ما وقع بأكادير، الاسبوع الماضي مخجل ومذل بكل المقاييس ، مخجل لأن الأمر يتعلق بواحد من أقطاب التنمية الكبرى بجنوب المغرب ،وحاضنة المشاريع الصناعية والفلاحية والسياحية المهيكلة لجهة سوس ماسة .
ومذل لأن جميع مسؤولي المدينة ورجال سلطتها ومنتخبيها ومديري قطاعاتها الوزارية تواطؤوا على إخراج “فضيحة” السنة والمشاركة فيها .
ومدان لأن ذلك تزامن مع الإعداد لزيارة رسمية لجلالة الملك ،كان من المفروض أن تعرض أمامه مشاريع وأوراش وبنيات تحتية حقيقية خاضعة لبرمجة زمنية دقيقة وممولة من ميزانيات عمومية ،وليس “استعراض” أثاث حضري “وهمي” قصد النصب والتحايل على الموكب الرسمي الملكي .
فما التقطته كاميرات المواطنين من صور وفيديوهات ،مند الجمعة الماضي ، وتناقلته مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع ،ينبغي أن يكون صك اتهام واضحا لجميع المسؤولين والمنتخبين والرؤساء والمدريين ،الذين شاركوا في “أم المهازل” ،كما ينبغي على النيابة العامة المختصة أن تتحرك لاستدعاء جميع المتورطين في مسرحية الضحك على الجميع بأثاث حضري “محمول” قابل للتفكيك والنقل من مكان إلى أخر ،حسب المناسبات.
إن مجرد التفكير في وضع أشجار نخيل “بثمارها” على جنبات الطرق الأساسية حتى يراها الملك ،تم تقتلع من جديد وتعود إلى المخازن ،أو وضع عشب قابل للطي على جنبات الساحات العمومية ،أو تجييش عمال الإنعاش لطلاء حواشي الممرات المهملة مند سنوات ، أو “استنبات ” أغراس في جنح الظلام ، يجب أن يكون موضوع مساءلة قصوى، كما ينبغي على اصحابها (قبل ذلك) أن يخجلوا من أنفسهم ويقدموا استقالتهم في الحال.
والواقع أن مسؤولي أكادير ليسوا وحدهم من ينبغي أن يفهموا أن عهد التحايل على المواطنين ولى إلى غير رجعة ،بل مسؤولو جميع الجهات و الأقاليم والعمالات والمدن الأخرى الذين يشتغلون، تقريبا بالمقاربة التنموية نفسها ، أي وضع المكياج فوق المخاط (العكر فوق الخنونة) ، وهي مقاربة أدت الى كوارث تنموية كبيرة بالمغرب ،ومزال الجميع يدفع ثمنها إلى اليوم .
إن تنمية الجهات والمدن وتأهليها والارتقاء ببنياتها التحتية الأساسية ، وتحويلها إلى أقطاب للصناعة والتشغيل والسياحة والفلاحة والخدمات والاستثمار، هي مهمة “الرجال الكبار” الذين يخافون من حساب التاريخ والمستقبل ، وليس مهمة “الصغار ” الذين يهرولون وراء المناصب والمسؤوليات لتنمية مصالحهم الذاتية ، وحين يأتي وقت “زيارة رسمية” ،يرتكبون فضائح ترقى إلى مستوى جرائم.
وفي غياب المساءلة والعقاب ،يستمر هؤلاء في زرع بذور الشك في نفوس المواطنين وتوسيع الهوة بينهم وبين المؤسسات والانتخابات ،ودفعهم إلى “خيارات أخرى ، وهم يرون ،كل يوم، أن بعض المسؤولين المؤتمنين على شؤونهم ، هم مجرد “عصابة” من الغشاشين والمتحايلين والنصابين ، يقولون ما لا يفعلون ، ويفعلون ما لا يقلون .
فازرعوا، اليوم، ما شئتم من نخيل وعشب وأغراس وأشجار فاسدة .
فغدا لن تحصدوا سوى الريح
بكل تأكيد .
د.خالد الحري