في هذه الجلسة التي استضافت فيه جريدة أكادير 24 ،الأستاذ المغربي ،الحاصل على الدكتوراه في الفكر الإسلامي ومقاربة الأديان من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، الدكتور يوسف بن الغياتية ،كانت لنا الفرصة ان ننقل اليكم آراءه ملخصة بداية في بعض النقط التالية:
. علينا أن نجعل من الجائحة فرصةً للإقلاع والتخلص من جاذبية الفلك الذي أنهك قوتَـنـا واستنزف ثرواتِـنا ورصيدَنا الحضاري.
. استشعرت الخطر، وقمت بمراسلة بعض الأصدقاء والمعارف أن يُـبْلِـغوا من له سلطة القرار في أن يفرضوا حظرا شاملا وإغلاق الحدود لتمنيع البلاد
أمامنا من خيار إلا الامتثال لما قررته الحكومات حفظا للنفس.
. لا ينبغي أن نتسرع في إعلان النصر على هاته الجائحة، بل، وجب الإبقاء على أعلى درجات الطوارئ واليقظة.
. التحفيظ وملكية البراءات عبر العالم، فمثلا القفطان والأركان والمأكولات المغربية والمآثر كل هاته الأمور على مسؤولينا أن يبادروا إلى المطالبة بتحفيظها.
. الحجر فرصة ليتصالح المرءُ مع نفسه أولا، حتى إذا خرج بعد الحجر يخرج بثقافة جديدة وتربية جديدة ومهارة تفاوضية اجتماعية جديدة..
. يتعلق الأمر بمشروع إنشاء مكتبة من المعيار الدولي تكون بمثابة مَعْلَـمـة سياحية وتحظى بصفة المؤسسة ذات التسيير الذاتي لخدمة المعرفة والسياحة……
. وأتطلع دائما إلى أن أكون من جسور التواصل بين البلدين لتقوية التفاهم بينهما، وجلبا للمصالح الاقتصادية والاستثمار البيني ونقل التكنولوجيا والأفكار المهمة التي تدفع المغرب وكندا إلى مزيد من التقدم…..
- تحية، الدكتور سي يوسف بن الغياثية، مرحبا بك في هذه الجلسة الرمضانية، التي نسعى الى التعريف بالأدمغة والخبرات المغربية في بلاد العالم.
أهلا بكم ومرحبا بقراء جريدة أكادير 24 ، وشكرا للجريدة على الاستضافة.
- شكرا الدكتور سي يوسف على قبول الدعوة. ماذا تقول لتقديم نفسك لكل قراءجريدةأكادير 24؟
يوسف بن الغياثية، من مواليد آسفي 1971، درست بالمدرسة العمومية، وتخرجت من جامعة ابن زهـر قسم اللغة الأنجليزية وآدابها، وحصلت على ماجستير في اللغة والخطاب والفكر العربي والإسلامي الوسيط والمعاصر من جامعة ميشيل دومونتني، بوردو الفرنسية، ودكتوراه من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في الفكر الإسلامي ومقارنة الأديان. وأساهم في إبداء الرأي لبعض المؤسسات التي تطلب خبرة في العلاقات الدولية الثقافية. وأكرر شكري لدعوتي لمشاركتكم في هذا الحوار.
- كيف تعيش حياة الحجر الصحي؟ما الذي تغير؟
يشكل الحجر الصحي طابعا استثنائيا في حياة الناس على العموم. وفي الوقت نفسِه حاولت أن آخذ منه جانبَه الإيجابي. ليس من السهل على المرءِ أن يبقى حبيس المكان نفسِــه مدة طويلة، ولكن ليس أمامنا من خيار إلا الامتثال لما قررته الحكومات حفظا للنفس، فهم يملكون المعلومات التي لا يملكها الناس ولذا، وجب أخذ تلك التوجيهات بعين الاعتبار. هي فرصة لنا جميعا لمراجعة النفس، والتطبيع مع التأمل، والسفر في ذواتِــنا والتعمق في معرفة النفس. فمع الرتابة اليومية والمشاغل الدنيوية اليومية يصبح الإنسان بعيدا عن نفسِــه وبعيدا عن ذاتِه. ولذا، ماذا لو اعتبرنا هذا الحجْرَ هدية للقيام بهذا السفر؟ ستكون تجربة قلَّـمــا أتيحت لأكثرنا. وكثير من الناس يبذل المال للانعزال ليرتاح أو ليراجع نفسَه أو حسابَه، وها هي فرصة مجانية أتيحت فلنغْتنـم أفضل ما فيها من فرص.
