واجهت فرنسا أول موجة حر كبرى في صيف 2025، بعدما سجلت مناطق واسعة من جنوب البلاد درجات حرارة اقتربت من 40 درجة مئوية، من بينها مدينة مرسيليا، وهو ما دفع السلطات إلى إطلاق إجراءات طارئة شملت فتح المسابح العامة مجانًا لتخفيف الأثر الصحي عن السكان.
وكشفت صحيفة Le Monde أن ما يُعرف بـ”القبة الحرارية” هو السبب الرئيسي خلف هذه الظاهرة، حيث تشكّل غطاء جوي عالي الضغط استمر لعدة أيام فوق البلاد، ورفع درجات الحرارة بمعدل يزيد ما بين 10 إلى 15 درجة عن المعدلات الموسمية المعتادة. واعتبرت وكالة Severe Weather Europe أن هذه الموجة تمثل الأقوى حتى الآن خلال هذا الصيف، ضمن نمط متكرر من موجات حر تضرب أوروبا منذ أعوام، وصلت في بعض المناطق إلى 43 درجة مئوية كما حدث مؤخرًا في إسبانيا والبرتغال.
ودفعت هذه التطورات وزارة الصحة الفرنسية إلى إصدار تحذيرات صحية شديدة، تركزت حول خطر ضربات الشمس وتدهور الحالات الصحية لدى الفئات الهشة مثل كبار السن، الأطفال، ومرضى الجهاز التنفسي، وفق ما أوردته شبكة Associated Press. كما شجعت السلطات على تقليص الأنشطة البدنية في فترات الذروة، خاصة في مواقع الأشغال العامة والمهن الميدانية التي تتطلب مجهودًا جسديًا في الهواء الطلق.
وعلى مستوى الطاقة، أفادت وكالة Reuters أن بعض محطات الطاقة النووية الواقعة شرق البلاد، مثل محطة “بيجي”، اضطرت إلى خفض إنتاجها بسبب ارتفاع حرارة مياه نهر الرون، مما أثّر على عمليات التبريد وشكّل ضغطًا على استقرار الشبكة الكهربائية الوطنية.
وامتدت تأثيرات هذه الموجة الحرارية إلى مستوى أوروبي، حيث أصدرت دول مثل إسبانيا والبرتغال تحذيرات مماثلة بعد أن تجاوزت درجات الحرارة 42 و44 درجة على التوالي، وهو ما استدعى تدخلات استثنائية لرعاية الفئات الضعيفة وضمان الخدمات الطبية والاجتماعية الأساسية.
وعزت الأوساط العلمية، حسب تقارير دولية، هذه الظواهر إلى التغير المناخي واضطراب التيارات الجوية السريعة، الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتيرة موجات الحر في أوروبا من حيث الشدة والتكرار، ما يطرح تحديات متزايدة على مستوى الصحة العامة والبنى التحتية والطاقة.
ويُعد ما تمر به فرنسا الآن جرس إنذار جديد يؤكد أن القارة الأوروبية تدخل مرحلة مناخية حرجة، تتطلب سياسات متقدمة للتكيّف، واستثمارات أكثر جرأة في مجالات الحماية البيئية والتأقلم المناخي. فموجة الحر الحالية ليست فقط اختبارًا موسميًا، بل مؤشرًا إضافيًا على تحولات كبرى يشهدها النظام البيئي العالمي.
التعاليق (0)