صادف مرورنا، يوم الأحد 27 مارس، بإمي نتيزخت إحدى قرى وادي أملن،انعقاد “المعروف نتربعيين ” وهو ملتقى يجتمع فيه أهالي القرية ،أغلبهم من نساء القرية وأطفالها،تحت أشجار الزيتون ” بتاركا ” لطهي ما جادت به الساكنة من دقيق وحبوب وقطاني…
قديما كان الطعام ” المعروف” يقتصر على العصيدة المصنوعة من الشعير أو الفول ” تالخشا ” ، أما اليوم فأصبح الكسكس بلحم الماعز والدجاج سيد الأكلات المقدمة. ولا تخلو موائد ” المعروف ” من كؤوس الشاي ..
ويعتبر “المعروف نتربعيين1 ” واحدا من بين سلسلة من ” المعاريف” ( جمع معروف” ، و أخرها. تقام ” المعاريف” سنويا على مقربة من قبور الأوليأء الصالحين دفيني أفلا واسيف وهم : سيدي موحدي وسيدي عبد الثواب وفق تسلسل زمني وتنتهي الدورة عند سيدي عبد الجبار ..
يجتمع أهل القرية ،في كل معروف ،للتعبير بالفعل لا بالقول فحسب عن تآزرهم وتضامنهم وتسامحهم. ويعتبر طقس الطعام الجماعي باستعمال”تافضنا ” (انظر الصورة المرفقة ) رمزا لذلك التضامن.
ويكون ” المعروف” فرصة أيضا للدعاء وطلب الغيث في أوقات القحط وكلما شحت السماء.وهي من العادات العريقة بالمنطقة تجددت ، بعد إنقطاعها حينا من الدهر، على عهد الفقيه سيدي الحاج أحمد أو عبد الرحمان الجاستيمي (2) الذي باركها أواخر القرن الثالث عشر للهجرة .
وبالموازاة من انشغال النساء بجلب الماء والطهي ينتظم الأطفال والكبار حول حلقات تسمى “الكور ” مرددين أدعية محلية موروثة ومنها” أنزار أبابا ربي توفت تومين بوفقوس يوف بوفقوس إغرمان ..أد إجبر ربي غواسيف ليجبار ” ويختتمون تجمعهم بدعاء جماعي، يؤطره فقيه القرية، تضرعا للعلي القدير بأن يرسل السماء عليهم مدرارا .
وتجمع الروايات الشفوية التي استقيناها من المجال، أن الله سبحانه وتعالى يستجيب لدعائهم بمجرد وصولهم ” إسدرام ” وهي منطقة مشرفة فتتقاطر عليهم السماء بالغيث ..
(1)تاربعيت هو مقدار أصغر إناء بالمنزل وهو سطل صغير .
(2) هو العلامة الحاج احمد الجشتيمي دفين قرية تيوت ضواحي تارودانت سليل العائلة الجشتيمية المشهور ة بالعلم والعمل وفي مجال الإصلاح الاجتماعي حيث كان للجشتيمين ولمدرستهم دور مهم في مرحلة عصيبة في تاريخ المغرب فكان ،وأجداده يسعون للإصلاح بين القبائل ويعملون على حقن الدماء وتثبيت السلم والأمن ومنع الفتن بين الناس وتشهد سيرهم ورسائلهم بأعمالهم العظيمة في هذا المجال مما يجعلها في طليعة المؤسسات العلمية المؤثرة في سوس بل في المغرب أجمع.
بقلم م. المصطفى النقراوي