يدخل المغرب، مع نهاية شهر دجنبر، مرحلة من أدق وأهم المراحل المناخية في السنة، والمعروفة محليا بـ“الليالي”، والتي تمتد على مدى أربعين يوما، وتعد بمثابة العمود الفقري لفصل الشتاء.
وتتميّز “الليالي” بقصر واضح في فترات النهار مقابل طول ساعات الليل، إلى جانب انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة، وهو ما يميزها عن باقي فترات السنة، في حين يعتبرها الفلاحون والمهتمون بالشأن المناخي مرحلة فاصلة، قادرة إما على إنقاذ الموسم الفلاحي أو تعقيد مساره.
خبراء في علم المناخ: مرحلة مرتبطة بالانقلاب الشتوي
أوضح خبراء في علم المناخ أن فترة “الليالي” تتزامن مع الأيام الأقصر في السنة، حيث تمتد الليالي لساعات طويلة، بالتوازي مع بدء الانقلاب الشتوي الذي يحل في الـ 21 من دجنبر من كل عام، حيث يسجل خلال هذه المرحلة ضعف في الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى المنطقة الجغرافية التي يوجد بها المغرب، ما ينعكس مباشرة على درجات الحرارة وأنماط الطقس.
ويرتبط هذا التحول، وفقا لذات الخبراء، ارتباطا وثيقا بالتقويم الفلاحي المغربي، الذي يعتمد على تداخل عناصر الزمن والحرارة والتساقطات، في تحديد مواعيد الزراعة ونمو المحاصيل.
ومن أبرز سمات هذه الفترة تراجع درجات الحرارة وتقلص ساعات النهار، مقابل تمدد الليل، وهي وضعية تستمر بفعل ثبات شروط دوران الأرض وحركتها حول الشمس.
أمطار الشتاء تنعش آمال الفلاحين
انطلق هذا الموسم فصل الشتاء في المغرب على وقع استمرار التساقطات المطرية التي شملت عددا من مناطق البلاد، مرفوقة بانخفاض في درجات الحرارة، وهو ما أعاد الأمل إلى الفلاحين، الذين يعولون على استمرار هذه الأجواء لضمان موسم فلاحي جيد، خصوصا بالنسبة للمحاصيل الأساسية، وعلى رأسها الحبوب.
وأكد مهنيون في القطاع الفلاحي أن انتظام الأمطار خلال هذه الفترة يساهم في تحسين مخزون المياه في التربة والسدود، كما يعزز فرص نجاح الزراعات الخريفية والشتوية، ويخفف من آثار سنوات الجفاف التي أثقلت كاهل العالم القروي في السنوات الأخيرة.
وبخصوص فترة “الليالي”، يرى ذات المهنيين أنها تمثل قلب فصل الشتاء الحقيقي بالمغرب، حيث تسجل خلالها درجات حرارة منخفضة قد تصل أحيانا إلى مستويات قياسية في بعض المناطق الداخلية والجبلية، وهو ما يفرض اتخاذ احتياطات إضافية لحماية بعض المزروعات الحساسة من الصقيع.
وأكد ذات الفلاحين أن هذه البرودة تكون مفيدة لعدد من الزراعات إذا اقترنت بتساقطات مطرية منتظمة، معتبرين أن هذه المرحلة هي التي تحدد بشكل كبير مسار السنة الفلاحية، سواء من حيث الإنتاج أو جودة المحاصيل.
وبين رهانات المناخ وانتظارات الفلاحين، تبقى مرحلة “الليالي” فترة مفصلية في الدورة الطبيعية والاقتصادية للمغرب، في بلد يظل فيه المطر عاملا حاسما في الاستقرار الفلاحي والأمن الغذائي.


التعاليق (0)