أعربت أسرة الشاب المدعو قيد حياته ياسين الشبلي، عن “رفضها المطلق لمخرجات بلاغ الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش“، والذي برأ عناصر الأمن من المسؤولية في وفاة الشاب المذكور أثناء إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية بمخفر الشرطة بالمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير.
وشددت الأسرة على تشبثها بانتزاع ما اعتبرته “حقا في إظهار الحقيقة غير مزورة وإحقاق العدالة في غير التواء”، مهددة بـ”نقل المعركة للقضاء الدولي بحثا عن العدالة والحقيقة”.
واعتبرت الأسرة في بلاغ لها أن “تقرير الخبرة الطبية جاء ناقصا ومبتورا، حيث لم تتم الإشارة فيه إلى توقيت الوفاة ولم يحدد سبب الوفاة المباشر”، مطالبة بـ”تعميق الخبرة لمعرفة ما نقص منها ولو من جهة محايدة إن استدعى الأمر ذلك”.
وحملت العائلة القضاء والوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش “مسؤولية أي تصرف قد يضر بأحد أفراد أسرة شبلي”،
مستحضرة في هذا الصدد “الحالة الصحية لوالدة ياسين التي تعيش حالة نفسية رهيبة خاصة بعد صدور البلاغ، إذ حاولت إضرام النار في جسدها أمام المنطقة الأمنية بابن جرير”.
وكانت عناصر من الشرطة القضائية بابن جرير قد انتقلت لمنزل الشاب ياسين الشبلي الذي توفي بعد وضعه رهن تدابير الحراسة بمخفر شرطة بن جرير، لإبلاغ عائلته بنتائج التحقيقات والأبحاث القضائية التي أجريت في الوفاة.
هذا، وقد سلمت عناصر الشرطة الأسرة بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، والذي كشف فيه أن “وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي لم تكن ناتجة عن ظروف إيقافه واقتياده لمركز الشرطة، ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة، وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه لنفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها”.
وأفاد الوكيل العام للملك أنه تم فتح بحث بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء بناء على تعليمات هذه النيابة العامة وتحت إشرافها، للتحقق مما جرى تداوله ببعض الوسائط الاجتماعية، بخصوص ظروف وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي خلال فترة إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية بمخفر الشرطة بالمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير.
وأوضح البلاغ أن نتائج البحث أظهرت أن “المعني بالأمر تم إيقافه بالشارع العام بتاريخ 05/10/2022، من أجل السكر العلني واعتراض سبيل المارة وإثارة الضوضاء”، مضيفا أنه “تم الاستماع إلى جميع عناصر الشرطة الذين عملوا على إيقافه وكذا وضعه بالغرفة الأمنية المخصصة للحراسة النظرية، بالإضافة إلى المشرفين على مراقبتها الذين صرحوا بأن الهالك كان في حالة غير طبيعية وأبدى مقاومة أثناء إيقافه واقتياده لمصلحة الشرطة، حيث عرضهم بداخلها للسب والقذف بعبارات نابية”.
وأضاف البلاغ أن المعني بالأمر “عرض أحد عناصر الشرطة للعنف والبصق على وجه عنصر آخر، مما جعلهما يقومان بصفعه، في حين صرح أحد عناصر الشرطة المكلف بمراقبة الغرف الأمنية أنه تدخل لتهدئة المعني بالأمر بضربه أسفل رجله من الخلف بعدما تسبب في إحداث فوضى وضوضاء داخل الغرف الأمنية نتيجة توجيهه عبارات السب للأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية”.
وأكد البلاغ أنه “تم الاستماع لستة أشخاص تزامن وجودهم مع تواجد الهالك رهن تدبير الحراسة النظرية”، حيث “أكد خمسة منهم بأنه كان يتواجد بزنزانة بمفرده وكان في حالة هستيرية ويوجه السب والتهديد لعناصر الشرطة والأشخاص الموقوفين ولم يشاهدوا أيا من عناصر الشرطة يقوم بإيذائه، فيما أكد السادس بأن الهالك كان عدوانيا وشاهد أحد عناصر الشرطة يعرضه للعنف، وهو ما يطابق ما صرح به أحد عناصر الأمن المكلف بمراقبة الموضوعين تحت تدبير الحراسة النظرية”.
وأفاد بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أنه و”بغاية التأكد من هذه المعطيات، تمت مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة سواء الثابتة أو المتحركة التي غطت المسار الذي سلكه المعني بالأمر منذ لحظة إيقافه مرورا بمدخل الديمومة ومقرها والممر المؤدي للغرف الأمنية، بالإضافة إلى تسجيلات الكاميرا داخل الغرفة الأمنية التي كان يتواجد بها”.
وتبين من خلال هذه التسجيلات، حسب المصدر نفسه، أن الهالك “كان في حالة هستيرية نتيجة حالة السكر المتقدمة التي كان عليها، حيث كان يقوم بالصراخ ويتجول يمينا ويسارا موجها عبارات السب والشتم في حق عناصر الشرطة، وأحيانا يقوم بضرب الحائط والباب الحديدي برجله وصدره”.
ولفت البلاغ إلى أن الموقوف “لم يعد يسيطر على توازنه، حيث كان يترنح ويسقط على الأرضية الصلبة للغرفة مرارا على وجهه وعلى الجزء الخلفي من رأسه، ثم دخل في حالة تقيئ شديدة استدعت نقله إلى المستعجلات، غير أنه رفض تلقي الحقنة التي وصفتها له الطبيبة المداومة بعد كشفها عن حالته، رغم كل المحاولات في إقناعه كما جاء في تصريحات الممرضتين وعناصر الشرطة الذين رافقوه للمستعجلات”.
وشدد المصدر ذاته على أن “النيابة العامة أمرت بإجراء تشريح طبي على جثة الهالك أسندته للجنة طبية ثلاثية، وذلك من أجل كشف أسباب الوفاة وبيان طبيعة الجروح والإصابات وعلاقاتها بالوفاة”.
وأفاد البلاغ أن تقرير التشريح الطبي خلص إلى أن “الوفاة تسبب فيها اختناق مرتبط برضوض متعددة تمثلت في صدمة وجهية وكدمات على مستوى الرأس واحتقان دماغي مع صدمة في العمود الفقري العنقي، وهي كلها أعراض ناتجة عن السقوط المتكرر للهالك المترتب عن فقدان التوازن بسبب حالة السكر المتقدمة التي كان عليها”.
وأكد المصدر ذاته أنه “تم تقديم أربعة عناصر من الشرطة أمام هذه النيابة، حيث تم تقديم ملتمس بإجراء تحقيق في حق أحدهم لكونه يتسم بصفة ضابط شرطة قضائية في إطار قواعد الاختصاص الاستثنائية للاشتباه في ارتكابه العنف أثناء قيامه بوظيفته ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، مع التماس إيداعه السجن”.
وأشار البلاغ إلى أن “قاضي التحقيق أمر بإيداع الضابط بعد استنطاقه بالسجن على ذمة هذه القضية، فيما أحيلت باقي العناصر على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بابن جرير للاختصاص، والذي قرر بدوره متابعة عنصرين اثنين في حالة اعتقال للاشتباه في ارتكابهما العنف أثناء قيامهما بوظيفتهما ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، فيما قرر متابعة الثالث في حالة سراح من أجل الاشتباه في ارتكابه جنحة التسبب في القتل الغير العمدي نتيجة عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، مع إحالة الجميع على المحكمة لمحاكمتهم طبقا للقانون”.