“16 مليون مواطن إيطالي سيخضعون جبرا للحجر الصحي” ، هكذا عنونت صفحة إلكترونية إيطالية “السبق” الصحفي الذي أوصل إيطاليا للكارثة ؛ فقبل أقل من ثلاثة أسابيع فقط كان عدد المصابين بفيروس كورونا ( COVID19 ) لايتجاوز المائة, معظمهم بالجزء الشمالي للبلاد .
ولتطويق الوباء قررت السلطات إخضاع شمال البلاد للحجر الصحي ( الأمر هم حوالي 16 مليون مواطن ) ، إلا أن وسائل الإعلام الإلكتروني الإيطالية لم تكتفي بتناقل الخبر بسرعة البرق فحسب ؛ بل تفننت في تسويقه بصور مختلفة وبعناوين مخيفة قبل تناوله من جهات الإعلام الرسمية، واعتبرته فرصة “ربحية” دون أدنى اعتبار لوقعه الخطير على البلاد ؛ حيث كانت ال 24 ساعة قبل تفعيل القرار كافية لهروب آلاف المواطنين المفزوعين ،من بينهم عشرات المصابين و الحاملين للفيروس الفتاك، نحو وسط وجنوب إيطاليا .
بعد هذا الحادث مباشرة, تفشى وانتشر الوباء بشكل مروع وفظيع بكل أنحاء البلاد و غرقت إيطاليا في مستنقعات الفيروس الذي يقتلع حاليا أرواح المئات من الضحايا بشكل يومي ومستمر …
هو إذن، درس وعبرة و مناشدة لكل المواقع والصفحات الإلكترونية المغربية ؛ وبشكل أخص المستهثرة منها وصحافة “البوز”، من أجل استحضار روح المواطنة والمسؤولية وتحري الدقة والمهنية والتفكير في الأبعاد والتأثيرات الآنية والمستقبلية قبل صناعة أي خبر صحفي، خصوصا في الظرفية الحالية .
فإن كان القانون الجنائي المغربي يضرب بيد من حديد على مروجي الأخبار الكاذبة والزائفة ، فإن “القانون الإنساني” لن يغفر ذنب مروجي “الأخبار الصحيحة القاتلة ” التي تبقى مخطوطة بالدماء في الذاكرة التاريخية .
رضوان العلمي .