باشرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بتعليمات من الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أبحاثًا معمقة في ملف معقد يتعلق بالاستيلاء على عقارات مهملة وغير محفظة بضواحي المدينة، وسط معطيات تشير إلى احتمال تورط شخصيات وموظفين بعدة قطاعات، من ضمنها المحافظة العقارية.
وتتمحور التحقيقات حول الطريقة التي يتم بها استخراج الرسوم العقارية، انطلاقًا من مسطرة التحفيظ إلى غاية التمليك، مع التدقيق في الوثائق المعتمدة، وخصوصًا الشهادة الإدارية التي تصدرها السلطة المحلية لتحديد ما إذا كانت الأرض تابعة للأملاك المخزنية أو الأوقاف، والتي تُعد أساسًا قانونيًا يبني عليه المحافظ باقي الإجراءات.
وتشير المعطيات الأولية إلى وجود شخص يُشتبه في كونه العقل المدبر لهذه الشبكة، وقد سبق أن ارتبط اسمه بملف سابق يتعلق بتزوير شهادات إدارية للاستحواذ على أراضٍ بمنطقة سيدي مسعود، أسفر حينها عن توقيف موظف جماعي.
ويعتمد المشتبه فيه أسلوب “استنساخ الملكيات” المنسوبة إلى أحد أقاربه، رغم أن تلك الملكيات سبق أن تم استعمالها في مطلب تحفيظ أُلغي سابقًا، قبل أن يُعاد تقديمها في ملفات جديدة. كما يستغل الشهادات الإدارية المزورة التي سبق استخدامها من قبل آخرين، ليُعيد عبرها تقديم مطالب تحفيظ جديدة بنفس الطريقة.
وتُواصل الأبحاث التركيز على تحديد العلاقة بين المتورطين، والوثائق المستعملة، والتحقق من الطرق التي تم من خلالها تمرير الملفات داخل الإدارة، خصوصًا في ما يتعلق بالأراضي التي كانت في الأصل أراضي “سيفيل” وتحولت إلى ملكيات خاصة.
وتجدر الإشارة إلى أن الملف يهم عقارات ذات قيمة سوقية عالية، منها وعاء عقاري تفوق مساحته 6 هكتارات، تتجاوز قيمته 20 مليار سنتيم، ما يزيد من حساسية القضية وتعقيدها.
كما يُعرف المشتبه فيه بتقديم شكايات كيدية ضد كل من يعترض طريقه، وتصفه بعض المصادر بـ”الماكر العقاري” نظرًا لتمكنه من استغلال الثغرات القانونية والإدارية لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
ومن المنتظر أن تشمل التحقيقات موظفين في قطاعات مختلفة، إضافة إلى نساخ وعدول يُشتبه في تورطهم بإعداد وثائق مزورة. وتتجه الأنظار إلى مآلات هذا الملف الذي قد يطيح برؤوس كبيرة في مجال العقار.
التعاليق (0)