بعد سنوات من انتظار تحسن وضعية النقل الحضري بأكادير الكبير شرعت الشركة المستغلة لهذا المرفق العمومي في تزويد حافلاتها بالويفي !!! جميل أن يرى المرء الحافلات مزودة بهذه التقنية، لكن الأجمل أن يخرج من بيته و يجد وسيلة نقل تقله إلى عمله أو مدرسته أو جامعته، أو قضاء أغراضه في الوقت المحدد دون تأخر. قبل التفكير في الكماليات وجب توفير الأساسيات أولا.
و نحن على بعد أقل من شهرين من توديع سنة 2017 تكون قد مرت سبع سنوات على إبرام عقد التدبير المفوض الخاص بالنقل الحضري لأكادير الكبير الذي تستغله شركة ألزا منذ سنة 2010، و كان الغرض من تفويت هذا المرفق العمومي هو تحسين الخدمات المقدمة للساكنة في مجال النقل الحضري بعد تدني الخدمات التي كانت تقدمها الشركات السابقة التي عانت من اكراهات و اختلالات هيكلية و صعوبات مالية، بعد التوسع العمراني و النمو الديمغرافي السريع الذي عرفه أكادير الكبير خلال العقود الأخيرة.
طوال مدة استغلال شركة ألزا الخاصة لمرفق النقل الحضري لم يظهر ما يبين أن الشركة و الجهات المسؤولة على المرفق قامت ببحث حول مدى رضى مستعملي حافلات النقل الحضري عن الخدمات المقدمة لهم من طرف هذه الشركة، و هل تحسن المرفق أم عاد إلى الطبيعة التي كان عليه في عهد الشركات السابقة ؟ و لم نسمع عن أن لجنة التتبع التي تضم الولاية و البلديات و مجالس العمالات التي لم يعد من اختصاصها تدبير مرفق النقل الحضري بعد إسناده للجماعات بعد صدور القانون التنظيمي رقم 113.14 قامت بتقييم موضوعي لعمل الشركة و الوقوف على المؤشرات الذالة على احترامها لدفتر التحملات الخاص بهذا القطاع، مما يجعلنا نتسائل عن دور مؤسسة التعاون بين الجماعات في مجال النقل الحضري ما دامت اللجنة المذكورة تحتكر القرار.
و بالرجوع إلى واقع هذا المرفق في الميدان، نجد أن مستعمليه يعانون العديد من المشاكل، أهمها الخصاص الكبير في الأسطول الذي حدده دفتر التحملات في 156 حافلة سنة 2011، علما أن أكادير 2011 ليس هو أكادير 2017 ، حيث عرفت أحيائه و الجماعات القروية التابعة له توسعا عمرانيا كالدراركة و أورير و التامري و امسوان… و بعد أن أصبحت الشركة تغطي خطوطا أخرى بشتوكة ايت بها و تارودانت بنفس العدد المخصص لأكادير الكبير، و هو ما يجعل مطلب الرفع من أسطولها أمرا آنيا، خصوصا أن هناك التزام بالرفع من الأسطول مع أي تزايد سكاني لتأمين نقل الساكنة في المجالين الحضري و الشبه الحضري.
كل هذا عجل بعودة بعض المطالب القديمة للجماعات القروية إلى الواجهة، كجماعة امسوان التي طالب ممثها سنة 2011 بتفعيل الخط الرابط بين أكادير و امسوان تطبيقا لدفتر التحملات، و مطلب جماعة اورير بتمكين ساكنة اسرسيف من النقل العمومي… و كان رد المدير العام للشركة حينها على هذه المطالب بكون الشركة على وعي بها، و أنها ستعمل على دراسة الحركية بامسوان، أما بخصوص اسرسيف أشار إلى غياب الساكنة و عدم صلاحية الطريق، و أن الشركة ستعمل على دراسة الخطوط المقترحة.
اليوم، تحولت منطقة امسوان إلى وجهة سياحية تستقبل يوميا أفواجا كبيرة من السياح المغاربة و الأجانب و يقدر عدد ساكنتها بتسعة آلاف نسمة. و أضحى حي اسرسيف حيا يعج بالحركة و تجمعا سكانيا مهما بأورير، و يتوفر على طريق في المستوى، و لم يعد هناك ما يبرر حرمان ساكنة هذه المناطق من خدمات النقل الحضري.
كل الخطوط بالحواضر و المراكز القروية أورير، تغازوت، التامري… تعاني مشاكل جمة في نقص حاد في عدد الحافلات و تأخرها عن موعدها المحدد يتجاوز المدة المسموح بها، و في سلوكيات بعض مستخدمي الشركة تجاه مستعملي الحافلات، أحيانا يتجاهل السائقون المواطنين في المحطات لتمر الحافلة دون توقف و دون مراعاة لإلتزامات المواطنين بعملهم و التلاميذ بمدارسهم… و عدم احترام الشركة لحقوق المعاقين و ذوي الإحتياجات الخاصة في ولوج الحافلات، و غياب الأمن و انتشار السرقات في بعض الخطوط و المحطات. و غياب نقط البيع في الجماعات الشبه حضرية التي التزمت الشركة بتوفيرها موازاة مع الوكالات التجارية بالبلديات الأربع لأكادير الكبير، و عدم بناء و تجهيز محطات وقوف مستعملي الحافلات بالجماعات القروية و تزويدها بخريطة شبكة النقل الحضري بأكادير…
هي بعض من المشاكل التي يعرفها مرفق النقل الحضري بأكادير، في انتظار الجهات المسؤولة على القطاع أن تقوم بوقفة لتقييم أداء الشركة لإصلاح الأعطاب و حل المشاكل، أو فتح الباب أمام شركات أخرى إذا كانت الشركة الحالية غير قادرة على الرفع من أسطولها و تغطية التجمعات السكانية في المجال الحضري و الشبه الحضري، و الوقوف على مدى صلاحية الأسطول المتوفر إن كان يستجيب لدفتر التحملات المذكور، أم أن شبكة الإنترنت بتقنية الويفي هي النقص الوحيد الذي تعاني منه خطوط النقل الحضري.
محمد آيت ايدير