أعلنت مجموعة التراس الريدريبلز، بشكل رسمي الإنسحاب من عالم الالتراس بصفة نهائية، بعد 12 سنة من الممارسة العملية في ميدان التشجيع، و أكدت على براءتها من كل رمز أو محتوى أو نشاط يُرَوّجُ بِاسمِها، في الحاضر والمستقبل، وأنها لا تتحمل مسؤولية أي رد فعل تحبل به الأيام نتيجة ما وقع.
و أوضحت المجموعة في بيان الانسحاب الذي توصلت أكادير 24 بنسخة منه بأنه ، و وبإعلان الانسحاب، يُسدَلُ الستار عن هذه التجربة الحركية، ليكون الأعضاء أحرارا في التشجيع لفريقهم بالشكل الذي يروقهم، والنهج الذي تعبر عنه إرادتهم الخاصة.
وفيما يلي النص الكامل لإعلان الإنسحاب.
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على خيرة الخلق محمد: ما كان لقلم لو خُيّر بين كتابة إعلان الميلاد وبين إعلان الوفاة، إن يختار الثاني، ويضيّع شرف كتابة الأول، فالكلمات والحال هذه أكفان ينسجها كاتبها بحسرة، ولا يوجد آدمي يدفن قطعة منه بيديه ولا يعتريه السوء.
ولما أزفت النهاية، فلن تُفسد الرسمية مطلبَ الوضوح والصدق في هذه الكلمات النهائية؛ لقد ولدت التراس الريدريبلز ذات يوم من سنة 2011، لأن ظروف التشجيع في أكادير مزرية، والأفكار ضحلة، والأيدي غير أمينة، والاسترزاق بالتشجيع أمسى ثقافة شائعة؛ حيث يتم تقديس الأسماء على المسمّيات، والقادة الأصنام على المبادئ، والكمّ الغثائي على النوعية الفريدة، ولما فاحت رائحة الفساد، وُلد المتمردون ليقولوا: “لا”
لتستهلَّ المجموعة مسارَها بطِعان وصراع انتهى ببشاج فعلي داخل وخارج أسوار المدينة، ولم تُجدِ الهجمات، ولا المحاكمات، والاستفزازت، والإغارات، في وقف هذا النهج الجديد، والتفكير السديد في التشجيع والمقاومة؛ الذي لقي احتراما من العقلاء، وإجماعا من رجال الميدان وبلغ صيتُه الحسن أرجاء الوطن، كان النهج صحيحا، ووسائل العمل سليمة، وبريئة من الشبهات.
لم ترَ التراس الريدىيبلز في وظيفتها التشجيعية لفريق حسنية أكادير، ما يمنعها من الدفاع عن قيم مشتركة يقدسها أبناء الوطن، فدافعت عن العدالة الاجتماعية، والرياضية، وفي جهة سوس على وجه الخصوص، ونددت بالفساد بكل تلاوينه السياسية والرياضية، وجعلت الأمازيغية في صلب أولوياتها، مع ترسيخ الحفاظ على اللغة والدين والخصوصية الرمزية والثقافية لسوس.
ولم يدَّخر الشباب المتمرد جهدا -كلٌّ من موقعه- للتعبير عن هذه المبادئ، في صور من الإبداع والفن الراقي خلبَت الألباب، وسرقت الإعجاب، سيبقى أثرها راسخا، و إرثها مذخورا للمدينة ككل.
وكان اتّساع ميدان مقاومتها، والجبهات التي تحارب في حدودها، مما زاد من أعدائها، وزاد من تكالب الخصوم عليها، وتبييت نية إعدامها من الوجود الفعلي.
وتجمعت ظروف ساعدت على تنفيذ هذه النية؛ أولها وليس آخرها، حرمان المجموعة من معقل الكورفا نورد، مع المنع الرسمي للالتراس، وفقدان العائلة لثلة من شبابها المؤثر، وموجة المنع والحصار داخل وخارج أسوار المدينة والملاعب.
والتواطؤ بين أطراف شتى؛ من سلطة ومكتب وإدارة الملعب، وغيرهم ممن يقضّ مضاجعَهم، ويقلق نومَهم وجودُ المجموعة، ويلوذ الجميع للصمت كلما انتُزع من المجموعة حق من حقوقها.
هيَ إذا اثنتا عشرة سنة، اختلط مرُّها بحُلوها، فترنّحت المجموعة في حالة احتضار، قبل أن يأت فصل الختام، ليتمّ المسّ بحرمة الباش الخاص بالمجموعة في المحمدية، دون مراعاة حرمة اسم المدينة ورمز الهوية المرسومين على الباش، لتكون وصمة عار تجلّلُ وجوههم، دون أن ننسى حالة الشاب المتمرد الذي تعرض لاعتداء بشع بالأسلحة البيضاء، ومازال وضعه مجهولا إلى ساعة كتابة هذه السطور.
