تطورت الوظيفة العمومية بالمغرب بشكل كبير عما كانت عليه عند انطلاقها الرسمي بعد الإستقلال، غير أن هذا التطور لم يمنع من كون وضعية الموظفين في مختلف القطاعات لازالت تعيش صورا شتى من التعسف والتجاوز على مستوى وضعياتهم، ومناسبة هذه اللمحة ما تناولته المحكمة الإدارية بأكادير وهي تلغي قرارات تمديد فترة التمرين بالنسبة لمهندسين معماريين بجماعة ترابية على ذمة ملفي الطعن عدد 1643/7110/19 وعدد 1641/7110/19.
بداية أن الأساس القانوني لترسيم المعنيين محدد في الفصل 26 من المرسوم 2.11.471 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المهندسين المعماريين المشتركة بين الوزارات الذي جاء فيه:
يعين المترشحون الذين تم توظيفهم عملا بمقتضيات المادتين 7 و8 أعلاه متمرنين، ولا يجوز ترسيمهم إلا بعد قضاء سنة كاملة من التمرين قابلة للتمديد مرة واحدة دون أن تعتبر مدة التمديد في حساب الأقدمية من أجل الترقي. وإذا لم يتم ترسيمهم بعد انصرام السنة الثانية من التمرين، وجب إما إعفاءهم وإما إعادة إدماجهم في درجتهم أو إطارهم الأصلي إذا كانوا ينتمون إلى الإدارة. ويُعفى من التمرين، مهندسو الدولة المنبثقون عن إطار مهندسي التطبيق. |
النقاش الذي عرفته جلسات الحكم قارب إمكانية تمديد فترة تمرين الموظف بصفة عامة وتأجيل مسألة ترسيمه من مطلق سلطة الإدارة التقديرية لكفاءته وأدائه واتخاذ قرار عقب ذلك دون انتهاج المسطرة القانونية ذات الصلة.
غير أن اتخاذ قرار بتمديد فترة التمرين بناء على تقييم رئيس الإدارة فقط (وهو الجاري به العمل عادة) هو تصرف مخالف للقانون ذلك أن مسألة تقييم أداء الموظف وإن كانت مؤطرة ابتداءا بمقتضيات المرسوم 02.05.1367 بتحديد مسطرة تقييم موظفي الإدارات العمومية فإنه يتوجب طرح هذا التقرير ضمن أشغال اجتماعات اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء عملا بأحكام الفصل 5 من المرسوم 62.68 بتحديد المقتضيات المطبقة على الموظفين المتمرنين بالإدارات العمومية الذي جاء فيه:
إن القضايا المتعلقة بالموظف المتمرن، ترفع بخصوص المسائل التي تقتضي استشارة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء أمام اللجنة المختصة بالدرجة التي يكون مؤهلا للترسيم فيها.
|
وهو نفس المقتضى الذي نص عليه الفصل 25 من المرسوم 2.59.0200 بتطبيق الفصل 11 من الظهير الشريف بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العامة بخصوص اللجان المتساوية الأعضاء الذي ورد فيه ما يلي:
إن اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء تستشار ضمن الشروط المقررة في النظم المعمول بها في شأن ترسيم الموظفين المتمرنين.
|
والتذكير بهذه المقتضيات نابغ من أربع مرتكزات:
- الأول: الرغبة في تكريس ثقافة القانون وتطبيقه في علاقة الموظفين بإدارتهم.
- الثاني: توعية المقبلين على الوظيفة العمومية أن نجاحهم في مباراة الولوج لا يعني مطلقا تحصن قرار إدماجهم في الوظيفة مالم يتم ترسيمهم.
- الثالث: أن سوء أداء الموظف لمهامه خلال فترة التمرين يؤدي إلى فصله المباشر عن الوظيفة، ونفس الجزاء يلاحق المرسمين المخلين بالتزاماتهم القانونية.
- الرابع: إن استقواء الإدارة على موظفيها خلال فترة تمرينهم بشكل تعسفي هي بداية انفصال وتوثر علاقة نظامية ابتغى المشرع استقرارها لأداء الوظائف الوطنية والقانونية المقررة لها.
ذ/ نورالدين بن محمد العلمي / محامي بهيئة أكادير