كشفت أحدث بيانات الحكومة الإسبانية أنَّ العقوبات الجزائرية التي فُرِضَت عليها في أعقاب تغيير موقفها إزاء الصحراء المغربية كلّفها خسائر تفوق 258 مليون دولار من عائدات التصدير.
وحسب ما أورده موقع Middle East Eye البريطاني، فإن التكلفة النهائية للتداعيات بين البلدين قد تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، وفقا للبيانات الصادرة عن الصادرة عن وزارة الصناعة الإسبانية.
وكانت الجزائر قد أعلنت في يونيو الماضي عن سلسلة من الإجراءات التي من شأنها منع تبادل السلع والخدمات غير المتعلقة بالطاقة مع إسبانيا، بعد أن أعلنت الأخيرة دعمها لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.
انخفاض الصادرات الإسبانية
تكشف نظرة فاحصة على أرقام وزارة الصناعة أنَّ الصادرات الإسبانية إلى الجزائر انخفضت إلى 28 مليون يورو (27 مليون دولار) في يوليوز الماضي، وهو أدنى مستوى لها منذ يناير 1995، عندما بدأت السجلات بين البلدين.
وخلصت أحدث الأرقام التجارية الصادرة عن وزارة الصناعة الإسبانية إلى أن القيود التي فرضت على إسبانيا منذ حوالي شهرين، ستكون لها تكلفة أكبر بالنسبة لكل من الجزائر ومدريد.
ومن جهتها، كشفت صحيفة “إندبنتي” الإسبانية أن مدريد خسرت الكثير في الجانب الاقتصادي والتجاري خاصة في مجالات السيراميك والأسماك واللحوم ومنتجات نسيجية، وهو ما جعل الغرف الصناعية تشتكي من تراجع الصادرات نحو الجزائر، ومنه خسارة ثاني زبون تجاري لإسبانيا في أفريقيا، حيث كانت الصادرات الإسبانية نحو الجزائر تتراوح بين 1.5 مليار أورو ومليارين، وبحجم مبادلات يصل إلى 8 مليار أورو.
وأضافت الصحيفة أن التكلفة الاقتصادية تتفاقم دون أفق للحل، حيث وصلت خسائر السيراميك إلى 30 مليون يورو في القطاع الإسباني، أما على الجانب الجزائري فقد توقعت الصحيفة أن تصل الخسائر إلى 650 مليون يورو، وهو تقدير يستند إلى أرقام صادرات من إسبانيا تم تسجيلها العام الماضي.
لا توجد تجارة بين الجزائر وإسبانيا باستثناء الغاز
وفقا لما كشف عنه مصدر جزائري تحدّث لموقع Middle East Eye، شريطة عدم الإفصاح عن هويته، فإن “آخر المعلومات حول هذا الموضوع هي أنه لا توجد تجارة بين الجزائر وإسبانيا باستثناء الغاز”.
هذا، ولم توقف الجزائر تدفق الغاز إلى إسبانيا رغم العقوبات التي لجأت إليها، ذلك أنه يدر عليها مئات الملايين من الدولارات، خاصة بعد ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي مع اشتداد الحرب في أوكرانيا.
وفي محاولة لتأمين إمدادات الطاقة لفصل الشتاء، دخلت إسبانيا أيضاً في عملية تفاوض “مريرة” مع منتج الطاقة الجزائري سوناطراك.
وأبرم الجانبان، يوم الخميس 6 أكتوبر الجاري، اتفاقاً لبقية العام الجاري، واتفقا على استئناف المفاوضات في عام 2023 بشأن مزيد من إمدادات الغاز، لكن بعض المحللين يعتقدون أنه سيتعين على مدريد دفع ما يصل إلى 30% أكثر مقابل الحصول على الغاز.
انقام الجزائر
علّقت الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع مدريد في يونيو الماضي، بعد إعلان إسبانيا في مارس المنصرم دعمها لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، ثم منعت الرابطة المهنية للبنوك والمؤسسات المالية جميع المعاملات مع إسبانيا.
وأثارت عقوبات الجزائر جدلا واسعا في إسبانيا بين المعارضين لحكومة بيدرو سانشيز، الذين اتهموه بزعزعة استقرار العلاقات التاريخية بين مدريد والجزائر، ومنهم من أبدى تخوفه من أن تقرر الجزائر توقيف إمداد بلادهم بالغاز.
وفي مقابل ذلك، تعتبر حكومة سانشيز أن المغرب شريك موثوق لا يجب التخلي عنه، خاصة وأن حجم المعاملات الذي يربط البلدين يفوق نظيره مع الجزائر.