سوس ماسة : حقوقيون يقترحون رزمة من الإجراءات للتعامل مع آفة الآبار المفتوحة، ويطالبون الدولة بإيجاد حلول بديلة
باشر المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد، سوس ماسة، عملية رصد وتتبع لموضوع الآبار غير المستغلة، والذي طفا على سطح النقاش العمومي بعد “حادث الطفل ريان”، الذي سقط في بئر بإقليم شفشاون وتوفي بعد عملية إنقاذ دامت أكثر من أربعة أيام.
في هذا الصدد، أوضح المكتب أنه “يتعين على كل من يشرع في إنجاز أثقاب قصد البحث عن الماء القيام قبل بدء الأشغال بالتصريح لدى وكالة الحوض المائي بموضوع وموقع وإحداثيات الأثقاب وكذلك بكل إشارة متعلقة بها ”، وفق ما ينص عليه القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء.
وأضاف ذات المكتب في بلاغ موجه للرأي العام أن “المادة 89 من القانون السالف الذكر تلزم كل من شرع في إنجاز أثقاب قصد البحث عن الماء أن يُطلع وكالة الحوض المائي، بعد نهاية الأشغال، على جميع الإيضاحات حول النتائج المحصل عليها، غير أن هذا النص القانوني لا يشير إلى الشق المتعلق بالعناية بالآبار، من ناحية درء مخاطرها، بعد حفرها”.
وأكد المكتب أن “ما وقع للطفل ريان في إقليم شفشاون مجرد نموذج لعشرات الحوادث التي تقع بشكل متكرر في مختلف ربوع التراب الوطني بسبب الآبار التقليدية”، مشيرا إلى أن “أغلب القرى تعتمد على الآبار التقليدية للحصول على المياه الصالحة للشرب”.
ولفت المكتب إلى أن “المغرب يتوفر على ثلاثة أنماط من الآبار، أولها الآبار التقليدية المهترئة، والآبار التي تسيرها جمعيات المجتمع المدني لتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، والآبار العصرية التي تندرج في إطار مخطط المغرب الأخضر”، مشددا على أن “الخطر الحقيقي يكمن في الآبار المتهالكة التي تشكل خطرا على الناس، خاصة المفتوحة منها والجافة”.
وأوضح المكتب في بلاغه الذي توصلت أكادير 24 بنسخة منه أن “خطر الآبار المفتوحة والجافة يتزايد مع توالي سنوات الجفاف ولجوء الناس إلى حفر مزيد من الآبار، إذ تُترك الآبار المحفورة في حال عدم وجود الماء على حالها، ويقوم أصحابها بنقل مضخة سحب المياه إلى بئر جديدة وترك فوهة البئر الجافة مفتوحة مهددة حياة العابرين”.
وفي سياق متصل، أبرز المكتب أن “الدولة، عبر مخطط المغرب الأخضر، تساعد الفلاحين على حفر الآبار العصرية لسقي الأراضي الزراعية، لكن الإشكال يكمن في الآبار التقليدية التي لا يتم ترميمها بعد نهاية الاستعمال، ولا تتم العناية بها رغم ما تشكله من خطر على المارة”.
وتبعا لذلك، خلص المكتب المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بسوس ماسة إلى أن “هذه الأنماط المعتمدة من الآبار تتطلب دراسة تقنية مفصلة من أجل استيعاب خطرها، لا سيما أن العديد من القرى والدواوير تعتمد على الآبار للحصول على المياه الصالحة للشرب”.
وسجل المكتب أنه “يجب على الدولة أن تتوفر على دراسة إحصائية مضبوطة بخصوص أعداد الآبار التقليدية المهترئة التي لم تعد صالحة للاستعمال، في ظل تنامي أزمة العطش بالعديد من الدواوير الجبلية، ما يتطلب ضرورة تدخل السلطات المعنية قصد الحد من الظاهرة”.
وشدد المكتب على أن “حفر الآبار يجب أن يتم بشكل احترافي من قبل شركات متخصصة في الحفر وتحت مراقبة و إشراف السلطات العمومية مع تسليم محضر بداية ونهاية الأشغال من أجل ضمان إحصائها بشكل صحيح وتسييجها بشكل سليم”.
في ذات السياق، أكد المكتب على “ضرورة استيفاء الآبار المحفورة معايير السلامة من خلال إحداث سياج حديدي أو مبنى مرتفع حول البئر، وإلزام السلطات بتطويق الآبار التي تُحفر من طرف الدولة في الخلاء من أجل توفير الماء للرحّل أو المنجزة ضمن مشاريع عمومية، بما في ذلك عدم استوائها على الأرض، حماية للأطفال من السقوط فيها، فضلا عن بناء أسوار حول الآبار حماية العابرين أو قطعان المواشي من السقوط فيها”.
ودعا المكتب نفسه الجهات المختصة إلى “مراقبة عمليات حفر الآبار يدويًا وإيجاد حلول لها بشكل مدروس جيدًا، وإحصائها لمعرفة أماكن تواجدها بكل جماعة، وكذا إلزام المقاولات التي تحفر الآبار بإقامة حاجز يسميه المهنيون “المرجانة”، وهو عبارة عن طوْق من الخرسانة حول فوّهة البئر بعلوّ متر، تتم تغطيته من الأعلى، مع ترْك كوّة بقطر خمسين إلى ستين سنتمترا، من أجل نصب دولاب أو وضع مضخة سحب الماء”.
وطالب المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بسوس ماسة الجهات الوصية بالبحث عن بدائل جديدة لتزويد السكان بالمياه الصالحة للشرب، ودرء مخاطر الآبار عنهم.
وفي موضوع ذي صلة، لفت المكتب إلى أن آبار استخراج المعادن تشكل أيضا خطرا كبيرا على حياة المواطنين في المناطق التي توجد فيها، كما هو الحال في مدينة جرادة حيث توجد آبار بعمق عشرات الأمتار مفتوحة إلى السماء بعد استنفاذ ما في باطنها من معادن.