- دكتور، حدثنا عن تواصل المغاربة بكندافي هذه الظروف؟
باختصار، يتواصل الناس عبر الهاتف ووسائل التواصل الأخرى ويتابعون بقلق مثل كل الناس الأنباء الواردة من الإعلام الرسمي أو من الوسائل الأخرى. نتابع جميعُنا أنباء أسرنا عبر القارات وخصوصا الأقربين، وكلنا رجاء في أن تنزاح هاته الجائحة بسلام.
- من المؤكد أنك تتابع اخبار المغرب، ما تقول عن الإجراءات التي اتخذها المغرب لمواجهة جائحة كورونا؟
أريد أن أشير إلى أمر هو أنه لما بدأت الحالات تنتشر عبر العالم، استشعرت الخطر، وقمت بمراسلة بعض الأصدقاء والمعارف ممن لهم صلة بالدوائر الحكومية والمسؤولية في بلادنا، وأبلغتهم رجائي المُلِـحَّ في أن يُـبْلِـغوا من له سلطة القرار في أن يفرضوا حظرا شاملا وإغلاق الحدود لتمنيع البلاد ومن يقيم عليها لحمايته، وخصوصا بعد تسجيل الحالات الأولى، وكان من اقتراحاتي التي تقدمت بها أن تغلَق المدارس والتجمعات غير الضرورية. وأنا أشيد بالاستجابة السريعة التي تمت، وهي آية على حرص مسؤولينا على سلامة مواطنينا. ولا نملك غير شكر المسؤولين على هاته الخطوات الاستباقية والتي بينت حس المسؤولية العالي لدى المسؤول والمواطن. غير أننا لا ينبغي أن نتسرع في إعلان النصر على هاته الجائحة، بل، وجب الإبقاء على أعلى درجات الطوارئ واليقظة حتى نخرج سالمين جُملـةً، لأن بقاءنا سالمين لن ينفعنا فقط في تجاوز الجائحة وإنما سينفع أيضا في مواجهة الآثار المدمرة التي ستخلفها هاته الطامة على كافة الميادين وأهمها الجانب النفسي والاجتماعي للأفراد والجماعات في مجتمعنا الذي يتوق إلى النهوض من سباتِه ومن تخلفه الذي يعاني منه طيلة عقود من الزمن لأسباب كثيرة لا مجال للخوض فيها الآن.
- تسارعت عدة اختراعات بعقول مغربية شابة في ظرف وجيز. بِــمَ تفسر ذلك؟
بهاته الجائحة أو بدونها، لقد آمنتُ بقدراتنا المغربية الإنسانية، سواء من جانب الذكور أو الإناث، مجتمعنا يحتاج إلى من يثق فيه، ويريد أن يكون مجتمعا مثل بقية المجتمعات الإنسانية. إن الإنسان المغربي يعرف بالفطرة أن له امتداداً في الزمن الماضي، واستمراراً في الزمن المستقبل. فالمغرب بلد متقدم في العالم فيما يتعلق بالتراث غير المادي، إذ يحتل الرتبة 20 على الصعيد العالمي، إن لم تخني الذاكرة. ولكن أنا متأكد أننا سنحسِّــن مرتبتنا في العالم إذا نحن أحدثنا وزارة تهتم بشؤون التراث غير المادي وعلى جميع الوزارات والمصالح أن تحدث أقساما بهذا الشأن. فجميع البلدان لها اهتمام بالتراث غير المادي لبلدانها، يصل إلى تخصيص مهام سرية للبحث والإتيان بكل ما يهم هذا الشأن لما فيه من غنى ولما يمكنه أن يحقق التقدم والسَّـبْـقَ على أمم أخرى. والمغرب لا يمكن أن يسبقَـه أحد في هذا المجال. لكن على مسؤولينا أن يعطوا هذا الشأن الأولوية. وسأضرب بعض الأمثلة. يضم المغرب أقدم إنسان عاقل مكتشَف لحد الآن، بجبل إيغود، هل قامت السلطات البلدية والجماعات المسؤولة عن تراب المنطقة بما يلزم بإصدار القرارات والقوانين والتشريعات الخاصة بحماية المنطقة وجعلها حرَمــا للبحث ولمزيد من التنقيب؟ ليس لدي علم حقيقة.
