فيروس كورونا المستجد : تداعيات أكبر في صفوف النساء
يلقي فيروس كورونا بظلاله على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية و باقي مناحي الحياة اليومية، وفي هذا الإطار كان من المشروع التساؤل عن المتأثر الأكبر بهذا الفيروس بين الجنسين، لتتجه معظم الأصابع نحو النساء.
ولئن كانت الوفيات تنتشر بشكل أكبر في صفوف الرجال، باعتبار أن معدل الوفيات بين الذكور يبلغ 2.8% مقارنة بـ1.7% بين الإناث، حسب دراسة نشرها المركز الصيني لمكافحة الأمراض شهر مارس الماضي، فإن العبء النفسي و الاجتماعي و الاقتصادي للفيروس يقع بشكل أكبر على النساء، وهو الأمر الذي أكدته المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم، التي صرحت بأن كوفيد-19 “يمكن أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء فيما يتعلق بتمكين المرأة”.
من الناحية الاجتماعية
أدت إجراءات الإغلاق التام التي انتهجتها العديد من البلدان حول العالم إلى إثقال كاهل النساء بالعديد من الأعباء، فعلى سبيل المثال، أدى إغلاق المدارس إلى تحمل العديد من النساء مسؤولية رعاية أطفالهن طيلة اليوم بمفردهن، خاصة في البلدان النامية التي توكل فيها مهام التربية للنساء على وجه الخصوص.
و إلى جانب ذلك، كان لمعاناة كبار السن مع الفيروس التاجي تداعيات على النساء سواء زوجاتهن أو بناتهن أو زوجات أبنائهن أو حتى الممرضات اللواتي يتحملن عبئ الاعتناء بهم و الحرص على إمدادهم بالعون و المساعدة، خاصة في الحالات الصعبة، أو في الحالات التي لا يتمكن فيها جميع المرضى من ولوج المستشفيات في البلدان التي فقد السيطرة عن الفيروس كإيطاليا سابقا.
من الناحية النفسية
يتحمل الرجال في معظم البلدان مهام توفير الطعام والشراب والقيام بأغراض التسوق و الالتزام بتوفير مشتريات البيت، الأمر الذي جعل العديد منهم على الرغم من الحجر الصحي الذي شمل بلدانا عدة خلال الشهور الماضية، يجدون الفرصة بين الفينة و الأخرى للخروج من المنزل و ربط الاتصال مع العالم الخارجي، بينما تظل النساء قابعات في البيوت لفترات طويلة قبل أن تتاح لهن فرصة للخروج، أو للقيام ببعض الأشغال خارج البيت نيابة عن الزوج.
و إلى جانب ذلك، فإن إغلاق العديد من المراكز التي تقدم خدمات للنساء ضحايا العنف و المشاكل الأسرية، جعل العديد من النساء يعانين في صمت من الاضطهاد و الإعتداءات في ظل غياب مرافق يلجأن إليها، وفي هذا السياق أكدت ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، بأن معدلات قتل الإناث – التي تشير إلى مقتل شخص على يد شريكه – تضاعفت “بشكل مقلق” في بعض البلدان، مضيفة أن ذلك يشكل “أزمة ضمن أزمة الوباء الأكبر”.
من الناحية الاقتصادية
تشكل النساء حول العالم مجموعة كبيرة من العاملين بدوام جزئي والعاملين غير الرسميين، وعادة ما يتم التخلي عن هذا النوع من الوظائف في فترات الأزمات، وهو الأمر الذي شهدناه في المغرب على سبيل المثال، إذ فقدت العديد من العاملات في البيوت و الحمامات و قطاع التنظيف عملهن دون الاستفادة من أي تعويضات، والحال نفسه بالنسبة للعديد من البلدان.
وفي هذا السياق، تؤكد باحثة السياسات الصحية في جامعة سايمون فريزر الدكتورة جوليا سميث بإنه “خلال الأزمات الكبرى، عندما تضطر النساء إلى التخلي عن العمل والدخل للبقاء في المنزل، غالبا ما يجدن صعوبة في العودة لتلك الوظائف بعد الأزمة”.
نساء في الصفوف الأمامية لمواجهة الفيروس
أفادت منظمة الصحة العالمية بإن النساء يشكلن غالبية العاملين في قطاع الرعاية الصحية والاجتماعية بنسبة %70 في104 دولة شملتها هذه الإحصائية ، وهو الأمر الذي يجعل النساء أكثر احتكاكا مع الفيروس، و أكثر عرضة للإصابة به.
و إذ تشغل معظم النساء مهنا في الأقسام التمريضية، فقد صرحت أخصائية الأمراض المعدية وعلم الأوبئة الدكتورة سيلين غوندر، لموقع نيويورك تايمز، بأن مستويات تعرض الممرضات للفيروس “أعلى من الأطباء” لأنهن أكثر مشاركة في الرعاية الحميمة للمرضى، إذ أنهن يقمن بسحب الدم وتجميع عينات المرضى و معاينتهم بين الفينة والأخرى.
هذا، و تخاف العديد من الفاعلات في المجال الحقوقي و مجال تمكين النساء من أن تعمق جائحة كورونا من أزمة النساء في العالم، وتجهض الجهود التي خضنها طوال السنوات الماضية للرقي بوضعية النساء، كما يأملن أن يبلغ العالم مستويات متقدمة من الوعي الفكري والتوازن الاجتماعي القائم على المساواة.
سكينة نايت الرايس – أكادير 24
التعاليق (0)
التعاليق مغلقة.