أكادير : مدينة تسير بسرعتين مشاريع ملكية تبهج وآفات بيئية تقزم

أكادير والجهات

اومشيش المصطفى

تعيش مدينة أكادير مفارقة صارخة بين وجه مشرق ومشروع ملكي طموح يجعل منها مركزا حضاريا متقدما، وبين واقع بيئي ملوث يتجلى بشكل مهين في منطقة أنزا التي تعاني من تدهور مستمر بفعل روائح كريهة تنبعث بشكل يومي من بعض الوحدات الصناعية. المفارقة أن هذه الروائح لا تنبع فقط من استهتار بيئي، بل من لوبي نفوذ متجذر في المدينة، لا يعير أدنى اعتبار للحق الدستوري في العيش داخل بيئة سليمة ونظيفة.

في وقت تنعم فيه المدينة بمشاريع تأهيل كبرى، تشمل البنيات التحتية، والمرافق السياحية، والملاعب الرياضية، وترنو إلى احتضان تظاهرات رياضية عالمية ككأس إفريقيا وكأس العالم، تعيش ساكنة أنزا حالة اختناق حقيقي وسط صمت غير مبرر من السلطات المحلية ومدبري الشأن العام. الروائح الكريهة المنبعثة من المعامل لا تضر فقط بالصحة، بل تجهز على مقومات التنمية المستدامة بالمنطقة، وتجهض كل مشروع سياحي واعد.

الواقع الحالي لأنزا انعكس سلبا على جذب الاستثمارات، وأضعف بشكل كبير من جاذبية المشاريع السياحية، بدءََ من مشروع مسبح الدلافين، إلى تراجع الإقبال على المآوي السياحية، والمقاهي، والإقامات، ناهيك عن عزوف الشباب المستثمر عن المغامرة في بيئة لا توفر الحد الأدنى من الشروط السليمة. كما تراجعت ممارسة رياضات ركوب الأمواج التي اشتهرت بها أنزا دوليا، مما أثر على الأنشطة الاقتصادية والحرف المرتبطة بها.

والأخطر من ذلك أن الملاعب الرياضية كملعب عبد العزيز رفقي الذي يعاد تأهيله لاستقبال فعاليات رياضية وطنية ودولية، يوجد في قلب بيئة خانقة، تنبعث فيها الروائح الكريهة ليلا ونهارا في تناقض صارخ مع ما يفترض أن يكون محيطا صحيا وسليما للرياضيين والشباب. كيف يمكن الحديث عن ملاعب قرب وسط بيئة تنعدم فيها أدنى شروط العيش؟ وكيف يُمكن الترويج لصورة المدينة كوجهة رياضية وسياحية في ظل استمرار هذا التلوث؟

أمام تنامي هذه الروائح وتوسع ضررها، يبقى الصمت الرسمي علامة استفهام خطيرة. من يحمي هذه المعامل؟ ولماذا لا تفعل دفاتر التحملات البيئية؟ ولماذا يسمح لهذا التلوث بالاستمرار وكأنه أمر عادي؟ إنها صرخة تستوجب التفاعل الفوري حماية لحق المواطن في بيئة سليمة، وصونا لصورة المدينة التي تراهن على مستقبل ذكي ومزدهر.

ما يحدث اليوم في أنزا ليس فقط خللا بيئيا، بل إخلالا بالتوازن التنموي، واستهتارا برؤية ملكية تسعى لجعل أكادير قطبا حضاريا متكاملا. إن استمرار هذه المفارقة المقيتة يهدد مشروع مدينة ذكية ويجعل منه شعارا أجوف أمام واقع بيئي متعفن، في تناقض يطرح أكثر من علامة استفهام، ويستوجب مساءلة صارمة من أعلى المستويات.

التعاليق (1)

اترك تعليقاً

    تعليقات الزوار تعبّر عن آرائهم الشخصية، ولا تمثّل بالضرورة مواقف أو آراء موقع أكادير 24.
  1. امين الامازيغي -

    حي ايت تاووكت طريقه غير معبد المجاور بعدة امتار من مدار ابراز المجاور لحي ايليغ الراقي بفيلاته الاشغال تقريبا متوقفة رغم مصادقة السلطات المحلية والمنتخبة علی دالك وتوفر الميزانية خاص الصحافة المحلية اي السلطة الرابعة تقوم بزيارة الحي