من النظريات الاجتماعية المرتبط بالكوارث والاوبئة تتصدر نظرية مالتوس مكانة مهمة بارتباطها بمعادلة بسيطة وهي أن الاوبئة والكوارث الطبيعية والحروب تعيد التوازن بين المقدرات الطبيعية وعدد أفواه البشر المستهلكة. وقد تجد من المالتوسيين من يؤمن بضرورة خلق هذا التوازن إما بفعل البشر أو الطبيعة…
في سياقنا المغربي كثبرا ما نجد في المخيال الجمعي بعض من هكذا أطاريح، كالسماع بالقول “كحل الراس ما كيصلح لوالو” او ” راه بنادم كثير كي الذبان” و” ثقافة بوزبال مع رساميل الكليميني” أو المقولة المشهورة “طحن مو”.
ومن الناحية السوسيولوجية لابد من استدراج ادوات التحليل النفسي لتفسير ما وراء اللاشعور الجماعي للمغاربة من خلال تحليل الممارسات الثقافية والتمثلاث التي تبنى عليها هذه المقولات.
نتمنى ان لا تنجح كورونا في تزكية نظرية مالتوس وأن يخرج المغاربة بأقل الخسائر. رغم انني أعتقد أن المحن الكبرى تغير الكثير في الشعوب فالحرب الاهلية في فرنسا واسبانيا ادت الى اعادة بناء التعاقدات السياسية عاى اسس الانسان وحقوقه الكاملة واستطاعت المانيا الخروج من دمار الحرب العالمية ومخلفات النازية بكثير من تضامن ووحدة الشعب الجرماني الذي انخرط في بناء المانيا الجديدة بالعمل والعلم والانظباط.
ففي خلال معاينتنا للسلوكات الجماعية والفردية للمعاربة يمكن استنتاج البروفايلات الاتية:
غياب التافهين ومروجي التفاهة في المشهد الاعلامي وعلى منصات التواصل الاجتماعي وترك المجال لفئات كثيرا ما عانت الجفاء والتشويه كالاساتذة والمعلمين والاطباء والممرضين وأجهزة الامن والوقاية المدنية. وهذا ما سيطرح على المجتمع ومؤسساته استراتيجية لترتيب الاولويات والاهتمام بهذه الفئات والقطاعات لبناء مجتمع متين.
ظهور الدولة بوجهها الحامي للحقوق والحريات من خلال سن اجراءات احترازية جدية لعزل المجتمع صحيا والتقليل من الاصابات او من خلال تحريك المتابعات من خلال متابعة التافهبن والدجالين كما وقع “لابي النعيم”.
بداية التربية البيداغوجية للمواطنين(ات) على بعض السلوكات المدنية كاحترام (النوبة) من خلال طوابير الانتظار ومسافات الامان امام المحلات والاهتمام بقواعد النظافة في الفضاءات العامة وبالمنازل.
إعادة العديد من الاسر النظر في علاقتها مع المدرسين والمدرسة بعد الاستقالة الجماعية عن أدوار التعليم والتربية حيث سيكتشف العديدون انه من الصعب ضبط الاطفال لأربع ساعات من خلال علاقات تواصلية انسانية مباشرة ودون الاستعانة بخدمات التلفاز والهواتف الذكية.
سيتصالح المغاربة مع ذواتهم التي تدوب في متاهات (الجوقة الاجتماعية) وسيكتشفون قيم الانانية والجشع والانتهازية والانتظارية والجهل اامستشري في المجتمع والتي نعتبرها اوبئة أشد فتكا من فيروس كرونا.
وفي الاخير كم تمنينا في هذه الاجواء الانسانية الاليمة ان نسمع بمبادرة إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين لضخ مصل المناعة في شرايين الدولة والمجتمع وإعادة الثقة في المؤسسات للبناء مغرب جديد قادر على الصمود والتحدي امام الازمات.
لقد تخطيت اليوم الثالث بكثير من الصمود…..لن تهزمنا كورونا…
الاستاذ أحمد اوبلوش.. مفتش تربوي وباحث في علم الاجتماع والتربية وحقو الإنسان