أجمعت فعاليات حقوقية عدة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن فاجعة دمنات، والتي أودت بحياة 24 شخصا إثر انقلاب سيارة للنقل السري بأحد المنعرجات.
في هذا السياق، حملت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان مسؤولية الحادث المميت للسلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة، مطالبة بتحديد المسؤوليات وتفعيل المحاسبة في حق جميع المتورطين.
وشددت العصبة في بلاغ لها على أن “مثل هذه الحوادث التي تكررت غير ما مرة في إقليم أزيلال بشكل مأساوي تستوجب تحديد المسؤوليات ومحاسبة كل من يمكن أن يكون سببا ولو بشكل غير مباشر في هذه الفاجعة”.
واعتبرت العصبة أن “هذا الحادث يستوجب مساءلة السلطات والمنتخبين عن أدوارهم في تحقيق تنمية حقيقية، تصون حياة وكرامة المواطن في إطار من الجدية والمسؤولية، وليس هدر المال العام في مهرجانات فارغة، يصرف عليها ببذخ وبميزانيات يتم التستر عليها وتطرح أكثر من سؤال بخصوص الشفافية والحكامة”.
مطالب بتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة
دعت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى “تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة بخصوص التنزيل المحلي للبرنامج الوطني لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بإقليم أزيلال”، مع “جبر الضرر عبر إخراج قانون الجبل للتمييز الإيجابي في المناطق المهمشة، تحقيقا للعدالة المجالية والتنمية المحلية”.
وإلى جانب ذلك، طالبت العصبة الجهات المسؤولة بتسريع إخراج المشاريع الطرقية إلى الوجود ومراقبة جودة إنجازها، كما دعت إلى هيكلة قطاع النقل السري وتعبيد المسالك القروية بالإقليم، وبالأخص المسلك الذي سلكته العربة موضوع الحادث الأليم، والذي كان محط احتجاج سابق من طرف سكان المنطقة المكلومة”.
“الدولة تتحمل المسؤولية”
حمل المنتدى الديمقراطي للحق والإنصاف المسؤولية الأخلاقية والقانونية لحادث دمنات للدولة، وذلك لـ”أسباب محورية من بينها واقع التهميش الذي تشهده الطرق النائية بالعالم القروي، حيث لا مشاريع تنموية ولا جدية لدى المسؤولين الترابيين والأمنيين والمنتخبين”.
هذا، وطالب المنتدى بـ”ترتيب المسؤوليات لمنع تكرار مثل هذه الحوادث الخطيرة”، إضافة إلى “التحرك الفوري لتهيئة الطرق النائية المهترئة، وخدمة التنمية المستدامة بكامل مداشر وقرى الجماعات الترابية المهمشة”.
مطالب بمحاسبة “المقصرين”
من جهته، حمل المكتب الجهوي للمرصد الدولي للإعلام وحقوق الإنسان بجهة بني ملال خنيفرة، المسؤولية الكاملة في فاجعة دمنات لـ”المسؤولين الذين لم يقوموا بالعمل المنوط بهم في صيانة الطريقة الوعرة موضوع الحادثة للحيلولة دون سقوط السيارات في الهاوية، فضلا عن عدم تفعيل دور المراقبة الطرقية لمراقبة عدد الركاب المسموح بهم”.
وطالب المرصد بمحاسبة من أسماهم بـ”المقصرين” كيفما كانت درجات مسؤوليتهم، داعيا جميع رؤساء الجماعات الترابية إلى “إعطاء الأولوية في برمجة ميزانياتهم للمشاريع التي تعود بالنفع على الوطن والمواطنين وليس غير ذلك، بشراكة فعلية مع المجالس الإقليمية و الجهوية و بتنسيق مع سلطات الوصاية”.
وتجدر الإشارة إلى 24 شخصا لقوا مصرعهم، فجر يوم الأحد 6 غشت الجاري، في حادثة سير مميتة جراء انقلاب حافلة للنقل المزدوج على الطريق الرابطة بين مدينة دمنات وجماعة سيدي بو لخلف بإقليم أزيلال.
وكان الضحايا، الذين ينحدرون من دوار آيت عنيناس بجماعة آيت تمليل، في طريقهم إلى السوق الأسبوعي بدمنات، قبل أن تنقلب الحافلة التي كانوا على متنها، وهو ما أسفر عن وفاة 22 منهم بمكان وقوع الحادث على مستوى دوار آيت واكريم، فيما لفظ اثنان آخران أنفاسهما الأخيرة في مستشفى القرب بدمنات.
وأعادت هذه المأساة الإنسانية التي تناقلتها العديد من وسائل الإعلام الوطنية والدولية، إلى الواجهة معضلة النقل السري التي تستفحل يوما بعد آخر، في ظل عجز المسؤولين عن وضع حد لها، خاصة في العالم القروي.
هذا، ويقبل العديد من المواطنين في القرى و البوادي، أيام انعقاد الأسواق الأسبوعية، على خدمة النقل السري (الخطّافة) للتنقل في تضاريس وعرة في ظل انعدام خيارات أكثر أمْناً، وهو الأمر الذي ينتهي في كثير من الأحيان بفواجع إنسانية.