هل أسس المغرب متاحف للتاريخ الطبيعي على غرار المتاحف الأوروبية والأمريكية؟ هل نعطي الأولوية للذاكرة؟ هل قامت السلطات بوضع لوحة على بيت الكاتب محمد زفزاف الروائي المعروف لتذكير الأجيال بمكان إقامته وأخذ أغراضه ووضعها في متحف؟ في أي بلد ومنها فرنسا حتى لا نذهب بعيدا، تجد مثلا لوحة على باب البيت الذي أقام به كارل ماركس أو نيتشه الفيلسوفان الشهيران، عليها مثلا في هذا البيت “أقام فلان من سنة كذا إلى كذا، ويوضع عليها سنة الولادة والوفاة.” وإن كان البيت مسكونا أو ليس مزارا عاما. المهم اللوحة تكون تذكيرا لأي مارٍّ بالزقاق أو الشارع، وهكذا. كم مـرَّ في حياة المغرب وتاريخه من ساسة وكتاب ومفكرين واقتصاديين وعلماء فكيف لأجيالنا أن يكون لها رصيد من الطاقة تحتاجه لمواجهة الأمم الصاعدة والتي تتجاوزنا وليس لها من الرصيد الإنساني ما للمغرب أن تطمس ذاكرتها؟ إن التراثَ غيـرَ المادي مصدر من مصادر الدخل المالي والاقتصادي كذلك، ومنه دور السينما، والمعمار الكولونيالي، والمآثر التاريخية، والإيقاعات الموسيقية، والمخطوطات، وغيرها من المصادر التي تعبر عن أصالة أمتنا المغربية وتجعلُ لها تأثيرا وعلامة مميزة بين الأمم. وأشير إلى أمر مهم جدا، وهو التحفيظ وملكية البراءات عبر العالم، فمثلا القفطان والأركان والمأكولات المغربية والمآثر كل هاته الأمور على مسؤولينا أن يبادروا إلى المطالبة بتحفيظها وإلا ستقوم بذلك بلدان أخرى وسنفقد ملكيتَنا وطابعَنا عليها. ولعلكم تعرفون المعركة التي تقودها الجزائر من أجل القفطان المغربي مثلا، وغيرها من المآثر غير المادية. فقد يسخر المرء من قولنا تحفيظ الحريرة أو كعب الغزال، أو الأتاي بالطريقة المغربية ولكن المسألة تتعلق برهانات اقتصادية تُـدِرُّ على البلد أموالا يحتاجها، هذا إن نظرنا فقط إلى الجانب المادي. وعليه، فعلى المسؤولين أن يتحركوا لحماية أي شيء يحمل خصوصية مغربية لإعطائه طابعَه المغربي على صعيد العالم. فالرهان جِـدٌّ وليس هـزْلا.
ولا نملك في هذا الصدد إلا أن نستبشر خيرا بالقدرات المغربية والكفاءات التي يزخر بها البلد والتي تحتاج اهتماما أكبر من المسؤولين وصناع القرار ففي ذلك أمن قومي لأمتنا وخير لنا أن نساعد غيرنا من أن نطلب مساعدة الآخرين وخصوصا فيما نملك القدرة على فعله وصنعه. علينا أن نجعل من الجائحة فرصةً للإقلاع والتخلص من جاذبية الفلك الذي أنهك قوتَـنـا واستنزف ثرواتِـنا ورصيدَنا الحضاري، وفرصةً لردع كل مقاوم للتقدم والحداثة التي نتطلع إليها جميعا؛ تلك الحداثةُ النابعةُ من ذواتِنا والتي ننفتح بها على العالم وتجاربه. فالمغرب كان دائما بلدا منفتحا على الأمم الأخرى، ومحافظا على خصوصيته التاريخية وعلى سيادته واستقلاله، فوجب الاستمرار في هذا النهج دون الدخول في مغامرات أو أخذ مكان غير المكان الذي يناسبنا. وأظن أن سياستَنا الخارجية تنسجم مع موازين القوى، وهذا يجعلنا رقما صعبا في المعادلات الدولية، وهو رصيد وجب استثمارُه بكفاءة وبمزيد تعبئة الطاقات المناسبة لأي حاجة تزيدنا قوة أكبر وتجعل كلمتَنا مسموعةً في المحافل الدولية. لكن، لا يمكن أن ننجحَ في كل ما ذكرت إذا لم نُعْــــلِ من شأن المواطن المغربي ونحترمَه ونحترمَ إرادتَـه ورأيَـه وأن نثقَ فيه وفي قدراتِـه ونشجعَـها.
