كشفت السيدة كريمة القباج سفيرة المملكة المغربية ببودابست، في حوار خاص مع أكادير 24 عن الإجراءات الهامة لفائدة الطلبة والمواطنين الوافدين على جمهورية المجر بعد اندلاع الحرب بأوكرانيا .
و أكدت السيدة السفيرة، في هذا الصدد، بأنه، و بناءا على ما عهدناه من اهتمام بالغ من لدن صاحب الجلالة نصره الله بأفراد الجالية المغربية، فقد أصدر أمره المطاع بتوفير ما يكفي من الإمكانيات اللوجستيكية و البشرية لمساعدة ودعم المغاربة القادمين من أوكرانيا نحو بلدان الجوار، حيث هناك سفارات المملكة المغربية، مضيفة، بأنه، و منذ الوهلة الأولى، وبمجرد أن بلغ إلى علمها، بأن هناك موجة من النازحين الأوكرانيين تجاه هنغاريا، وفي أول ليلة، وعلى وجه السرعة، قامت هذه السفارة بنشر بلاغ يتضمن الأرقام الهاتفية المحمولة و الثابتة لتمكين المواطنين من التواصل مع أعضائها ليل نهار، كما قامت في نفس الليلة بإيفاد موظفين إلى الحدود الهنغارية الأوكرانية لاستقبال المغاربة في مختلف نقط العبور الحدودية الخمسة، وكذا بأول محطة قطار بمدينة زاهوني الهنغارية قدوما من أكرانيا،و اعتبرت السيدة السفيرة، بأن السفارة أبانت عن قدرتها الفائقة في مواجهة الأزمات و أن من أسباب نجاح هذه العملية بامتياز ، كما ذكرت بروح التآزر والتكافل التي شهدتها بين أعضاء سفارة المملكة المغربية بهنغاريا وموظفي الدعم، حيث لم يتوانى أي أحد منهم وبدون استثناء من القيام ميدانيا وبكل تلقائية ورحابة صدر بأكثر من مهمة في نفس الوقت من غير كلل ولا عياء ليل نهار و في ظروف جد صعبة، مما كان له الفضل الجلي في إنجاح هذه العملية بامتياز.
وفيما يلي النص الكامل للحوار مع سفيرة سفارة المملكة المغربية بهنغاريا، السيدة كريمة القباج.
1- كيف تقييمين عملية إجلاء واستقبال وإيواء الطلبة العائدين من أوكرانيا في هنغاريا؟
ج: بكل صراحة فإن العملية بالرغم مما تحمله من صعوبات و إكراهات بديهية، فإنها و الحمد لله تمت بفضل تضافر الجهود بالشكل الذي كنا نهدف إليه، ومما تجدر الإشارة إليه، فقد كانت هناك عدة جبهات لا تقل إحداهن عن الأخرى من حيث الأهمية، و نذكر على سبيل المثال لا الحصر، الرد على المكالمات الهاتفية التي كانت ترد على مدار ال24 ساعة من مختلف جهات المعمور إما للإجابة عن أسئلة المعنيين بالأمر مباشرة أومن ذويهم و أصدقائهم، ثم معضلة الولوج إلى أوكرانيا قصد تجميع و إحصاء و تأطير الطلبة و توفير الحافلات اللازمة لإدخالهم إلى التراب المجري و توجيههم إلى بودابست، أو استقبالهم في النقط الحدودية الأربع و التي تربطها بهنغاريا طرق غير معبدة و جبلية وكذا استقبالهم في محطة القطار، ثم في المرحلة الأخيرة قبل توجيه الطلبة إلى المطار عبر حافلات وفرتها السفارة لهذه الغاية لمن رغب في ذلك طبعا، ثم عند الوصول إلى بودابيست نجد مشكلة توفير الفنادق لما يزيد عن 1400 طالب بمدينة سياحية يصعب للزائر العادي أن يجد فندقا لإيوائه ما لم يكن قد قام بالحجز من قبل، و لعل الإجابة عن الأسئلة الموالية ستسلط الضوء على بعض الأمور الدقيقة في هذه العملية المركبة.
