الرابطة المغربية تدق ناقوس الخطر: وضع كارثي للصحة النفسية والإدمان يستدعي تحركًا عاجلاً

IMG 20250420 WA0024 مجتمع

أطلقت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان صيحة فزع مدوية إزاء الأوضاع المتردية التي يعيشها المرضى العقليون والنفسيون والمدمنون في المغرب، واصفة الوضع بـ “الكارثي”. في بلاغ شديد اللهجة، استنكرت الرابطة بشدة الغياب التام لسياسة صحية وطنية متكاملة تعنى بهذا الشق الحيوي من الصحة، والتدهور المهول الذي تعاني منه البنيات الاستشفائية المتهالكة، فضلاً عن النقص الحاد والمقلق في الموارد البشرية المتخصصة. واعتبرت الرابطة هذا الإهمال مساسًا سافرًا بالحق الدستوري والحقوقي في الصحة والكرامة الإنسانية.

الأرقام التي ساقتها الهيئة الحقوقية ترسم صورة قاتمة للواقع المرير، حيث كشفت عن خصاص مهول في جميع المستويات. فمع وجود أكثر من 37 مليون مواطن، لا يتوفر المغرب سوى على 2260 سريرًا مخصصًا للطب النفسي، ويخدمهم فقط 655 طبيبًا نفسيًا. والأدهى من ذلك، أن الميزانية المخصصة للصحة النفسية لا تتعدى 6% من إجمالي ميزانية قطاع الصحة، وهو رقم هزيل لا يرقى إلى حجم التحديات والاحتياجات المتزايدة.

لم يتوقف قلق الرابطة عند هذا الحد، بل أشارت بأسف بالغ إلى الغياب شبه التام لمراكز الإيواء المتخصصة، ومحدودية الاستجابة الطارئة في المدن الكبرى والجهات الجنوبية. وفي سياق متصل، سجلت الرابطة تأخرًا غير مبرر وطال أمده في افتتاح مستشفى الأمراض العقلية بمدينة القنيطرة، رغم انتهاء الأشغال به منذ فترة طويلة. هذا التأخير، بحسب الرابطة، فاقم معاناة الأسر التي تجد نفسها عاجزة عن توفير الرعاية اللازمة لأبنائها المرضى، وتضطر في كثير من الأحيان إلى التنقل لمسافات بعيدة بحثًا عن بصيص أمل، غالبًا ما يكون سرابًا. وقد نتج عن هذا الوضع المؤسف انتشار عدد من المرضى العقليين في شوارع القنيطرة، بلا مأوى ولا رعاية، مما يشكل خطرًا حقيقيًا على سلامتهم وسلامة المواطنين، في ظل غياب أي تدخل جاد من الجهات المسؤولة لضمان حقهم الأساسي في العلاج والحماية.

وفي شهادة أخرى مؤلمة على حجم المعاناة، رصدت الرابطة مؤخرًا واقعة مأساوية بمستشفى الأمراض النفسية بإنزكان، حيث قوبل شاب في وضعية نفسية حرجة قادم من مدينة الوطية بالرفض، على الرغم من خطورة حالته. هذه الواقعة تكشف عن خلل بنيوي عميق في آليات الاستجابة للحالات الطارئة، وتعكس بوضوح الطاقة الاستيعابية المحدودة للقطاع برمته.

أمام هذا الوضع المأساوي، شددت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان على ضرورة التحرك العاجل والفعال لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وطالبت بالإسراع الفوري بفتح وتجهيز مستشفى الأمراض العقلية بالقنيطرة وفقًا للمعايير الوطنية والدولية، واعتماد سياسة وطنية شاملة للصحة النفسية والإدمان ترتكز على مقاربة حقوقية وإنسانية تضع كرامة الإنسان في صميم اهتماماتها. كما دعت إلى تعزيز البنيات الاستشفائية وتوفير الموارد البشرية المؤهلة والكافية، وإنشاء مراكز استقبال مجهزة للتعامل مع الحالات المستعجلة، وضمان احترام الحق في الصحة النفسية لجميع المواطنين دون تمييز، وتفعيل آليات المراقبة والمساءلة لضمان جودة الخدمات المقدمة.

ولم تغفل الرابطة الإشارة إلى ضرورة التصدي الحازم لظاهرة تشريد المرضى العقليين في الشوارع، من خلال إنشاء مراكز إيواء متخصصة توفر لهم الرعاية والدعم اللازمين. وفي ختام بلاغها، وجهت الرابطة نداءً مباشرًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، مطالبة إياه بتحمل مسؤوليته الدستورية والأخلاقية كاملة، واتخاذ تدابير عاجلة وشجاعة لحماية كرامة هذه الفئة الهشة والمهمشة، وضمان ولوجهم المتكافئ والعادل إلى العلاج، بما يعيد الثقة في الدولة ومؤسساتها لدى من هم في أمس الحاجة إلى الحماية والرعاية. إن الوضع الراهن يستدعي صحوة ضمير وتحركًا جادًا قبل فوات الأوان.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً