السنوات العجاف بسوس ماسة
ما تعيشه جهة سوس ماسة اليوم، على المستويات الاقتصادية والثقافية ، من تراجع كبير ، ليس وليد اليوم وليس مشكلا ظهر بين عشية وضحاها .
فنتائج التسيير الجهوي والجماعي، لا تظهر من خلال ولاية واحدة ، أو ولايتين ، بل أن اثارها تظهر بعد ذلك بكثير .
لقد شكل إبعاد الفاعل المحلي المدني والثقافي وحتى السياسي ، وعدم إعمال المقاربة التشارقية في صناعة القرار المحلي والجهوي ، عندما يمنع من التخطيط والتفكير واعطاء الرأي التشاوري ، جزءا من الثمن الذي ندفعه اليوم في الجهة ، الى جانب غياب تخطيط إستراتيجي تنموي محكم .
نحن لا نتحدث اليوم عن مخلفات كورونا ، ولاحتى عن آثارها السبيلة على القطاع السياحي الذي يعثبر من أهم شرايين الاقتصاد المحلي والجهوي ، ولا حتى عن آثار الجفاف وغياب رؤية حكيمة لتدبير الماء و نوع المزروع ، بل نتحدث عن مخلفات من ركبوا بحر السياسة من ساستنا الجدد ،او كما سماهم أحد الباحثين في الشأن السياسي بالمضللين … بالجهة و مدينة أكادير مركزها الأساس ، سياسيين جدد كان همهم الوحيد البحث عن مصادر الثروة والترقي الاجتماعي،كما يبحث عموم الشعب أين دهبت هذه الثروة ،خاصة مع ماتعيشه الجهة من ركود غير نسبوق ومن ارتفاع مهول للأسعار كغيرها من باقي مناطق المغرب .
اليوم نقول لكم ” مبروك عليكم ما انتم فيه ” ونستحق نحن من صوت لخراب هذه الجهة .
نعم هي الحقيقة المرة نحن من خربناها لان العديد منا من النزهاء والمثقفين والسياسيين تراجعوا للوراء وتركوا المجال لسياسيين على المقاس ، هم يعلمون جيدا من أين تؤكل الكتف ، من العقار خلال اعادة ايواء دور الصفيح، الى اغراق مجال الأركان والمنتوجات المحلية ، فاليوم يشتري أهل سوس وضيوفها زيت الاركان ب 600 درهم للتر الواحد ، وهم الذين كانوا يحرصون ثمار هذه الشجرة المباركة ، وصولا الى التوافقات وتوزيع الغنائم.
احترمت كثيرا احد السياسيين، حينما وصف في حوار مجلس الجهة ب ” المجلس الغنائمي”. نعم لقد فهمنا القصة واتضح أنه لا إستراتيجيات واضحة لديكم ، فقط بعض الحكايات والتنبئات واستقبالات وحشود ومجموعة من الصور ، لقد فهمنا لكن اغلبنا سيصوت من جديد ، من انتزعت اراضيه واكلت الجمال الراحلة ثماره، من فقد عمله كرها ، ومن لاحقته الضرائب، ومن جفت محاصيله وحجزت ممتلكاته .
عذرا أسيادي إن غضبتم، لكننا جميعا في حلقنا غصة وغضب ، فقد سئمنا من ضيوفنا الذين يكثرون السؤال “مال هاد المدينة والجهة تراجعات” فنسكت ولا نجيب، نكتفي بتغيير المواضيع نبتسم قليلا ونبتلع الغصة. لكن ماذا سنقول لابنائنا ومادى عساكم أن تقولوا غذا لأبنئكم ، نعم كانت الجهة جنة للفلاحين، الخير في كل مكان، الماء يوجد في الابار على بعد امتار، السياحة كانت مزدهرة كانت مورد رنق الالاف من ابناء الجهة والوطن ، ميناء المدينة القديم والجديد والذي كان يخرج الاطنان من الاسماك. لقد مضى الزمن والعيب فينا، لأننا لا نملك نظرة المستقبل للتدبير والحفاظ على ثرواتنا.
إننا اليوم بحاجة الى كثير من الاقوال، الى كثير من الجلسات، الى كثير من البرامج، بل نحتاج الى الافعال في كل القطاعات، تدبير المياه، تسويق السياحة واعادة جاذبية المدينة، نحتاج الى عاقل ليقول لنا، لقد اقترفنا الكثير من الاخطاء، ولكننا اليوم سنضحي لاعادة هذا الماضي المجيد ولنعيد للسياسة مبادئها الأساس لخدم أهل الجهة وكل الوطن والا ليست سياسة، ولنعيظ للمنتخب دوره الهادف التنموي لتخطي كل التحديات، والا فليس منتخبا ديمقراطتيا، فظلا عن المواطن الذي يجب أن يكون غيورا على اوضاعه وجهته .
إننا لانعاتبكم ولا نحاسبكم فهناك مؤسسات أكبر وأسمى، فقط نعاتبكم لأنكم ليست لديكم رؤية لابناء هذه المدينة ولا الجهة اما الوطن فاكبر منا جميعا ، يكفي أن فيه أعين شريفة ترعاه .
ذ/ الحسين بكار السباعي
باحث في الإعلام والهجرة وحقوق الإنسان.