احتضن فضاء الانسانيات ب”كلية الآداب و العلوم الانسانية ابن زهر” صبيحة يوم السبت 10 مارس ، ثاني ملتقى دولي حول” الإعلام و التراث” من تنظيم ماستر مهن و تطبيقات الإعلام ،على هامش شراكته مع المهرجان الدولي للفولكلور التقليدي،”فيفتا” ،و قد عَرف اللقاء مُشاركة ثلة من الدكاترة و الباحثين من المغرب و من خارجه.
افتتح أستاذ التعليم العالي الدكتور عمر عبدوه – دكتور في اللسانيات و مُنسق ماستر مهن و تطبيقات الإعلام – كلمته بالحديث عن دور الإعلام في المُحافظة على التراث ، أو العكس ، باعتبار أن الإعلام أصبح لهُ دور البَّوابة الكُبرى التي تمكن المُشاهد أو المُتلقي عامَّة من مُتابعة جديد الفنّ و الانفتاح على كافة الأشكال الفنية و الألوان الغنائية التي يزخرُ بها العالم بأسره . مُنبّها شباب اليوم ، حاملي مِشعل الغد ، من التيَّهان في بحر الألوان الفنية الثقافية الجديدة والانسلاخ عن الهويَّة المغربية التي يُشكّل الفلكلور المغربي الشعبي روحها الفوَّاحة .
أكدَّ الدكتورعبدوه في كلمته أيضا على كون الثقافة “هي كُل ما يدُوم عندما تندثر ذاكرة الإنسان و تعيشُ وَيلاتِ النّسيان” ، إذ أنَّ ذوبان الشباب و انبهارهم بالأشكال الجديدة للغناء و الفن ، تُهدّد تُراث المغرب العتيق و الأصيل ،والذي يحتَاجُ منَّا أن نُحافظ عليه بكُلّ الوسائل المُتاحة ، الأمر الذي يجب أن يُمثّل همَّ كُل مُهتم بالتراث المغربي من فنانين و دكاترة و أطر عُليا.
استند أستاذ التعليم العالي الدكتور إسماعيل المدني العلوي ، في طرحه الغنّي و المُميَّز على لون “الرَّاب المغربي” باعتباره أساسي من مكونات الساحة الفنية المغربية ، و الغنائية بالخصوص. وقد حلَّل الدكتور أغنية “العين الحمرا” لمُغني الراب المغربي الصَّاعد “مسلم” ، عن طريق تفكيك بنية الكلمات المُستعملة في الأغنية و كذا تحليل الشخصيات من منظور نفسي و اجتماعي .
اعتبر الدكتور العلوي أن الشخصية الرئيسية المُتمثلة في”مُسلم” جاءت لتجمع و تتقمّص ثلاث أدوار محددة ، الشخصية الرئيسية و هي راوي القصة، و كذلك الصديق أو “العشير” مُرتكب الجريمة ، و في الأخير المُجتمع باعتباره هو الدافع الأساسي وراء ارتكاب الجريمة الشَّنعاء. فاختيار الكلمات حسب الدكتور لم يكن اعتباطيا، بل جاء مُترجما للحوار الداخلي الذي يعيشه مغني الرَّاب “مسلم” مع نفسه. الأمر الذي يُبرز مدى انخراط المُغنّي في ما يُسمَّى بالغناء الهادف و الذي يُدافع فيه على قضايا الشباب المغربي.
أعطى الباحث في التراث اللا مادي -عبد الرحيم تيجني- تعريفا مُبسطا للتراث باعتباره ركيزة أساسية من ركائز الهوية ، و منبعا للإلهام في العالم بأسره، و قد عدَّد أنواعه المتمثلة في الثراث المبني (البنايات و المعالم العتيقة، الأضرحة ..) ، و التراث المكتوب (المخطوطات ، القصائد ..) و التراث اللامادي ( الروايات ، الحكايات و الفنون الغنائية والشعبية .. ) ، مُؤكّدا على أهمية المحافظة على التراث بكافة أنواعه، خصوصا و أن المغرب قد صادق على اتفاقية دولية للمحافظة عليه منذ سنة 1975.
و قد نوَّه الدكتور حسن اوطالب – دكتور في الترجمة و الأدب العربي- بالبادرة التي كانت ابن زهمر سبَّاقة لها ، وهي الاشتغال على ظاهرة التراث اللامادي ميدانيا، بحُكم أن الحاجة إلى تأريخ للفنون الشعبية تُملي ذلك و بِقوَّة ، إذ عَمَد الطلبة الباحثين إلى الاستبانة و التحليل ثمَّ الاستنتاج ، ليخرُجوا ببحوث بَلغت حوالي 500 بحث في شعبة التاريخ واللغة العربية ، الشيء الذي يدلُّ على مدى غيرة الشباب على بلده و تُراثه .
في الختام ، جاءت مُداخلات رئيس مهرجان الفلكلور التُركي “هاكان إفسيمان” بمعية مدير راديو 95 بيرجيراك ، الفرنسي “مارك روبسون” ، لتُبرز مدى غنى الفلكلور الشعبي التركي و كذا الفرنسي ، و دور الإعلام الجوهري في مُشاركة هذا الغنى مع كافة النَّاس مهما اختلفت لٌغتهم أو دينهم أو عاداتهم ، الأمر الذي يُؤكد على أن الفلكلور لا دين و لا عرق ولا لُغة له ، فهُو يُطرب كلّ ذي أذن صاغية.
أسماء السهلاوي
مهن وتطبيقات الإعلام
الدفعة السادسة