- سي يوسف، هل تتواصل مع الخبرات المغربية بكندا ودول العالم؟
نعم، أتواصل مع من لي بهم معرفة وأحاول أن أتعرف على مزيد، سواء في المجال السياسي أو الثقافي أو الاقتصادي وغيرها من المجالات الإنسانية. وأنا أرحب بكل من يؤيد التعاون حفظا لمصالح المغرب العليا وحفظا لمصالح كندا فأنا مواطن كندي أيضا. وأتطلع دائما إلى أن أكون من جسور التواصل بين البلدين لتقوية التفاهم بينهما، وجلبا للمصالح الاقتصادية والاستثمار البيني ونقل التكنولوجيا والأفكار المهمة التي تدفع المغرب وكندا إلى مزيد من التقدم وتقوية مكانهما وترسخ قدميهما في العالم وأهم ذلك أن يكتسيَ البلدان قوة أخلاقية وضميرا عالميا بأصالة المغرب ومكانة كندا الحالية وسمعتها، وأن نستثمر كل الفرص التي تجلب المصلحة والرخاء للمغاربة والكنديين، جنبا إلى جنب مع كل الفاعلين في المسرح الوطني والدولي من دوائر حكومية أو خواص أو هيئات، ولا أستثني أحدا فكل يعمل والساحة تسعُ الجميع ولا مجال لإقصاء أحد فكل له مجال وله صنعة يتقنها ولا يمكن لفرد أو هيئة أن يعملوا بمفردهم، وإنما يستدعي الأمر تجميعَ الجهود وتنسيقَها في الحدود الدُّنيـا والممكنة.
- نعود إليك سي يوسف. ماذا تعني لك القراءة في ظل الحجر الصحي؟ وماذا تقرأ؟
القراءة مفتاح المعرفة سواء في الحجر أم في غيره. وأتذكر هنا قصة جميلة للأديب الروسي الشهير “تْشيـخوف” اسمها “الرهان”، وقد حوّلها المصريون إلى تمثيلية وأدى دورَ البطولة فيها الأستاذ يحيى الفخراني، ويمكن مشاهدتها على اليوتيوب، أو قراءة النص نفسه لمن أراد ذلك. أترك لكم اكتشافها وأيضا ستجدون ما يقرب من الظروف التي نعيشها مع الحجر الصحي وكيف يُلْـزِم الإنسان نفسَــه بالقراءة وفوائدها وما هو العائد الذي يستفيده من ذلك. أقرأ مخطوطا لم ينشر للأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد، الفيلسوف السوداني رحمه الله.
- سبق وأن أشرفت مع عدد من الخبرات الدولية على إعداد مكتبة رقمية. حدثنا عن هذا المشروع.وأين وصل؟
أريد فقط تصويبا، من فضلك. يتعلق الأمر بمشروع إنشاء مكتبة من المعيار الدولي تكون بمثابة مَعْلَـمـة سياحية وتحظى بصفة المؤسسة ذات التسيير الذاتي لخدمة المعرفة والسياحة، خصوصا سياحة البحث والعلوم الإنسانية. وقد وضعت تصورا إلى جانب بعض الأصدقاء عبر العالم، وأسميناه خرجانيات المعرفة. أي كيف تكون المعرفة مصدرا من مصادر الاستثمار المالي والاقتصادي وخلق فرص العمل للمواطنين في بلادنا من باب المعرفة والتواصل والكتاب.
