في واحدة من أخطر القضايا التي هزّت سوق الصرف بالمغرب مؤخرا، رصدت مصالح مراقبة مكتب الصرف عمليات مشبوهة تورط فيها بعض أصحاب تراخيص الصرف اليدوي، شملت مبالغ ضخمة تجاوزت 300 ألف أورو (ما يعادل أكثر من 3 ملايين درهم).
هذه العمليات التي يشتبه في أنها خارج الإطار القانوني، أثارت حالة استنفار قصوى في صفوف “دركيي الصرف” الذين باشروا سلسلة من التفتيشات الميدانية في عدد من المدن الكبرى.
وبحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فقد استهدفت التحقيقات بالدرجة الأولى مدن الدار البيضاء وطنجة ومراكش ومكناس، وهو ما أسفر عن رصد مؤشرات خطيرة حول خروقات جسيمة في تدبير عدد من مكاتب الصرف اليدوي.
هذه المكاتب أصبحت واجهة لعمليات مالية غير مشروعة، يجري من خلالها تهريب العملات والمضاربة عليها، بعيدًا عن أعين الرقابة الرسمية.
ووفقا لذات المصادر، فقد قام المفتشون التابعون لمكتب الصرف بتفحص دقيق للوثائق والسجلات التي تم تحويلها من المكاتب المعنية إلى المصالح المركزية، حيث كشفت هذه المعاينات عن ثغرات خطيرة في احترام الإجراءات الاحترازية، خاصة المتعلقة بالتثبت من هوية الزبائن المشتبه في تعاملاتهم.
وكشفت المصادر نفسها أن المفارقة الصادمة تكمن في أن قوائم المستفيدين ضمت أسماء مغاربة وأجانب وردت سابقا في قضايا مرتبطة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وبعضهم يخضع حاليًا للتحقيق من قبل أجهزة الأمن والدرك والجمارك.
وفي هذا السياق، حلت فرق التفتيش فعليًا بنقطتي صرف في الدار البيضاء، إضافة إلى مكاتب مماثلة في مراكش ومكناس، حيث وقفت على تجاوزات تتعلق بعمليات غير موثقة، تم تنفيذها دون علم السلطات، ما يعد خرقا مباشرًا للقوانين المنظمة لسوق الصرف.
وتعكس هذه المعاملات غير المصرّح بها، بحسب التقارير الأولية، تصاعد نشاط شبكات سرية تنشط في السوق السوداء لبيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الدرهم.
هذا، وقد باشرت فرق “دركي الصرف” تدقيقا في سجلات العمليات الخاصة بالأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية، في محاولة لتحديد حجم المعاملات المخالفة، ومدى التزام المكاتب المراقبة بالقوانين السارية.
وتشير التوقعات إلى أن التحريات الجارية قد تنتهي باتخاذ قرارات تأديبية صارمة، قد تصل إلى سحب التراخيص من المكاتب المخالفة، وربما إحالة بعض الملفات إلى القضاء.
وتأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه المغرب إلى تعزيز منظومة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضمان شفافية أكبر في قطاع الصرف اليدوي الذي يبقى من بين أكثر المجالات عرضة للتلاعب والاستغلال من قبل الشبكات التي المتورطة في أنشطة مشبوهة.
التعاليق (0)