عبّرت الصين عن غضبها من زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي لتايوان التي تعتبرها الصين جزءا من أراضيها ووعدت بـ”إعادة توحيدها” بالقوة إذا لزم الأمر.
في هذا السياق، توعد وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بمعاقبة من يسيئ إلى بكين حتماً، واصفا زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان بأنها “مهزلة خالصة”.
وقال يي في تصريحات صحفية أن “الولايات المتحدة تنتهك سيادة الصين تحت ستار ما يسمى بالديمقراطية”، مضيفا أن بلاده “ستعاقب الذين يسيئون لها حتماً”.
ولم تقف تهديدات الصين عند هذا الحد، فقد قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشونينغ، في إيجاز صحفي : الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية النتائج التي ستعقب زيارة بيلوسي لتايوان”، مضيفة أن “رد الصين سيكون حازما”.
وأضافت ذات المتحدثة : “في الصراع الحالي المحيط بزيارة بيلوسي إلى تايوان، فإن الولايات المتحدة هي المحرّض، الصين هي الضحية.. وجاء الاستفزاز المشترك من الولايات المتحدة وتايوان أولا، وجاء بعده دفاع الصين”.
ما هي نقاط قوة الصين التي تجعلها تتحدى الولايات المتحدة الأمريكية ؟
كشف تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي عن قدرات خفية تمتلكها الصين، تجعلها قادرة على شل حركة أمريكا اقتصادياً وعسكرياً.
وبينما يشير التقرير إلى تزايد قدرات بكين في مجالات عدة، إلا أنه يرى أن هناك وسيلتين على وجه التحديد تعتبران أقوى سلاح في قبضة بكين ضد واشنطن.
الاقتصاد
غالبا ما تتم الإشارة إلى الصين كثاني أكبر الاقتصادات في العالم، في حين أن واقع ما بعد الجائحة يثبت عكس ذلك، حيث أوضحت معايير صندوق النقد الدولي الجديدة المعتمدة بخصوص أسعار صرف السوق أن القوة الشرائية للعملة الصينية تقدمت بشكل ملحوظ، وهي الطريقة الجديدة التي يعتمها صندوق النقد لقياس حجم الاقتصاد بدلا من الطريقة الأشهر التي تعتمد على القوة الشرائية للدولار في الولايات المتحدة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى أن حجم السلع والخدمات التي تنتجها الصين ترتفع قيمة مقارنة بالولايات المتحدة، وذلك في حال قيست بالعملة الصينية باعتبار أن الأسعار في الصين أرخص من أمريكا، ووفقا لذلك، يفوق الاقتصاد الصيني نظيره الأمريكي بمقدار السُدس.
التكنولوجيا
تستمر الصين في إحراز التقدم على صعيد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، حيث أظهر تقرير التكنولوجيا المالية في الصين أن 87% تقريباً من المستهلكين الصينيين يعتمدون على الخدمات التكنولوجية المالية.
في ذات السياق، ضخ الصينيون 29 تريليون دولار (200 تريليون يوان) خلال سنة 2020 كقيمة للمدفوعات عبر الهواتف المحمولة، الأمر الذي يجعل الصين تتجه نحو تصدر المجتمعات “اللانقدية” عبر العالم، اعتمادا على منظومة مالية تكنولوجية توليها الحكومة الاهتمام وتسعى إلى تطويرها.
وفي ذات السياق، تتصدر الصين هواتف الجيل الخامس عبر شركة هواوي التي امتلكت أكبر حصة في السوق العالمية للهواتف الذكية في الربع الثاني من عام 2020 بنسبة 20%، متخلفة بفارق بسيط عن شركة سامسونغ الكورية الجنوبية، وبفارق كبير عن شركة آبل الأمريكية.
الرأسمال البشري
تولي الحكومة الصينية اهتماما واسعا لتطوير الإنسان وتنمية قدراته المعرفية خاصة في مجال المعلوميات والهندسة والرياضيات.
في هذا الصدد، خصصت الحكومة عام 2019 وحده 100% من التمويل البحثي للجامعات الكبرى التي تركز على تخصصات STEM، في حين خصصت كوريا الجنوبية على سبيل المقارنة 62% فقط من تمويلها لهذا الغرض، أما الجامعات الأمريكية فقد احتلت المراكز ما بعد المئة عالميا في مجالات STEM والإنسانيات والعلوم الاجتماعية.
سلاحان في قبضة بكين يشلان الولايات المتحدة الأمريكية
تقبض الصين على سلاحين يجعلانها واثقة الخطى في سياساتها التي قد تضر أحيانا بالمصالح الأمريكية، غير آبهة بتهديدات واشنطن في هذا الخصوص، حيث يتعلق الأمر بالمعادن الأرضية النادرة، وخطوط الملاحة الصينية.
المعادن الأرضية النادرة
تهيمن الصين على إنتاج المعادن الأرضية النادرة، والتي تستعمل في صناعات عدة من بينها صناعة الأجهزة عالية التقنية، بما في ذلك الهواتف المحمولة والشاشات المسطحة والسيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والأسلحة، والسيارات، والتكنولوجيا الخضراء وغيرها.
اكتساح الصين لهذا المجال وهيمنتها عليه جعلت من الصعب على دول أخرى -رغم قوتها- كالولايات المتحدة وكندا وأستراليا أن تبني سلاسل توريد خاصة بها تديرها بشكلٍ ينافس الصين.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين سبق أن استغلت هيمنتها على المعادن الأرضية النادرة لأغراضٍ سياسية، حيث أدى تصاعد التوترات بينها وبين طوكيو سنة 2010 إلى توقيف صادراتها من المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان.
هذا الوضع يشكل تهديدا حقيقيا للولايات المتحدة الأمريكية، التي يمكن أن تحرمها الصين من صناعة “الآي فون”، وحتى من إنتاج صواريخها وقنابلها الذكية، فضلا عن المساس بعدد من صناعاتها الأخرى.
التوسع الفاحش لخطوط الملاحة الصينية
كشفت كارولين بارثولوميو، رئيسة لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية، أمام الكونغرس، أن “ثلثي أكبر 50 ميناءً من موانئ الحاويات البحرية على الأقل يملكها ويديرها صينيون أو تدعمها استثمارات صينية، بما في ذلك محطات في موانئ أمريكية كبرى بلوس أنجلوس وسياتل”.
وأضافت بارثولوميو بأن شركة الشحن الحكومية الصينية China Ocean Shipping Company، وهي من أكبر خطوط شحن الحاويات في العالم، تمكنت بالفعل في إطار ما يعرف رسمياً بطريق الحرير البحري من الربط بين أسواق إقليمية في غرب إفريقيا وشمالي أوروبا والكاريبي والولايات المتحدة، وتكوين شبكة تجارية عالمية أكثر شمولاً وتوازناً.
هذا، وحذرت بارثولوميو من أنه “بإمكان الصين في حالة نشوب نزاع استعمال سيطرتها على هذه الموانئ وأخرى من أجل إعاقة التجارة الواصلة إلى عدد من البلدان بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية”.