يتخوف عدد من الأشخاص من إعلان الخطوات التي ينوون القيام بها للآخرين مخافة عدم اكتمال مبتغاهم في أغلب الأحيان، في حين يرى البعض الآخر أن الإفصاح عن الأهداف هو جزء من عقد العزم على استكمال تحقيقها، فأيهما أصح ؟ وما قول العلم في ذلك؟
تطرق المحاضر ديريك سايفرس عام 2010 في محاضرة على مسرح تيد لموضوع الإعلان عن الأهداف من عدمه، حيث جزم بأن إعلان الأهداف للآخرين لا يساعد بتاتا على تحقيقها بقدر ما يساعد على إفشالها.
الحديث عن الأهداف يشعر بالرضا أو بالإحباط ؟
أفاد ديريك في محاضرته التي تجاوزت سقف الخمسة ملايين مشاهد بأن الحديث عن الأهداف يؤثر بشكل سلبي على تحقيقها، وذلك إما من خلال الشعور بنوع من الرضا بعد الإفصاح عنها، أو بالإحباط.
أما عن الشعور بالرضا، فهو يخالج المتحدث عن أهدافه بعد إفصاحه عنها، حيث يعيش على وقع الخداع النفسي الذي يتعرض له ظانا بأن أهدافه قد باشرت مسار التحقق، في حين قد يتعرض كذلك للإحباط عندما لا يختار الشخص المناسب الذي سيناقش معه أهدافه، خاصة عندما يبدي الطرف الآخر نوعا من عدم الاهتمام، أو يقلل من عزيمة المتحدث ويشعره باستحالة بلوغ ما يصبو إليه.
دراسات حول الكشف عن الأهداف مقابل كتمانها
قاد الدكتور بيتر قولاويتزر أربع دراسات شارك فيها 163 متطوعاً، حيث طلب منهم جميعا كتابة هدف معين يطمحون لبلوغه، وطلب من نصفهم الإفصاح عن هدفه، في حين تستر عليه النصف الآخر.
بعد ذلك، طلب الدكتور قولاويتزر من المتطوعين وضع خطة للعمل على الهدف الذي قاموا بكتابته في أول الدراسة، وذلك في غضون 45 دقيقة، حيث سئل الجميع بعدها عن ارتساماتهم بخصوص خطة العمل التي ينوون اتباعها لتحقيق الهدف.
هذا، ولاحظ الدكتور القائم على الدراسة بأن الذين أفصحوا عن أهدافهم تمكنوا من إتمام خطة العمل في أقل من 45 دقيقة، معللين ذلك بأنهم قد شارفوا على بلوغ الهدف، فبدت لهم الخطوات التي سيتبعونها من أجل تحقيقه واضحة وسهلة، في حين قال المتحفظون عن أهدافهم بأنهم سيبذلون جهدا أكبر لتحقيقها، خاصة وأنهم لا يزالون في أول المسير، وهو ما جعلهم يضعون خطة دقيقة استغرقت 45 دقيقة كاملة.
ونتيجة لذلك، خلص الدكتور بيتر قولاويتزر إلى أن الإفصاح عن الأهداف يجعل الأشخاص أقل عرضة لاستكمال تحقيقها، حيث يفقد بعضهم الدافع الذي سيحفزه من أجل القيام بذلك.
لا تبالغ في تزيين الأهداف، ولا تجحف في تبخيسها
يرى المستشار والمخطط المالي جاسم الهارون بأن المبالغة في تزيين الأهداف يضخمها أكثر من اللازم، حيث يكبر الهدف كلما كثر عنه القيل والقال حتى يفوق طاقة من يرغب في تحقيقه، ويتحول من فكرة شخصية بسيطة إلى مشروع عملاق يحتاج تفرغا وإدارة وإشرافا، وهو ما يخيف الأشخاص في بعض الأحيان لدرجة أنهم قد يقررون التخلي عن الهدف نهائيا.
ومقابل ذلك، يعتبر الإجحاف في تبخيس الأهداف مؤشرا غير إيجابي، حيث يؤدي التقليل من شأنها إلى الإحباط، وهو ما يتسبب للكثيرين في التخلي عن أهدافهم نهائيا بعد أن استنتجوا أنها غير ذات أهمية كبيرة.
هكذا، يبقى كتمان الأهداف الطريق الأسلم في نظر الكثيرين، دون تدخل أي عامل خارجي قد يدفع الشخص إلى التخلي عن أهدافه.
كيف تقاوم الرغبة في الإفصاح عن الأهداف ؟
انطلاقا من النتائج المدرجة أعلاه، يظهر بأن الحديث عن الأهداف يأتي في الغالب بنتائج سلبية، إلا أن الكثيرين لا يستطيعون مقاومة رغبتهم في الإفصاح عن خططهم المستقبلية، لهذا النوع من الأشخاص استقينا النصائح التالية من محاضرة ديريك سايفرس :
• حاول مقاومة الإغراء بكتابة هدفك على ورقة، دون مشاركة الآخرين !
• حتى إذا أخبرت الآخرين، حاول أن لا تتحمس أكثر من اللازم وتعتقد بأنك بلغت ما تريده.
• تذكر دائما أن الحديث شيء والعمل شيء آخر، بالتالي فالحديث عن الهدف لا يعوض العمل عليه.