أكادير24 | Agadir24
كشف المحلل السياسي سمير بنيس أن هناك بوادر تحالف بين ثلاث دول في مواجهة المغرب، وذلك على خلفية النجاحات
االدبلوماسية التي حققتها المملكة خلال السنوات القليلة الماضية.
وأوضح المحلل السياسي أن بوادر تشكل محور ثلاثي فرنسي جزائري تونسي تلوح في الأفق لكبح جماح المغرب ونجاحاته، مشيرا إلى أن جهود المغرب الرامية إلى طي ملف الصحراء المغربية بدأت تزعج بعض الدول التي كان المغاربة ينظرون لها في السابق على أنها حليفة وصديقة.
وأضاف ذات المتحدث أن زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر بعد انتخابه لولاية ثانية مؤشر واضح على أن فرنسا اختارت معسكرها، وأنها لم تعد تنظر للمغرب على أنه ذلك الشريك الإستراتيجي أو “التوأم السياسي”.
ولفت بنيس إلى أن فرنسا شكلت تحالفا مع الجزائر وتونس، على اعتبار أنهما لم يتمردا على نفوذها السياسي والاقتصادي، بل يحرصان على إظهار آيات الولاء والطاعة لها.
وأكد بنيس أن جلالة الملك محمد السادس كان واضحاً في الخطاب الذي ألقاه في شهر نونبر الماضي حين قال أن المغرب لن يدخل في أي صفقات تجارية مع الدول التي تتبنى مواقف غير واضحة من وحدته الترابية، وأعاد التأكيد على ذلك في الخطاب الذي ألقاه الأسبوع الماضي، وهو ما أظهر للمغرب الدول الصديقة وتلك المعادية لمصالحه الإستراتيجية.
أما فيما يخص الاستقبال الذي خصه رئيس النظام التونسي، قيس سعيد، لزعيم الانفصاليين، فقد قال بنيس أنه “خير دليل على أن تونس اختارت هي الأخرى معسكرها، وأنها انضمت للدول القليلة التي تدعم أجندة النظام الجزائري المعادي للوحدة الترابية للمغرب”.
واعتبر المتحدث نفسه أن “الخطوة التي أقدم عليها الرئيس التونسي، والتي تعتبر اعترافا ضمنيا من نظامه بالكيان الوهمي، تعتبر صدمة بالنسبة للشعب المغربي، وخيانة لروابط الصداقة التي تجمع بين الشعبين المغربي والتونسي، وكذا بين الدولتين”.
وخلص المحلل السياسي إلى أن “السياق الذي جاءت فيه الزيارة التي قام بها زعيم الانفصاليين لتونس- تزامنا مع زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، وبعد أسبوع من الخطاب الحازم الذي ألقاه الملك محمد السادس، وتزامنا مع ظهور فيديو مفبرك يحاول النيل من حظوة الملك ومكانته الرفيعة في قلوب المغاربة- يظهر أن المملكة أمام تشكيل تحالف ثلاثي جزائري-فرنسي-تونسي هدفه هو إطالة أمد النزاع حول الصحراء المغربية والحيلولة دون تمكن المغرب من طي هذا الملف”.
بوادر التحالف الثلاثي
أوضح المحلل السياسي سمير بنيس أن “بوادر التحالف بين تونس والجزائر وفرنسا بدأت في الظهور منذ أكثر من سنة، ولعل إحدى أهمها هو امتناع تونس عن التصويت لصالح قرار مجلس الأمن حول الصحراء في شهر أكتوبر الماضي”.
وأضاف ذات المتحدث أن “ذلك التصويت كان انحرافاً عن العرف الذي دأبت الدول العربية على احترامه، والذي يقضي بالتصويت لصالح القرارات التي تحظى بدعم غالبية الدول العربية”.
وبخصوص قضية الصحراء، قال بنيس أن “كل الدول العربية التي حصلت على مقعد في مجلس الأمن دأبت على التصويت لصالح قرارات مجلس الأمن المتعلقة بهذا الملف، بل حتى الجزائر نفسها صوتت لصالح قرار مجلس الأمن المعني بالملف حينما كانت عضوا في المجلس عامي 2004 و2005، وهو ما يظهر فظاعة الخطوة السياسية التي أقدم عليها النظام التونسي القيسي في شهر أكتوبر الماضي”.
واعتبر المحلل السياسي أن “هذه الخطوة كانت من بين إحدى المؤشرات على أن هذا النظام التونسي أصبح يدور في فلك النظام الجزائري ويعمل لخدمة أجندته”.
وفي سياق متصل، لفت بنيس إلى أن “من بين مظاهر التقارب التونسي-الجزائري، وعزم الرئيس التونسي على الاصطفاف مع الجزائر والانحراف عن حيادها، زيارة قيس لهذا البلد في شهر فبراير 2020، في أول زيارة خارجية يقوم بها بعد انتخابه رئيساً لتونس”.
وفي مقابل ذلك، قرر النظام الجزائري بمناسبة تلك الزيارة إيداع مبلغ 150 مليون دولار في البنك المركزي التونسي على شكل ضمانة، ومنح تونس تسهيلات في الأداء للحصول على الغاز الجزائري.
الجزائر تستغل هشاشة تونس
اعتبر بنيس أن الجزائر عملت على استغلال حالة الهشاشة وعدم الاستقرار التي تمر منها تونس، وافتقاد الرئيس سعيد للشرعية السياسية، لجلبه للمحور المعادي للوحدة الترابية للمغرب.
وذكر المحلل السياسي بالزيارة التي قام بها نظام العسكر الجزائري لتونس في شهر ديسمبر 2021، والتي أعقبها الإعلان عن منح تونس قرضا بقيمة 300 مليون دولار لمساعدتها على تخطي الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر منها.
فرنسا تدخل على الخط
في الوقت الذي حصل فيه النظام التونسي على الدعم المالي والسياسي من نظام العسكر الجزائري، دخلت فرنسا على الخط وسارعت إلى توفير دعمها للرئيس سعيد، وإلى إعطائه الشرعية التي افتقدها في الداخل.
في هذا الصدد، عقد السفير الفرنسي لدى تونس اجتماعا مع وزير الخارجية التونسي في شهر يناير الماضي، وأكد فيه المسؤول الفرنسي التزام بلاده بدعم الجهود التي يبذلها النظام التونسي للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، كما عبر عن دعم فرنسا للجهود التي يبذلها الرئيس سعيد من أجل “ترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون” في البلاد.
وفي المقابل، عرفت العلاقات المغربية-التونسية فتوراً غير مسبوق وشبه انقطاع في التواصل بين كبار مسؤولي البلدين، وكان من بين أهم بوادر هذا الفتور، حسب بنيس، عدم تجاوب الرئيس التونسي مع الدعوة التي وجهها له الملك محمد السادس لزيارة المغرب، وذلك خلال المكالمة التي أجراها الطرفان في شهر يناير 2020.