في لقاء علمي نظمه نادي البصمة الطلابية بشعبة الدراسات الإسلامية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير،ألقى الأستاذ الدكتور عزيز بعزي( باحث في الفكر العربي والإسلامي المعاصر)،محاضرة بعنوان” نحو ترسيخ ثقافة التسامح في الخطاب الإسلامي المعاصر”يوم الجمعة 16 مارس2018.
وتناول المحاضر الموضوع من زوايا ووجهات نظر،مرتبطا بسياقات متعددة” تقتضي من المشتغلين في الجانب الفكري على وجه الخصوص،والعلوم الإنسانية عموما،مواكبة تطوراته بحكم راهنيته،وحتمية الخوض في غماره، سيما وأنه يتحكم في زمام أمورنا الحالية والمستقبلية”.
كما تطرق الدكتورعزيز بعزي لهذه القضايا بعد ربطها بقضايا شهدها تاريخ الفكر الإسلامي، وتطرح نفسها حاليا،ليصل في النهاية بأن نجاح تجديد الخطاب الإسلامي مرتبط أصلا بحضورالمسلمين من خلال إنجازاتهم الحضارية.
وكل هذا مرتبط بمستقبلهم لأن ما يخيفه ليس الحاضر،وإنما المستقبل بشتى آلياته لسبب بسيط هو أن مرحلة التخلف والسكون الحضاري مقارنة بما يجري الآن على الصعيد العالمي لم نتجاوزها بعد.
لهذا أشار الأستاذ في عرضه القيم إلى العديد من النقاط الهامة تعتبر في حد ذاتها خلاصات مقتضبة لمحاور المحاضرة يمكن إيجازها في مايلي:
*إن الدراسات والأبحاث التي تناولت مسألة الخطاب الديني برزت مع نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي،بحيث اتخذت أبعادا متعددة،وكمثال على ذلك دراسات كل من ( محمودإسماعيل، نصر حامد أبو زيد، أحمد زيد…).
*إن الكثيرمن الناس لم يستوعبوا بعد إلى حدود الآن معنى الخطاب الإسلامي،بل إن هناك اعتقادا لدى البعض مثلا بأن المشتغلين في حقل العلوم الإسلامية عموما،هم من يحق لهم أن يتحدثوا عن قضايا الدين في علاقتها بشؤون المجتمع.
بينما الحق هو أنه لايجوز حرمان الناس من ذلك لكن شريطة أن يكون المنهج العلمي هو معيار ذلك (الحكم)، كما أن هناك بطبيعة الحال أمور لايمكن إطلاق العنان فيها للكل مراعاة للمصلحة ودرءا للفتنة ( خصوصيات ولكن بدون احتكار حتى لانولد أرثوذكسيات جديدة …. )
* إن الخطاب الديني هو “كل خطاب صدرعن مصدر ديني – إسلامي – أو غير ديني – إسلامي – في كل ما يرتبط بالحياة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية مرتكزاعلى مبادئ دينية، بما يساعد المجتمع وأفراده على مواجهة مشكلاتهم بهدف حلها بما يحقق رقي المجتمع، وتقدمه اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا وأخلاقيا”.
ومن أشكال الخطاب الديني ما هو مكتوب: ( نصوص في شكل كتاب أو خطب أو مقالات صحفية أو نشرات). وما هو شفهي ( مسجلة أو مكتوبة أو مطبوعة فنتلقاها بالسماع أو بالقراءة”.
* إن الخطاب الإسلامي اليوم الذي يتسم بالعنف واللاإنسانية، في أصله لا علاقة له بمبادئ الإسلام،فهو ينفي مثلا قيمة التسامح التي يجب أن يعض عليها بالنواجد. ( تنظيم القاعدة، تنظيم داعش وكل من يسير على خطى الإرهابيين).
* إن الخطاب الديني – الإسلامي المستند إلى قوى العنف لا يمكن أن يولّدَ سوى عنفٍ مضاد، سيما إذا لم يتجه مستقبلا على إجراءات عملية، تبدأ بالمراجعات، لتنتهي إلى اتباع سبل السلم والسلام،ويمكن أن نسمي هذه الخطوات ب “خطوات العلاج الإيجابية”.
* إننا نجد صيحات مختلفة المشارب،والتوجهات عالميا،( تنتمي إلى المؤسسات الرسمية، ومؤسسات المجتمع المدني) تطالب بضرورة ترسيخ ثقافة التسامح في نفوس الأفراد، لخلق مجتمع لا يؤمن بأعمال العنف.
ولا يؤمن بالإرهاب بعد اكتسابه للمناعة الثقافية،أوالقوة الرادعة،والقادرة على استئصال كل السبل المؤدية إلى العنف، لذلك نجد أن الدعوة إلى التمسك بثقافة التسامح تزداد يوما بعد يوم على صعيد الخطاب الديني الإسلامي على وجه الخصوص.
لا سيما وأن أوساطا واسعة أخذت تلتمس عمق الحاجة إليها،”فالتسامح لا يُعَيّن صيغة في التعامل بين جماعات مختلفة،وإنما يعين صيغة في تعامل الجماعة مع نفسها باعتبارها نسيج الآخرية التي لا يمكن اختزالها في التطابق والانسجام. بل بالعكس فالتسامح هو إقرارالجماعية بأنها صيرورة تغاير دائم، لا يقبل الاختزال، ولا التقليص.
* إن الخطاب الديني في الميديا (الإعلام الجديد) يحتاج إلى مراجعة أو انقلاب بهذا التعبير، لأن هناك أشياء يتم ترويجها تشوه مبادئ الدين ولاتخدم الإنسانية في العاجل والآجل …
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه بعد نهاية العرض،وتفاعلا مع قضايا الموضوع كانت المداخلات مهمة،ففي بنيتها تحمل إشكالات واقعية،وهذا ما أثارانتباه الحضور،مما خلق نوعا من التفاعل الإيجابي، سيما بعدما خلص الجميع إلى أهمية هذا الموضوع،وأن قضية الخطاب الديني،وضرورة تجديده لم تعد مسألة ترف،بل هي قضية أخرى تحتاج إلى بيان.
عبد اللطيف الكامل