ترأست نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، يوم أمس الأربعاء 5 أكتوبر الجاري، الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد، وذلك في إطار تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الموقعين في 30 أبريل الماضي ما بين الحكومة والمركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين.
وحضر الاجتماع الذي انعقد في مقر وزارة الاقتصاد والمالية بالرباط، ممثلون عن المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، وعن المنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية).
وإلى جانب ذلك، شارك في الاجتماع نفسه، ممثلون عن القطاعات الوزارية المعنية، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وحسب ما أوردته مصادر نقابية، فقد انتهى الاجتماع المذكور بالمصادقة على منهجية العمل والبرمجة الزمنية لأشغال لجنة إصلاح أنظمة التقاعد، في خطوة أثارت استحسان النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
في هذا السياق، قالت الوزيرة العلوي أن “إنشاء لجنة إصلاح أنظمة التقاعد نابع من إرادة الحكومة والنقابات والجمعيات المهنية للمُشغلين إطلاق حوار مفتوح وبناء ما بين مختلف الشركاء، بهدف العمل على وضع منظومة تقاعد من قطبين عمومي وخاص، وفقاً للتوصيات المنبثقة عن اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد سنة 2013”.
وأضافت العلوي أن “إصلاح منظومة التقاعد ورش إستراتيجي، وهو ما يتطلب تشخيصاً لوضعية الأنظمة واستعراض الدراسات المنجزة في هذا الصدد، ثم الوصول إلى مرحلة الاتفاق على رؤية مشتركة تضع حلولاً ببرمجة زمنية محددة”.
ومن جهته، أكد ممثل نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مصطفى الشناوي، أن “الحكومة لديها اقتراحات بخصوص منهجية العمل، بدءًا بمرحلة التشخيص ووضع التصور لإصلاح أنظمة التقاعد بشكل شامل”.
وأضاف الشناوي أن “الحلول الترقيعية مرفوضة من طرف النقابة”، مشددا على أن “الوضع يستدعي إصلاحاً شاملاً يحسن من قيمة المعاشات ويضمن استمرار الصناديق”.
وبدوره، قال هشام زوانات، رئيس اللجنة الاجتماعية بالاتحاد العام لمقاولات المغرب، أن “الدراسات المتوفرة حالياً حول أنظمة التقاعد تستوجب تحيينها بناءً على مخرجات الحوار الاجتماعي، وخصوصاً تخفيض شروط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 يوما إلى 1320 يوما فقط، الذي سيكون له تأثير كبير على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي”.
وذكر زوانات أن “الأهم بالنسبة للاتحاد العام لمقاولات المغرب هو إكمال الإصلاحات المقياسية قبل الوصول إلى الإصلاحات المنهجية، التي تهم أساساً الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي يدبر التقاعد والتغطية الصحية لأجراء القطاع الخاص”.
وأشار ذات المتحدث إلى أن “اقتطاعات جرى خصمها من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتمويل صندوق آخر يجب أن يتم إرجاعها لحساب الاحتياطات والديون الضمنية والعجز المتوقع قبل الوصول إلى حلول، سواء كان رفع سن التقاعد أو نسبة الاقتطاعات أو مستوى المعاشات”.
بدورها، كشفت خديجة الزومي، عضو المكتب التنفيذي للمركزية النقابية الاتحاد العام للشغالين، أن “الحكومة خلال الاجتماع شخصنت الوضع في صناديق التقاعد التي قالت إنها مقبلة على الإفلاس بداية 2026”.
و أوضحت الزومي أنه “مع حلول 2026، فإن صناديق التقاعد لن تتمكن من أداء معاشات المتعاقدين، في ظل استمرار هذه الأزمة”، مشيرة إلى أن “الحكومة شددت على أن الإصلاحات السابقة لهذه الصناديق خاصة سنة 2013 لم تُـؤْتِ أكلها بالشكل المطلوب”.
وطالبت الحكومة، بحسب الزومي، من النقابات الأكثر تمثيلية “إجراءَ تشخيصٍ للوضع و اقتراح أجندة زمنية مرنة لمناقشة الحلول التي بإمكانها إخراج الصناديق من شبح الإفلاس”.
واعتبرت الزومي أن “ملف أنظمة التقاعد يستوجب إصلاحا سياسيا بالأساس، من خلال تجميع كل الصناديق في صندوق واحد، أي تجميع قاعدة المنخرطين في صندوق موحد”، مشددة على أن الأمر يجب القيام به تزامنا مع إعداد مشروع الحماية الإجتماعية، خاصة أن الأخير سيلزم الفئات الأخرى بضرورة الإنخراط في صندوق الضمان الإجتماعي.
يذكر أن الاجتماع الذي عقدته وزيرة الاقتصاد والمالية مع النقابات الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، يندرج ضمن الخطوات الأولى التي اتخذتها الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد.
ومن المرتقب أن تستمر الاجتماعات في إطار اللجان للوصول إلى حلول متوافق عليها في غضون 6 أشهر، لمواجهة أزمة صناديق التقاعد التي تعاني من عجز كبير بشكل أصبح يهدد معاشات المتقاعدين الحاليين والمستقبليين.