار سيادي
أكد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أن قرار تقليص سنوات الدراسة من سبع إلى ست سنوات “قرار سيادي”، لأن “الأمر يتعلق بسيادة الدولة، وهو ما يوجب وضع حد للاحتقان وتوضيح حدود مصلحة الطلبة وحدود مصلحة المواطنين”.
وفي سياق متصل، عبر أيت الطالب عن رفضه القاطع فتح أي حوار حول تقليص سنوات دراسة الطب، مشيرا إلى أن “الحكومة اتخذت إجراءات حازمة للقطع مع أي مزايدات حول هذا الموضوع الذي تم الحسم فيه سنة 2022، ولا يمكن أن يكون هذا النظام الجديد مطروحا على طاولة الحوار”.
وردا على مخاوف الطلبة من أن يكون الهدف من القرار هو منعهم من الهجرة للعمل في الخارج، قال أيت الطالب: “لا يمكن أن نمنع أحدا من الهجرة”، فيما أكد أنه “يجب الأخذ بعين الاعتبار عدد خريجي كليات الطب الذي يهاجرون وزيادة عدد الخريجين من أجل تعويض النقص الحاصل”.
ميراوي يتوعد “المحرضين”
في المقابل، اتهم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي “جهات” لم يسمِّها بتحريض طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مقاطعة الدراسة.
وفي خطوة من شأنها تأجيج الاحتقان داخل القطاع، وصف وزير التعليم العالي الآراء التي يعبر عنها الداعون إلى مقاطعة الدراسة في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مواقع التواصل الاجتماعي، بـ”الترهيب”، لافتا إلى أن “من يتحدثون عن هذا الموضوع يخفون وجوههم”.
من جهة أخرى، أفاد ميراوي بأن التكلفة المادية لتكوين كل طبيب في كليات الطب العمومية بالمغرب تصل إلى 100 مليون سنتيم، فيما اعتبر أن الطلبة المقاطعين للدراسة “يحطمون أنفسهم بأنفسهم بسبب توالي الإضرابات، الأمر الذي يؤثر على تكوينهم”.
وفي تعليقه على اتهام الطلبة للوزارتين الوصيتين على القطاع بإغلاق باب الحوار، قال ميراوي بأن “هذا كذب”، مشددا على أن “الحوار ظل مستمرا، بل أكثر من هذا قامت الوزارة بتوجيه نداء إلى الطلبة للحوار ورفضوا تلبية الدعوة”، وفق تعبيره.
وتجدر الإشارة إلى أن طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان يخوضون منذ أسابيع إضرابات متواصلة عن الدراسة مع مقاطعة الامتحانات، وهو ما جعل كلا من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية تدخلان على الخط، بعقد اجتماع مع ممثلي الطلبة، غير أن ذلك لم يسهم في امتصاص غضب المعنيين الذين واصلوا خطواتهم الاحتجاجية، متشبثين بالتراجع عن قرار تقليص سنوات الدراسة.