وجدت المصالح المسؤولة عن مراقبة جودة وسلامة المنتجات الغذائية بالمغرب، وخاصة المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية “أونسا”، نفسها وسط زوبعة من الانتقدات، بعد ظهور معطيات تفيد بتفشي داء السل بالمغرب نتيجة استهلاك منتجات ملوثة من مشتقات الحليب.
ووفقا لما أورده نائب رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، عبد الكريم الشافعي، فقد بلغت حالات السل بالمغرب 30 ألفا وسط صمت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، منبها للمخاطر التي تمثلها منتجات الألبان غير المعقمة التي يبتاعها الناس من الباعة المتجولين، أو ما يعرف في الأوساط الشعبية بـ”حليب العبار”.
وأفاد الشافعي بأن الحليب الذي يتاجر فيه الباعة المتجولون بالأسواق الشعبية وعند جنبات المساجد لا يخضع لمراقبة المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية، ولا يمكن للجان المراقبة أن تتفحصه لأنه منتوج صادر عن قطاع غير مهيكل.
وفي المقابل، دعا المتحدث المستهلكين إلى اختيار “الحليب المبستر، أي المعقم والمراقب”، باعتبار أنه “يخضع للغليان في درجة حرارة تقضي على كل البكتيريا، بما في ذلك المسببة لداء السل”.
من جهة أخرى، لفت الفاعل المدني إلى خطورة القوارير البلاستيكية التي يوضع فيها هذا النوع من منتجات الحليب واللبن (…) قبل نقله من مناطق الإنتاج إلى نقاط البيع تحت أشعة الشمس، مشددا على أن “هذا النوع من المنتجات يحتاج إلى ااحفظ في درجات حرارة معينة للبقاء صالحا للاستهلاك”.
وخلص ذات المتحدث إلى أن “هذه العناصر مجتمعة تؤدي إلى تلويث الحليب بالإضافة إلى مشتقاته كالزبدة واللبن، وتجعل استهلاكه خطيرا للغاية”، فيما حذر من أن السل “ليس مجرد مرض رئوي كما قد يتصور البعض، بل هو داء خطير وقاتل من شأنه أن يصيب الكلي أو الكبد أو الرئة أو حتى المخ”.
وانتشر فيديو بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي لسيدة أعلنت إصابتها بداء السل اللمفاوي بعد استهلاكها لحليب خام، مشيرة أنها خضعت لعملية جراحية لاستئصال الغدد المصابة، بعدما أظهر التشخيص الطبي أن مصدر العدوى هو الحليب التقليدي الذي استهلكته، وأنها ستخضع إلى جانب العملية الجراحية لبروتوكول علاجي طويل الأمد، يتراوح بين ستة أشهر وسنة، يعتمد في العادة لعلاج داء السل.
ووصل صدى هذا الموضوع إلى البرلمان، حيث نبه بعض النواب إلى القلق المتزايد وسط المواطنين ومهنيي الصحة بسبب ارتفاع نسب الإصابة بداء السل اللمفاوي في عدد من المناطق بالمغرب، لافتين إلى أن هذه الإصابات تأتي في سياق يطرح فيه بشدة احتمال وجود علاقة بين هذه الحالات وسبل انتقال عدوى السل البقري، سواء عبر استهلاك منتجات حيوانية غير خاضعة للمراقبة الصحية، أو من خلال الاحتكاك المباشر بالحيوانات المصابة.
واعتبر ذات النواب أن تداخل الاختصاص بين وزارتي الصحة والفلاحة، يجعل من الضروري تنسيقا عاجلا ومشددا لتطويق أي بؤر محتملة، وضمان عدم تفشي العدوى، خاصة في ظل محدودية التوعية بخطورة السل اللمفاوي وأعراضه، وكذا ضعف المراقبة في بعض سلاسل توزيع الحليب ومشتقاته أو لحوم الأبقار.
وتجدر الإشارة إلى أن داء السل اللمفاوي هو أحد أشكال مرض السل الذي يصيب العقد الليمفاوية في الرقبة، مما يسبب ظهور كتلة كبيرة في الرقبة، ويطلق عليه أيضا اسم التهاب العقد اللمفية السلي العنقي، حيث تستقر البكتيريا في العقد الليمفاوية في الرقبة بدلا من الرئتين.
التعاليق (0)