قرر كل من الشاب عبد الاله ابن مدينة الدار البيضاء الارتباط بليلى التي تنحدر من مدينة اكادير ، بطريقة استثنائية تخرج عما هو مألوف في المجتمع المغربي.
وأثناء توجههما ذات مرة في رحلة الى قمة جبل إمسفران ضواحي بني ملال ، فاجآ أصدقاءهما وأغلبهم محبين للمغامرات والرحلات عبر الجبال ، بالصعود الى أعلى قمة الجبل ضواحي بني ملال مشهور باسم “الكاتدرائية La Cathedrale’” حيث قررا عقد القران ولبس الخاتم.
أصل “الحب” ثورة على العادات:
كان أول لقاء للشابين بمدينة أكادير، وبالضبط بمقربة من سوق الأحد في أحد أيام صيف غشت 2016 ، كان عبد الاله على موعد مع صديق اسمه اسماعيل ، هذا الأخير كان ينتظر ليلى لتمده بملف بحكم اشتغالها في المجال الجمعوي ، ولحظة حضورها بدأت أولى أشعة الحب تنتشر في الطرفين، ولكنه حب لم يكن هادئا وديعا ، بل استمد قوته من محادثات عبر تطبيق الفايسبوك مكنت الطرفين من الوقوف على قوة شخصية بعضيهما، واكتملت الصورة باعتماد ليلى على زوجها المستقبلي لارسال معونات لاحدى الجمعيات تكفل بها أحد المحسنين ، حيث حصل على رقم هاتفها وبدآ في نسج خيوط علاقة متينة، انتهت بالزواج
ليلى وعبد الاله في سطور:
ولدت ليلى قسمي سنة 1997 باكادير، تلقت تعلمها الإبتدائي و الاعدادي و الثانوي بحي بنسركاو اكادير، و حاليت اتابع دراستها بالسنة الثانية شعبة البيولوجيا بكلية العلوم التبعة لجامعة ابن زهر .
عبد الاله البجيوي من مواليد 1992 ، تابع دراسته بحي سيدي مومن بالدار البيضاء ، وتفوق في شعبة الفيزياء والكيمياء ، والتحق بالكلية حيث قضى سنتين ، ولم يستطع التأقلم مع الوضع ، وفضل الالتحاق بالتكوين المهني حيث تخصص في شعبة الوكلاء التجاريين ، واليوم يشتغل وكيلا تجاريا بأحد المحلات المتخصصة في بيع الدراجات الصينية الصنع
المغامرة توحدهما :
يعشق عبد الاله المغامرات والسفر، قطع المغرب شرقا ةوشمالا وجنوبا وغربا ، تنقل بين الصحاري والجبال والسهول ، يستعمل في بعض الأحيان دراجة نارية ، وفي أحيان أخرى يسير على الأقدام ، وقد يعتمد تقنية “الأوطوسوطب ” للتنقل .
وبين كل هذا يعشق الحرية والفضاء الواسع، ويعمل على الصعود إلى القمم التي قال عنها” تعلمني الشموخ والتفكير في عظمة الله ” لذلك صعد توبقال 5 مرات .
وغير بعيد عن هذا الهوس ، تحضر ليلى هي الأخرى الشابة التي تكره كل ماهو نمطي ، وتسير في تجاه كسر التقاليد والعادات التي تقول عنها” تأسرني وتجعلني مقيدة بعقليات أكثر جمودا ، أعمل على تحكيم عقلي ، وتجنب كل ما يضر جسدي أولا وسمعتي وشرفي ويغضب ربي “تنقلت بين سهول وجبال سوس في العمل الجمعوي ، انخرطت في كل الحركات التطوعية ، وهو ماجعل الاثنين يلتقيان
رحلة “الخاتم”العجيبة:
وثق الاثنان زواجهما في فبراير الماضي ، ولكنهما تركا “الخاتم” للحظة أكثر إثارة ، واحتفلت عائلاتهما بالمناسبة بمدينة اكادير .
وبعد مرور شهرين على الحدث السعيد ، تحركت الدراجة النارية لعبد الاله من البيضاء زوال السبت 8 ابريل الماضي ، واستمتع الاثنان طيلة طريقهما بجمال الطريق الرابط بين البيضاء وبني ملال ، وكانت أحلك اللحظات هي نفاذ وقود الدراجة ، حيث اضطرا قضاء ساعتين من الزمن ينتظران عودة الكهرباء بإحدى محطات الوقود المتواجدة في منطقة شبه فارغة.
