في سابقة الأولى من نوعها في إقليم تزنيت، وربما في المغرب ككل، نحن أمام مشهد سياسي يثير الدهشة والاستغراب.
قد تعتقد أن الأمور تسير بشكل طبيعي عندما تسمع عن تفعيل مادة 70 من القانون التنظيمي لإقالة رئيس جماعة، لكن عندما تدرك أن جميع الأعضاء الـ16 الذين يديرون جماعة وجان إقليم تزنيت ينتمون إلى حزب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، تبدأ في التساؤل: هل نحن في زمن الديمقراطية الداخلية أم أن الأمر لا يعدو كونه صراعًا على الكراسي؟
في مشهد يذكرنا بحروب القبائل القديمة التي كان فيها الإخوة يتصارعون على النفوذ والسلطة، يبدو أن أعضاء حزب أخنوش في جماعة وجان قرروا استخدام “الأسلحة القانونية” لإسقاط رئيسهم، وهو أيضًا من نفس الحزب.
يبدو أن الخلافات السياسية لم تعد تحتاج إلى معارضة خارجية، بل أصبحت تنبع من الداخل، لكن ما الذي يمكن أن يجعل أعضاء من نفس الحزب يرغبون في الإطاحة برئيسهم؟
هل هو مجرد اختلاف في الرؤى والتوجهات؟ أم أن هناك مصالح شخصية ضاقت بها صدورهم، وقرروا الانتقام السياسي بشكل علني؟ أم أن هذه الحركة هي نوع من “الديمقراطية الداخلية” التي تحاول أن تثبت للعالم أن حزب أخنوش يمتلك شجاعة محاسبة قادته حتى ولو كانوا من بين صفوفه؟
لكن، بعيدًا عن محاولات الفهم الجادة، فإن هذه الظاهرة تفتح الباب على مصراعيه للسخرية والتندر.
كيف يمكن لحزب يدير الحكومة أن يعجز عن إدارة جماعة صغيرة مثل وجان بإقليم تزنيت؟ وهل يمكننا أن نتصور مشهداً مماثلاً على مستوى أعلى، حيث يحاول أعضاء من نفس الحزب إقالة رئيس الحكومة نفسه؟ أو ربما سيقرر أعضاء الحزب في المستقبل القريب أن يطالبوا بإقالة رئيسهم من الحزب نفسه!
الأمر يبدو وكأننا في مسرحية هزلية، حيث يتحول السياسيون من فريق واحد إلى خصوم داخل حلبة واحدة، يتراشقون الاتهامات ويتنافسون على من سيكون صاحب الضربة القاضية.
وبينما ينتظر المواطنون حلولًا لمشاكلهم اليومية، يجدوا أنفسهم أمام مشهد كوميدي يتابعه الجميع بانتظار النتيجة النهائية: من سيسقط ومن سيبقى؟
في النهاية، يبدو أن هذه القضية هي فرصة ذهبية للإعلام لتسليط الضوء على ظاهرة قد تصبح سابقة لأحداث مشابهة في المستقبل. إذا كان أعضاء حزب أخنوش في وجان يرغبون في إسقاط رئيسهم، فإن السؤال الكبير هو: هل سيتعلمون من هذه التجربة ويستخدمونها لإصلاح النظام الداخلي لحزبهم؟ أم أن الكراسي ستظل هي الهدف الوحيد في هذا الصراع العجيب؟
عبدالله بن عيسى لأكادير 24