بقلم: احمد بومهرود
في عزّ الصيف، وتحت لهيب شمس الصحراء الحارقة، يُنقل مئات من الأشقاء الأفارقة جنوب الصحراء من مختلف المدن الجزائرية نحو المجهول. يتم تجميعهم في حافلات حكومية، بعد أن يتعرض كثير منهم – بحسب شهادات منظمات غير حكومية وناجين – للضرب والإهانة، قبل أن يُلقى بهم في مناطق نائية على تخوم الحدود الصحراوية دون ماء أو طعام، ولا حتى الحد الأدنى من مقومات الحياة.
هذه الممارسات، التي توصف بأنها «ترحيل قسري» و«تجريد من الإنسانية»، تثير قلقًا متزايدًا وسط منظمات حقوقية محلية، في ظل صمت دولي يكاد يكون تواطؤًا ضمنيًا. السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: أين هي منظمات المجتمع المدني الدولية؟ أين هي المؤسسات الحقوقية التي طالما تبنت الدفاع عن حقوق الإنسان وكرامة اللاجئين والمهاجرين؟
الجزائر، التي طالما شكّلت ممرًا أو محطة مؤقتة للآلاف من المهاجرين الأفارقة في طريقهم نحو أوروبا، تواجه الآن اتهامات متكررة بانتهاك حقوق هؤلاء، سواء عبر الاعتقالات العشوائية، أو الترحيل دون محاكمات، أو النقل في ظروف لاإنسانية إلى مناطق حدودية مع النيجر ومالي، حيث يواجه هؤلاء المهاجرون مصيرًا مجهولًا وسط حرارة تتجاوز الخمسين درجة مئوية.
شهادات ناجين نُقلت عبر منظمات دولية غير حكومية كشفت عن صور مروعة: أطفال صغار، نساء حوامل، وشباب في مقتبل العمر، تُركوا بلا ماء ولا غذاء في مناطق نائية، ما يهدد حياتهم ويعرضهم للموت عطشًا وجوعًا.
منظمة هيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود تحدثت سابقًا عن هذه الانتهاكات، لكن الردود الدولية ما تزال خجولة، إن لم نقل غائبة. وهنا، يبرز دور المجتمع المدني العالمي، والمنظمات الحقوقية، والإعلام الدولي، للضغط من أجل وقف هذه السياسات والممارسات فورًا، وفتح تحقيقات شفافة، وضمان المعاملة الكريمة لكل مهاجر، بصرف النظر عن وضعه القانوني.
لقد حان الوقت لتجاوز البيانات الدبلوماسية والتصريحات الباردة، والانتقال إلى تحرك حقيقي. فصمت العالم اليوم، يعني شراكة غير معلنة في هذه المأساة.
في النهاية، لا يتعلق الأمر فقط بالجزائر، بل بقيم إنسانية مشتركة نؤمن بها جميعًا: الكرامة، العدالة، والحق في الحياة.
التعاليق (0)