كشفت النائبة البرلمانية عن الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، النزهة أباكريم، أن انضمام المغرب إلى مجموعة “بريكس”، أحد أبرز التحالفات الاقتصادية والسياسية على مستوى العالم، ينطوي على امتيازات عديدة.
وفي حديثها لوكالة الأنباء الروسية، أكدت أباكريم أن انضمام المغرب لتجمع “بريكس” سيسهم في تحقيق مزايا متبادلة بين المملكة والدول الأعضاء في هذه الكتلة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
في هذا السياق، أوضحت النائبة البرلمانية أن الانضمام المحتمل لـ “بريكس” سيجعل المغرب يستفيد من شبكة واسعة من العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول الكتلة، كما من شأنه أن يمهد الطريق أمام تعزيز التبادل التجاري في مجموعة من القطاعات مثل الصناعة والزراعة والسياحة وتكنولوجيا المعلومات.
وإلى جانب ذلك، توقفت إباكريم عند الاستقرار السياسي والاقتصادي للمغرب وموقعه الجغرافي الاستراتيجي كنقطة تجمع بين إفريقيا وأوروبا، وهو الأمر الذي يعطي قيمة مضافة لانضمامه إلى “بريكس” من خلال توفير منصة لتعزيز التبادلات التجارية والاستثمار بين القارات.
وأبرزت النائبة البرلمانية أن الخطوة المستقبلية للانضمام لـ “بريكس” يجب أن تشمل اتفاقيات ومعاهدات تعاون محددة بين المغرب وأعضاء المجموعة، وذلك بهدف تعزيز الاستثمارات المباشرة في المغرب والرفع من قيمة التبادلات التجارية ثنائية الاتجاه أو متعددة الأطراف.
لكن في المقابل، شددت أباكريم على ضرورة التحلي بالحذر قبل الإقدام على الانضمام للكتلة، ذلك أن الاستفادة المثلى من هذه الخطوة تتطلب تنظيما وتنسيقا جيدا مع الشركاء وضمان التوازن بين مصالح المغرب الوطنية والعلاقات الدولية.
وأوضحت ذات المتحدثة أن انضمام المغرب للكتلة قد تعقبه مجموعة من التطورات المحتملة، مشيرة إلى أن الوضع يتطلب تقديم تنازلات ومرونة من جانب المغرب، خصوصا وأنه يحتفظ بعلاقات استراتيجية قوية في المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع الاتحاد الأوروبي والتكتلات الاقتصادية التقليدية والناشئة.
وأبرزت عضو الفريق الاشتراكي أن المغرب يحتل مكانة استراتيجية مهمة ويحظى بعلاقات قوية مع دول عدة، من بينها المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا، وهي العلاقات التي أكدت أن المغرب شريك لا يمكن الاستغناء عنه، وأنه يجب التعامل معه باعتباره شريكا مستقلا وثابت المواقف في محطات تاريخية حاسمة.
وخلصت أباكريم إلى أن أعضاء مجموعة “البريكس” يجدون في المغرب عضوا مفيدا بالنسبة للمجموعة، بحكم عدة اعتبارات، في مقدمتها الاستقرار السياسي للبلاد، ومواقفه التاريخية الشاهدة على استقلالية قراراته الاقتصادية والسياسية.
وتجدر الإشارة إلى أن وزارة خارجية جنوب أفريقيا كشفت مؤخرا أن ما يقرب من 20 دولة قدمت طلبات رسمية للانضمام إلى تجمع “بريكس”، بينما أكدت أكثر من 30 دولة حضورها في القمة المقبلة، مشيرة إلى أن من بين المتقدمين لعضوية “بريكس” دول أفريقية، بينها الجزائر ومصر وإثيوبيا ونيجيريا والسنغال.
وفي موضوع ذي صلة، أفادت أباكريم أن القرار المحتمل للمغرب بالانضمام لتجمع “بريكس” قد يثير تفاعلًا معقدًا في الأوساط الغربية، حيث أشارت إلى أنه بعد استقلال المغرب من الحماية الفرنسية، تولت أول حكومة من الحركة الوطنية قيادة البلاد، حيث قامت هذه الحكومة بتشكيل مجلس الوزراء برئاسة عبد الله ابراهيم، واختير عبد الرحيم بوعبيد نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا للاقتصاد والمالية، قبل أن تقوم هذه الحكومة بقرارات هامة أثرت على الاقتصاد المغربي.
في هذا الإطار، تحدثت أباكريم عن تأسيس بنك المغرب كمؤسسة وطنية مستقلة عن التأثيرات الأجنبية، كما قامت بإصدار عملة مغربية جديدة تحت اسم الدرهم المغربي، لتصبح العملة الرسمية للبلاد بعد الاستقلال، وبهذا تم قطع الروابط مع منطقة الفرنك الفرنسي.