فمثلا نجد مراكز علمية وفي الوقت نفسه معلمة سياحية. تجدون المكتبات الوطنية عبر العالم، مثل مركز بومبيدو بباريس وغيره من المراكز ذات طابع سياحي وثقافي، متعةً للعين وإفادةً للروح والعقل. فأنت تستفيد من الناحيتين. المشروع عرضته على كثير من المسؤولين المحليين الذين لم يجيبوا عليه سوى من سيمول؟ وكأن الجواب عليه هو من اختصاصي. أو ربما هناك قصور في النظر لدى المسؤول المحلي الذي لا يتعدى في رؤيته كيفية إدارة أزبال المدينة، وأنا لا أقلل من شأن هذا الأمر لكن حين تجد مسؤولا يترشح لرئاسة مدينة أو عمودية وهو لا يملك خيالا أو تصورا كيف ستكون المدينة التي سيرأسها في الخمسين سنة المقبلة أو القرن المقبل، فهذا لن يتعدى التفكير في إدارة أزبال المدينة ونفاياتها. لا ننس كذلك تداخل الصلاحيات، وتعدد المتدخلين ولا أحد في النهاية يملك القرار، فتتعرض المشاريع إلى التجميد، والإهمال. فغالبية المدن المغربية لا ينطبق عليها اسم مدينة بالمعايير الإسلامية القديمة أيام تقدم الحضارة العربية الإسلامية ولا بالمعايير الغربية العالمية الحديثة. فهي تجمعات غابات إسمنتية تتمدد بشكل متوحش في شكل جرائم عقارية لا لون لها ولا هوية، لا في المظهر الخارجي ولا في البيوت وإلا لما تضايق الناس من الحجر لو كانت بيوتنا ومدننا مصممة بطراز يحمي الإنسان. فالمظهر الخارجي للمدينة يؤثر على نفسية ساكنيها. وهنا يمكن أن نثير قضية الهندسة المدنية والمعمارية، وخصوصا في التكوين. فأنت تكوّن المهندس تقنيا وفنيا ولكن لا تعطيه في التكوين جمالا وشعرا للتعبير، وكذا الطب، فقلما يستطيع طبيب مغربي أن يشرح لك الداء بعربية سليمة، ولا أن يصف لك العلاج أيضا. هو تلقى تكوينا في التخصص، فما أن يتعدى التخصص حتى يصاب بالخَرَس. إذن قضية الجمال والفنون واللغة وبدونها يكون التكوين ميتا وبلا روح مهمة جدا. ولذلك عبرنا عن الرجاء في أن ينتبهَ المسؤولون المحليون خصوصا إلى قضايا الجمال والفنون والثقافة لحفظ الرصيد الثقافي لبلدنا واستجلاب استثمارات محلية وأجنبية لتقوية مكانتنا في العالم. والمكتبات العامة مهمة في هذا المجال. إن توفير المعلومة للبحث والابتكار سيجعل الأدمة المحلية تبقى في مناطقها ولن يدفعها نقص المعلومة إلى الهجرة إلى مناطق أخرى. فهجرة الأدمغة المحلية والجهوية أمر لا ينتبه إليه المسؤولون ولا يستشعرون خطره. نحن نتحدث فقط عن هجرة الأدمغة من المغرب إلى الخارج، ولكن لا نهتم بأدمغة أكادير أو آسفي أو الراشيدية، أو السمارة، وغيرها مناطق المغرب. فتوفير المعلومة للبحث حافز للابتكار وتشجيع للدماغ المحلي على خدمة جهته وموطنه الأم.
- ما رأيك في الدعوة للقراءة والحرص عليها في ظل الحجر الصحي بالمغرب؟
لا نملك غير تثمين هاته الدعوة، والتي هي مفيدة ستجعل من المواطنين أناسا آخرين يجددون أنفسَهم ويعملون على تطوير إمكانياتهم وذواتِهم وينفتحون على عوالم جديدة من خلال السفر في المكان نفسِه والغوص في أعماقهم وإبعاد الملل عنهم. فكثير من الناس يشتكون من خيانة الأصدقاء والمعارف، ولكن لا ينتبهون إلى أن الإنسان يخون نفسَه أكثر من مرة، فكيف يحق له أن يشكوَ من خيانة الآخرين أو سوئهم أو إساءَتهم إليه، إن كان الشخص يسيء إلى نفسِه ولا يعرفها؟ هذا الحجر فرصة ليتصالح المرءُ مع نفسه أولا، أن يعفوَ عن نفسه أولا، أن يعرفَ نفسَه وأهلَه أولا، حتى إذا خرج بعد الحجر يخرج بثقافة جديدة وتربية جديدة ومهارة تفاوضية اجتماعية جديدة.
- شكرا على رحابة صدرك. لك كلمة ختامية ماذا تقول؟
أشكركم على هذا الحوار وعلى هاته الفرصة الطيبة التي تحدينا بها الحجر وتحدينا بها المسافة الزمنية والمكانية الجغرافية لنتواصل بيننا. شكرا لكم، وشكرا لله على نعمه ظاهرة وباطنة، راجيا أن يتواصلَ لقاؤنا وتشاورنا وتعاوننا خدمة للإنسانية وخدمة لبلدنا وتقاربا بين ضفتي المحيط. تحياتي إلىمسؤولي و قراء ومتابعي جريدة لأكادير 24 ، وإلى كل القراء الذين أرجو أن يتحملوا كلماتي وآرائي، شاكرا لكم من جديد جهودَكم المخلصة.
أجرى الحوار : لحسن البهالي