قبل صياغةِ قرارنا الأخير بألفاظ صريحة غير قابلة للتأويل، نهمس لكلّ متمرد بهذه الكلمة الأخوية الختامية حتى تعيَها أذنٌ واعية:
ليس على المتمرد اليوم إن يخجل من تاريخه، ولا أن يخجل من أخطائه، خصومه هم من عليهم أن يستتروا من خزي الفضائح التي راكموها مع السنين، فالعراة وحدهم من عليهم الاستتار.
فقد مارس المتمرد الشغفَ بقوانينه، وعاش يقاوم وحيدا بأفكاره، وأعطى أكثر مما أخذ، ولم يغدر، ولم ينسحب بدون سبب، ولم يسترزق، ولم يفعل ما يسوّد وجه المدينة، فلم التحسّر على المصير المحتوم ؟
يجب أن يملأهُ الفخرُ والاعتزاز برصيد أسرته، وشرف صحبة الرجال الأحرار، والاعتراف بنِتَاج سنوات لن يأكلها النسيان، ولا بد من النهاية الكريمة، حين يتعذّرُ الاستمرار بشرف وكرامة، حتى الرجال يموتون، والأبطال في ساحة المعارك يُصرَعون.
وقد بدأت أيام أمرُّ من الصبر، ستعيشُ أكادير في ظلها بدون التراس شرعية، وفكرة حقيقية، لقد مدّ الظلام بساطه من جديد، وسُرق تمثيل هذه المدينة من أبنائها الأصليين، ليوكل الأمر لأجانب يقتاتون على غنائم الجريمة واللصوصية داخل وخارج الملاعب، فأفسدوا سمعة المدينة، وعاثوا في مرافقها الحيوية فسادا، ولا علاقة لهم بهذه المدينة جذورا وانتماءً.
إذ حاشا الأمازيغ الأصلاء في الماضي والحاضر إن يكونوا يوما أفاعي غدر، لا يحفظون عهدا ولا قرابة، فما كانت هذه من شيمنا ولن تكون، وحزننا على مآل ومصير هذه المدينة الكسيرة أعظم من حسرتنا على واقعة الغدر المشؤومة.
ونهيب بشباب التمرد أن لا يقلدوا أساليب البلطجة والجهل، وعليهم أن يكملوا على مسار النضج، والإستجابة لنداء العقل، وقمع مشاعر الثأر، ولا يسقطوا ضحية الاستفزاز، و مجاراة ضعاف العقول في أساليبهم البدائية العنيفة، ولو فعلنا مثلَهم إذا نحن مثلهم، ولن يكون ذلك بإذن الله تعالى.
على ضوء ما تقدّم بيانه.
فإن مجموعة التراس الريدريبلز، استجابةً لمواثيق الشرف، وتنفيذا لمقتضى ميثاق (الكرامة أو الموت)، وامتثالا لقوانين الحركية، تعلن بشكل رسمي الإنسحاب من عالم الالتراس بصفة نهائية، بعد 12 سنة من الممارسة العملية في ميدان التشجيع، وتؤكد على براءتها من كل رمز أو محتوى أو نشاط يُرَوّجُ بِاسمِها، في الحاضر والمستقبل، وإنها لا تتحمل مسؤولية أي رد فعل تحبل به الأيام نتيجة ما وقع، وبإعلان الانسحاب، يُسدَلُ الستار عن هذه التجربة الحركية، ليكون الأعضاء أحرارا في التشجيع لفريقهم بالشكل الذي يروقهم، والنهج الذي تعبر عنه إرادتهم الخاصة.
وفي النهاية، نجدد الدعاء لإخوننا الذين غادروا هذه العاجلة الفانية في مسار المجموعة الشائك، سائلين الله تعالى إن يجدد الرحمة والرضوان على أرواحهم، والشكر والمودة الخالصة، لكل من دعم هذه الأسرة المتمردة يوما ما، ولو بكلمة طيبة، دعمكم وحبكم تشريف.
ونستودع الله هذه المدينة، سائلين المولى أن يحفظها من شرارها، والعابثين بصورتها ومُقدّراتها، ويرزقها أهلَ الرشد والتعقل والاستقامة، في كل ميدان، وما ذلك على الله بعزيز.
والحمد لله رب العالمين، حمدا يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه.
وهنا… انتهت فصول هذه الحكاية.
#Ultras_Red_Rebels
#DIGNITY_OR_DEATH