لكن في المقابل، كان لهذه القرارات تأثيرات سلبية أيضًا حسب أباكريم، ومن ضمنها تقلص الأموال المتاحة وهروب رأس المال، حيث بلغت قيمة الأموال التي خرجت من البلاد حوالي 40 مليار فرنك، فضلا عن الإجراءات الانتقامية من الجانب الفرنسي، مما أدى إلى تفاقم الأزمة بين البلدين.
وأضافت المتحدثة نفسها بأن الحكومة الفرنسية قامت في تلك الفترة بإيقاف جميع أشكال المساعدات والقروض والدعم، وكذلك تعليق التعاون المصرفي، فضلا عن تجميد الحسابات المالية المغربية، وهذا في الوقت الذي كانت فيه الوضعية المالية للبلاد في حالة صعبة.
ومن أجل التصدي لهذه التحديات، اتخذت حكومة عبد الله ابراهيم مجموعة من التدابير، حيث تم التركيز على تنفيذ خطوات متعلقة بمجال الصرف، واستخدام عملات البلدان المشاركة في التجارة الدولية في عمليات التبادل، إلى جانب بذل جهود لاستعادة بنك الدولة، قبل أن يتم تأسيس بنك المغرب في يونيو 1959 حسب المتحدثة.
هذا، وتناولت البرلمانية في تصريحاتها الإنجازات التي حققها المغرب بعد ذلك، حيث تمكن من بلورة سياسة نقدية مستقلة تتميز بالمرونة والقدرة على التكيف مع التحولات في الاقتصاد العالمي، إذ تشير المعلومات المقدمة في الورقة التقنية رقم 2 التي أصدرها بنك المغرب بخصوص إصلاح نظام الصرف، إلى أنه تم إحداث الدرهم كوحدة نقدية بديلة للفرنك في 16 أكتوبر عام 1959، وهذا بعد ثلاث سنوات من استقلال المغرب، فيما تم تحديد قيمة الدرهم مقابل 100 فرنك، واستمرت هذه القيمة حتى سنة 1973، حيث كانت القيمة المرتبطة بالفرنك الفرنسي نتيجة للعلاقات التجارية الوثيقة مع فرنسا.
وأضافت أباكريم أنه ابتداء من عام 1973، شهد نظام الصرف تغييرات جذرية نتيجة للتغيرات في الأنظمة النقدية العالمية، وخاصة تخلي العديد من الدول عن ارتباط عملاتها بالدولار كعملة مرجعية، وهو التحول الذي أدى إلى اعتماد نظام لتحديد قيمة الدرهم بناء على سلة من العملات المكونة من عملات الدول التجارية الرئيسية والشركاء للمغرب.
وبناء على المعطيات التي استعرضتها البرلمانية، فقد تم إجراء تعديلات على وزن العملات المكونة للسلة النقدية، في 13 أبريل 2015، حيث تم تخفيض وزن اليورو في السلة من 80% إلى 60%، في حين تم تقليل وزن الدولار من 20% إلى 40%، مشيرة إلى أن هذه الإصلاحات والتعديلات في نظام الصرف تجسدت في تاريخ المغرب المالي والاقتصادي، حيث تحققت مرونة وتكيفية أكبر مع تغيرات السوق الدولي وأنظمته النقدية.
وفيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية للمملكة مع بقية دول العالم، أوضحت أباكريم أن المغرب شهد خلال الفترة الحديثة، وخصوصا في عهد الملك محمد السادس، تحولا عميقا في نمط المبادلات الخارجية للبلاد، والتب تميزت بتنوعها من خلال توجه المملكة نحو الانفتاح على مختلف الأقطاب الاقتصادية العالمية بما في ذلك أوروبا، الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، الصين، الهند، والبرازيل.
وأشارت البرلمانية إلى أن عملية تنويع الشراكات لم تقتصر على مناطق أوروبا وآسيا فحسب، بل امتدت أيضا إلى تعزيز تواجد الشركات المغربية الكبيرة في دول أفريقيا المتعددة، بما في ذلك شركات مرموقة مثل “اتصالات المغرب”، “المكتب الشريف للفوسفاط”، “الخطوط الملكية المغربية للطيران”، و”المكتب الوطني للكهرباء”، بالإضافة إلى مؤسسات أخرى.
ووفقا لتقرير بنك المغرب لسنة 2022، فإن المبادلات التجارية للمغرب مع شركائه الرئيسيين توضح تحولات ملحوظة، حيث تصدرت دول الاتحاد الأوروبي هذه القائمة، فيما سجلت المبادلات مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين والهند توازنا، مع تحقيق بعض التقدم في مبادلات المغرب مع هذه الدول، خصوصا على حساب الولايات المتحدة.