زادت حدة الغضب الشعبي في المغرب تجاه فرنسا مع استمرار نهج الأخيرة حرب “الفيزا” ضد المواطنين المغاربة.
وكانت الحكومة الفرنسية قد قررت في شتنبر 2021 “تشديد شروط منح تأشيرة الدخول” للمتقدمين من دول المغرب العربي الثلاث : تونس والجزائر والمغرب، وخفضت العدد السنوي المسموح به بنسبة 30% للتونسيين و50% للجزائريين والمغاربة”.
“المغاربة غاضبون من القيود المهينة”
نشر موقع Middle East Eye البريطاني تقريراً عنوانه “المغاربة غاضبون من القيود المهينة على التأشيرات الفرنسية”، رصد التناقضات بين التصريحات الرسمية من جانب فرنسا بشأن أسباب القرار من جهة، وما يحدث على أرض الواقع فعلياً من جهة أخرى.
وأشار التقرير إلى أن فرنسا كانت قد ربطت بين القرار وبين فشل الدول الثلاث (تونس والجزائر والمغرب) في اتخاذ إجراءات كافية لإعادة مواطنيها الذين يعيشون بشكل غير قانوني في فرنسا.
ووقت اتخاذ القرار، قال مصدر من وزارة الداخلية الفرنسية لمجلة TelQuel المغربية : “هدفنا بالتأكيد ليس إضعاف التبادلات الاقتصادية والثقافية القوية مع هذه البلدان.. ولذلك ستسعى قنصلياتنا جاهدة للحفاظ على الفئات التي لها الأولوية (الطلاب، ورجال الأعمال، والحاصلين على جوازات سفر الموهوبين، والعاملين المهرة..)”، مضيفا : “هدفنا الأساسي سيكون الدوائر الحاكمة المسؤولة عن هذا الوضع”.
لكن في المقابل، قال مسؤول مغربي للموقع البريطاني، طالباً عدم الكشف عن هويته، أن الواقع الفعلي يشير إلى أن الدوائر الحاكمة في المغرب بعيدة كل البعد عن كونها الأكثر استهدافاً بهذه القيود، مضيفا أنه : “في أغلب الحالات لا يحتاج القادة السياسيون إلى تأشيرات”، وأشار إلى “جوازات السفر الخدمية” الشهيرة المخصصة للدبلوماسيين وعائلاتهم.
وأكد ذات المتحدث أن القيود الجديدة من جانب فرنسا على “الفيزا” عبارة عن رفض “منهجي” لطلبات تأشيرة رجال الأعمال والصحفيين وآباء المغتربين أو مزدوجي الجنسية، وحتى السياح.
إحصاءات رسمية
تظهر الإحصاءات التي اطلع عليها موقع Middle East Eye أن القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت فقط 69,408 تأشيرة في عام 2021 مقارنة بـ 342,262 عام 2019، وفقاً لتقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا (DGEF).
وفي عام 2020 الذي ظهر خلاله كوفيد-19، والذي كان استثناءً في السفر بالنسبة لجميع بلدان العالم، كان المغرب لا يزال المستفيد الأول من التأشيرات الفرنسية، إذ صدرت لمواطنيه 98 ألف تأشيرة.
معاناة متفاقمة
حرم العديد من الطلبة المغاربة من استكمال دراستهم في باريس بسبب السياسات الفرنسية، كما لم يتمكن العديد من المحاضرين والباحثين من المشاركة في الأنشطة الأكاديمية ولا الثقافية بسبب الرفض الذي قوبلت به طلبات منحهم التأشيرة.
وإلى جانب ذلك، يوجد عدد كبير من المرضى المغاربة الذين كانوا يعالجون في فرنسا، ولم يعد بإمكانهم الحصول على تأشيرة للمتابعة مع أطبائهم هناك، وهو ما يفاقم معاناتهم يوما بعد آخر.
ما هي مبررات فرنسا ؟
كشف مصدر فرنسي في قنصلية الدار البيضاء لموقع Middle East Eye أن “القنصليات أوقفت التأشيرات بعد وصولها إلى حصة الـ50% التي حددتها الحكومة”، مضيفا أن “بقية الطلبات تُرفض رفضاً منهجياً.. وفي بعض الأحيان، حين لا يوجد سبب يبرر الرفض، يُكتفى بتأجيل الملف”.
وأكد ذات المتحدث أنه” لم يتم إحراز أي تقدم حتى الآن في المفاوضات بين فرنسا والمغرب لرفع قيود التأشيرات”.
انعدام التواصل
شهدت الأشهر الماضية تخفيفاً من الإجراءات الفرنسية ضد كل من تونس والجزائر، وفي المقابل تم الإبقاء على الإجراءات المطبقة نفسها على المغاربة بل ومضاعفتها، بحسب ما تعكسه شكاوى المواطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكانت العلاقة بين فرنسا وكل من الجزائر وتونس قد شهدت تحسناً ملحوظاً بعد المكالمات التي أجراها ماكرون مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون والتونسي قيس سعيد، بينما انعدم التواصل بين باريس والرباط، ولم يجر أي اتصال بين ماكرون والملك محمد السادس رغم تردد العاهل المغربي على باريس، بشكل متقطع، منذ بداية شهر يونيو الماضي.