وبعد التزود بهذه المادة ، تحركت الدراجة من جديد ، وتنقل الاثنان نحو واويزغت مرورا ب” تيلكيت” وصولا إلى امسفران (حوالي 95 عن بني ملال) حيث يتواجد الجبل المنشود
ليلة شبابية وسط الغابة:
قضى الاثنان الليلة رفقة خمسين شابا منضوون تحت لواء جمعيات الاستغوار والمغامرة ، والتجأ كل إلى خيمته حتى بدأت أولى خيوط شمس الأحد 9 ابريل بالبزوغ ، التحقت المجموعة التي رغبت في تسلق الجبل المعروف باسم “الكاتدرال” لكونه يشبه كنيسة في شكله ، والتحق بهم حوالي 20 مغامرا ، وبدأوا بالتحرك بالسير على الأقدام وزادهم التمر والفواكه الجافة قنينات الماء ،لم يكن أحد يعلم بأن ليلى وعبد الاله سيتمان طقوس زواجهما بالقمة ، وبدأ المسير و استمر لساعات ” كانت ليلى أسرع مني ، ووصلت القمة قبلي ” يقول عبد الاله
المفاجأة فوق “الكاتدرائية”:
لحظة وصول الجميع إلى القمة، توقفت الأنفاس لصعوبة الممر ، واختار عبد الاله مكانا يطل على جبال الأطلس الشامخة ، حيث تمتد الأعين لمئات الكيلومترات بدون حواجز ، كان من بين الحضور فتاة من المنطقة وبعض الأطفال الصغار رافقوا المجموعة في مغامرتهم ، وهناك وعلى علو جاوز 1850 متر اختار الشابان لبس خاتم الزواج ، وسط تصفيقات الحاضرين ، واكتفوا بتقديم مالديهم من حبات اللوز والحلوى للضيوف وخاصة من أبناء المنطقة ، وانطلقت الأنغام ورقص الجميع في مشهد بانورامي لايراه المغاربة إلا عبر شاشات التلفزة في الفلام الأجنبية.
الحلم “الممنوع” :
يقول عبد الاله ” كنا نرغب في اتمام الزواج بجبل توبقال وعلى بعد 4165 متر ، غير أن سوء الأحوال الجوية ، منعنا من ذلك ، لاأريد المغامرة بشريكة حياتي ، والاستهتار بها ، سألت أحد المتخصصين في تسلق الجبال ، قال لي بأن الثلوج بمنطقة توبقال بدأت بالذوبان ، وبالتالي فهي جد خطرة ، وتسبب التزحلق ، لذلك فكرت في بديل ولكن الشرط مازال قائما وهو الطبيعة والعلو ”
نصيحة للشباب:
تقول ليلى: “نصيحتي للشباب ان يأخدوا فقط بما تنص عليه تعاليم ديننا فيما يخص الزواج..اما عن التقاليد و العادات فقد اخترعها الإنسان لثثقل كاهلهم و تنفرهم من الزواج، فلا حاجة لها و لا يكثرتوا بها..الأهم هو أن يكون التفاهم الذي هو اساس للاستمرار، الحياة الزوجية لا تختزل في تلك التقاليد بل عليهم ان يتحررو منها.” من جهته يقول عبد الاله ” اخد الامور على طبيعتها الاولية نصيحتي لكل شاب ، وأمنيتي اليوم أن أقيم حفل زواج تقليدي في الطبيعة ،والعزوف نحن صنعناه ،وأصذقائي عندما اخدت الخطوة قالوا لي جميعا بأنني تسرعت ، وكان جوابي ليس هناك افضل من الله ، عليه توكلت”.
ليلى وتدوينة العمر :
بعد الحادث السعيد ، كتبت ليلة تدوينة على حائطها بالفايسبوك تلخص كل شيء وستبقى للعمر “بعيدا عن تلك المظاهر و العادات و الغلو فيها..مثل هاته اللحظات تستحق منا كل ذلك العناء و التعب من أجل أن تقتسمها معنا قلوب بفرحة عارمة صادقة و أناس جمعنا بهم حب الطبيعة التي خصصنا لها هذه الذكرى، و الأروع أن يجتمع معنا من هم رمز للبساطة أهل المنطقة..اجعلوا ذكرياتكم مميزة بطابع شخصيتكم و شغفكم و إياكم أن تنساقو وراء التكرار و عادات تفرض عليكم. ..كل الحب”.