2- ما هي الإجراءات والتدابير التي قمت بها لتدبير هذه العملية من البداية إلى النهاية؟
ج: منذ الوهلة الأولى، وبمجرد أن بلغ إلى علمنا أن هناك موجة من النازحين الأوكرانيين تجاه هنغاريا، وفي أول ليلة، وعلى وجه السرعة، قامت هذه السفارة بنشر بلاغ يتضمن الأرقام الهاتفية المحمولة و الثابتة لتمكين المواطنين من التواصل مع أعضائها ليل نهار، كما قامت في نفس الليلة بإيفاد موظفين إلى الحدود الهنغارية الأكرانية لاستقبال المغاربة في مختلف نقط العبور الحدودية الخمسة وكذا بأول محطة قطار بمدينة زاهوني الهنغارية قدوما من أكرانيا، وقد قامت وزارة الشؤون الخارجية و التعاون الدولي و المغاربة المقيمين بالخارج في الوقت ذاته بخلق خلية الأزمة بمقر الوزارة للتنسيق بين مختلف السفارات و كذا بإيفاد فرق الدعم إلى كل سفارة على حدة لمؤازرة الموظفين المقيمين بالسفارات المذكورة.
أما عن سفارة المملكة المغربية ببودابست فقد قامت بتدبير هذه العملية على النحو التالي :
• فعلى مستوى النقط الحدودية، قامت سفارة المملكة المغربية بهنغاريا بتوفير الحافلات اللازمة لنقل المواطنين من داخل أوكرانيا إلى مدينة بودابيست والتي تبعد ب 340 كلم عن الحدود الأوكرانية، بما في ذلك من صعوبات تجلت في معالجة بعض الحالات الخاصة والمتعلقة بالمواطنين الذين لا يحملون معهم جوازات سفرهم سواء على مستوى شرطة وجمارك أوكرانيا أو شرطة وجمارك هنغاريا، وذلك بالمعبر الحدودي البري الذي يفصل الدولتين والذي لا يسمح فيه بالعبور بالنسبة للراجلين ويسمى بمعبر لونيا.
• إستقبال المواطنين المغاربة بالنقط الحدودية الأربع المتبقية والتي يسمح فيها بالعبور مشيا على الأقدام والتي تطلبت كذلك تواجد موظفي السفارة وكذا أعضاء فريق الدعم المذكور قصد تيسير الإجراءات الإدارية لهؤلاء المواطنين وكذا نقلهم إلى محطة القطار مع تسليمهم بطائق الركوب قصد التوجه إلى بودابست.
• ببودابيست يتم استقبال المواطنين المغاربة من طرف السفارة قصد إيوائهم بمختلف فنادق المدينة، علما أن مدينة بودابست تتوفر على أربع محطات كبيرة للقطار على اعتبارها مدينة سياحية بامتياز، مما يتطلب مزيدا من الجهد والحركية والتنسيق بين أعضاء الفرق المشرفة على عملية الاستقبال بالمدينة المذكورة.
• تم تكليف موظفين آخرين بالتواجد بمطار بودابيست الدولي لتيسير عملية إقلال المواطنين المغاربة لطائرات الخطوط الملكية المغربية وأحيانا أخرى لطائرات بعض شركات الطيران الأجنبية، ومن هذه المساعدات الإدارية تسليم أوراق المرور بعين المكان للمواطنين المغاربة الذين لا يحملون معهم جوازات سفرهم.
• استقبال المواطنين في أوقات العمل وخارجها بما في ذلك السبت والأحد بمصلحة الشؤون القنصلية للسفارة قصد إنجاز مختلف الوثائق الإدارية للمواطنين المغاربة، وكذا تأشيرات المرور لزوجاتهم الأوكرانيات.
3- هلا حدثتينا بالأرقام عن عدد الطلبة المستفيدين من هذه العملية؟
ج: لقد تم توفير السكن بمختلف الفنادق الجيدة ببودابيست لأكثر من 1400 طالب وطالبة ولمدد مختلفات، سمحت لهم بأخذ قسط من الراحة ثم التوجه إما إلى أرض الوطن أو إلى وجهات أخرى.
4- كيف كان إحساس المستفيدين من العملية، وما هي الأصداء التي تلقيتموها بعدها؟
ج- لقد عاش المواطنون المغاربة سواء منهم الطلبة أو المقيمون والذين قدموا من أوكرانيا أوقاتا عصيبة قبل الوصول إلينا لما شهدوه من مخاطر ولما عانوه من سير على الأقدام، وبطبيعة الحال فبمجرد أن يتم استقبالهم من طرف موظفي السفارة و أعضاء فريق الدعم عبر نقط الحدود المذكورة سالفا أو داخل التراب الأوكراني حتى يتم التكفل بهم من طرف السفارة بما في ذلك تيسير المساطر الإدارية بكل أشكالها وكذا نقلهم إلى بودابست وإيوائهم بفنادقها و نقل من شاء منهم عبر الحافلات إلى المطار، ولهذا فإنني أعتقد أن إحساس المستفيدين من هذه الخدمات التي تشرفنا بتوفيرها لهم لا يمكن إلا أن تدخل عليهم كل الغبطة و الإرتياح و الإحساس بالعناية و الأمان، و هذا ما عبر عنه كل المغاربة الذين استفادوا من امتيازات التحمل الذي وفرته لهم وزارة الشؤون الخارجية عبر سفارتها بهنغاريا.
