شهدت الأيام الأخيرة بالمغرب تفاعلاً واسعًا حول موضوع عيد الأضحى، وسط استمرار الإقبال الكبير للمواطنين على اقتناء الأضاحي، بالرغم من الدعوة الملكية التي ناشدت الشعب المغربي بعدم القيام بشعيرة الذبح هذا العام، نظرًا للظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وسُجلت حركة نشطة بأسواق الماشية في مختلف جهات المملكة، حيث أقبلت أسر مغربية من مختلف الفئات على اقتناء الأغنام، في تعبير عن تشبثها بعادة العيد، رغم موجة الغلاء وتدهور القدرة الشرائية. هذا الإقبال المفاجئ أثار مخاوف عدد من المهنيين والمختصين، بالنظر إلى الوضعية المتدهورة للقطيع الوطني بسبب الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف.
ويرى مراقبون أن الإصرار على الذبح في الظرفية الحالية لا يهدد فقط التوازن البيئي والاقتصادي، بل يتعارض مع مبدأ التضامن الذي حملته الرسالة الملكية، والتي دعت إلى التخفيف عن الفئات المتضررة من موجة الغلاء، والحفاظ على الثروة الحيوانية الوطنية.
وفي السياق ذاته، كشفت مصادر متطابقة أن السلطات المحلية بعدد من الأقاليم توصلت بتعليمات تقضي بتعليق عدد من الأنشطة المرتبطة بعيد الأضحى، وذلك تفعيلًا لمضامين التوجيه الملكي الذي دعا المغاربة إلى الامتناع عن أداء الشعيرة هذه السنة.
ووفق المعطيات المتوفرة، فقد تلقى باشاوات وقياد عدة مناطق تعليمات شفوية تدعو إلى الحد من مظاهر العيد، من بينها منع بيع الأضاحي داخل “الكراجات” وبعض الضيعات الفلاحية، إضافة إلى حظر بيع الأعلاف والتبن، ومنع نشاط شحذ السكاكين في الأزقة والشوارع، إلى جانب منع بيع الفحم المخصص للشواء وشي رؤوس الأضاحي في الفضاءات العمومية.
وكان الملك محمد السادس قد توجه إلى الشعب المغربي برسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، دعا فيها إلى عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى هذا العام، مشيرًا إلى التحديات المناخية والاقتصادية وتراجع أعداد القطيع الوطني، مؤكدا أنه سيقوم بذبح الأضحية نيابة عن الشعب، اقتداءً بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي قال: “هذا عني وهذا عن أمتي”.
ويُتوقع أن يؤدي استمرار الإقبال على شراء الأضاحي إلى مزيد من الضغط على السوق وارتفاع الأسعار، ما قد يفاقم معاناة الأسر الفقيرة والمتوسطة، ويستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المختصة لضمان التوازن بين الحفاظ على العادات وحماية الموارد الوطنية.
التعاليق (0)