5- هل اعترضتكم بعض الإكراهات والصعوبات خلال العملية؟
ج- بالطبع كان هناك العديد من الصعوبات نذكر منها:
• صعوبة مسطرة الولوج إلى التراب الأكراني عبر النقطة الحدودية المسمات بلونيا لاستقبال المغاربة في أماكن تواجدهم قصد إحصائهم وتأطيرهم وتوفير الحافلة لنقلهم وخاصة بعض المواطنين الذين لا يتوفرون على جواز السفر وغيره من وثائق التعريف التي تطالب بها شرطة و جمارك الحدود من الطرفين الأكراني و المجري.
• بعد اجتياز صعوبات إدخال الحافلات إلى التراب الأوكراني، يقوم الموظفون بتأطير المغاربة قبل الصعود إلى الحافلات و التعرف على الأشخاص الذين لا يملكون جوازات السفر أو أي وثيقة تعريفية.
• صعوبة إخراج الحافلات من أوكرانيا بسبب طوابير الحافلات الغير المتناهي مما قد يكلف أكثر من 12 ساعة لإخراج الحافلة الواحدة على أساس أن الجمارك الأوكرانية لا تشتغل من الساعة 12 مساءا حتى الساعة الخامسة صباحا.
• قدوم المغاربة في كل أوقات الليل و النهار إلى هنغاريا عبر النقط الحدودية الأربع الأخرى و التي تسمح للمواطنين بعبورها مشيا على الأقدام و التي تتواجد بأماكن لا تتوفر عن طرقات معبدة لنذرة مستعمليها في الظروف العادية، مما يستوجب وقتا طويلا للتنقل من نقطة إلى أخرى لاستقدام المواطنين إلى مدينة زاهوني حيث محطة القطار أو الحافلات التي هي رهن إشارة السفارة.
• ضرورة التواجد في كل النقاط الحدودية والإجابة عن كل مكالمات العالقين و طمأنتهم و تقديم العون لهم في كل أوقات الليل و النهار.
• مواجهة بعض الحالات المتعلقة بالمرض أو أعراض العياء المتقدمة و نذكر حالة سيدة حامل في شهرها الثامن و قد بدأت تظهر عليها علامات صعوبة التحمل منذ كانت برفقة موظفي السفارة بالتراب الأكراني
• على مستوى بودابيست، نذكر من الصعوبات البارزة، مشكل الحجوزات في فنادق المدينة والتي فاقت 1400 سرير حيث نضطر لإعادة إيواء النزلاء من غرفة إلى أخرى كل يوم أو يومين بسبب حجزها من طرف السياح في أوقات سالفة على اعتبار مكانة المدينة كوجهة سياحية بامتياز.
• إشكالية رغبة نسبة عالية من الطلبة في عدم التوجه إلى أرض الوطن وعدم حجز تذاكر الطائرة من شركة الخطوط الملكية المغربية بالأسعار التفضيلية، مما خلق مشكلين إن على مستوى الاستمرار في أداء مستحقات الفنادق أو على مستوى صعوبة عدم القدرة على ملأ كافة مقاعد طائرات الخطوط الملكية المغربية.
6- ما هي أبرز الدروس والعبر التي استخلصتموها أثناء و بعد العملية؟
ج- إن من الأمور التي استخلصناها بعد هذه التجربة الجزم بأن هذه السفارة قد أبانت عن قدرتها الفائقة في مواجهة الأزمات ومن أسباب نجاح هذه العملية بامتياز لابد من ذكر روح التآزر والتكافل التي شهدناها بين أعضاء سفارة المملكة المغربية بهنغاريا وموظفي الدعم، حيث لم يتوانى أي أحد منهم وبدون استثناء من القيام ميدانيا وبكل تلقائية ورحابة صدر بأكثر من مهمة في نفس الوقت من غير كلل ولا عياء ليل نهار و في ظروف جد صعبة، مما كان له الفضل الجلي في إنجاح هذه العملية بامتياز.