دروس من الهند وسواد أمة المحامين
اثناء وجود الاستعمار البريطاني بالهند حدث ان ضابطا بريطانيا صفعه مواطنا هنديا على وجهه فكانت رد فعل المواطن الهندي أن صفع الضابط بكل ما يملك من قوة فأسقطه أرضا ،ومن هول الصدمة المذلة انسحب الضابط من المكان وهو يستغرب كيف يجرأ مواطن أن يصفع ضابطا في جيش امبراطورية لا تغيب عنها الشمس واتجه إلى مركز قيادته ليحدثهم بما حصل ويطلب المساعدة لمعاقبة هذا المواطن الذي ارتكب جرما لا يغفر لكن القائد الكبير هذء من روعه وأخذه إلى مكتبه وفتح خزينة ممتلئة بالنقود وقال للضابط خد من الخزينة خمسون الف روبية واذهب إلى المواطن الهندي واعتذر منه على ما بذر منك واعطه هذه النقود مقابل صفعك له ، جن جنون الضابط وقال مستنكرا : أنا من له الحق في صفعه واذلاله : لقد صفعني وهو لا يملك الحق هذه إهانة لي ولك ولجيش صاحبة الجلالة بل لصاحبة الجلالة نفسها : قال الضابط الكبير للضابط الصغير : اعتبر هذا امرا عكسريا عليك تنفيذه دون نقاش .
امتتل الضابط لاوامر قائده وأخذ المبلغ وذهب إلى المواطن الهندي وعندما عثر عليه قال له ، أرجوا أن تقبل اعتذاري لقد صفعتك ورددت لي الصفعة واصبحنا متساويين ، وهذه خمسون الف روبية هدية مع اعتذاري لك ، قبل المواطن الهندي الاعتذار و الهدية ونسي أنه صفع على تراب وطنه من مستعمر يحتل ارضه كانت الخمسون الف روبية في تلك الفترة تعتبر ثروة طائلة اشترى المواطن الهندي بجزء من المبلغ منزلا وجزءا احتفظ به وجزء اشترى به ركشة ( الركشة وسيلة نقل اجرة بثلات عجلات يستخدمها الهنود في تنقلاتهم ) واستثمر جزء في التجارة في وسائل النقل فتحسنت ظروفه وأصبح مع مرور الوقت من رجال الأعمال ونسي الصفعة لكن الإنجليز لم ينسوا صفعة الهندي للضابط ، وبعد فترة من الزمن استدعى القائد الإنجليزي الضابط الذي صفع وقال له : أتذكر المواطن الهندي الذي صفعك قال الضابط كيف انسى ؟ !! قال القائد : حان الوقت لتذهب وتبحث عنه وبدون مقدمات اصفعه أمام اكبر حشد من الناس قال الضابط لقد رد الصفعة وهو لا يملك شيئا أما اليوم وقد اصبح من رجال الأعمال وله أنصار وحراس فهو لن يصفعني فقط بل قد يقتلني ، قال القائد لن يقتلك اذهب ونفذ الأمر بدون نقاش، امتتل الضابط لأوامر قائده وذهب إلى حيث الهندي فكان حوله أنصاره وخدمه وحراسه ومجمع من الناس فرفع يده وبكل ما يملك من قوة و صفع المواطن الهندي على وجهه حتى استقطه أرضا ، لم تبدر من الهندي أي ردة فعل حتى أنه لم يجرؤ على رفع نظره في وجه الضابط الإنجليزي ،
اندهش الضابط وعاد مسرعا إلى قائده ، قال القائد للضابط أنني أرى على وجهك علامات الدهشة و الاستغراب ؟؟ قال نعم في المرة الأولى رد الصفعة بأقوى منها وهو فقير ووحيد ، اليوم وهو يملك من القوة من لا يملك غيره لم يجرؤ على قول كلمة فكيف هذا ؟؟ قال القائد الإنجليزي نعم في المرة الأولى كان لا يملك إلا كرامته ويراها أغلى ما عنده فدافع عنها أما في المرة الثانية وبعد أن باع كرامته بخمسين الف روبية فهو لن يدافع عنها فلديه ما هو أهم منها .
وفي صورة أخرى من الهند كان الإنجليز كلما اشتدت عليهم المقاومة يقومون بقتل بقرة فتتور تائرة المقاومين وينشغلون عن المقاومة بالبحث عن قاتل البقرة .
ما تعيشه مهنة المحاماة هذه الأيام من وقفات ومقاطعة جلسات المحاكم بسبب فرض الدورية الثلالية ولوجهم للمحاكمم على شرط الإدلاء بجواز التلقيح لا يجب أن يغيب على السادة النقباء ومجالس الهيئات والمسؤولين ما يلي :
- إن جهاز القضاء باعتباره سلطة له مكانة هامة في الدولة دستوريا وسياسيا وحقوقيا تم اقتصاديا و لا يجب أن يسمح تحت أي ظرف بتآكل مكوناته فيما بينها بما قد يفسد تناغمها والصورة الجماعية لهذا المرفق الذي يحضى بالاحترام والاتزان .
- إن انزال المسؤولين القضائيين من منصة الحكم إلى أبواب التفتيش يقلل من الاحترام الواجب للقضاء وللدولة .
- إن قطاع المحامون قطاع حيوي وضروري لا غنى عنه في مجال حريات الأفراد واسترجاع حقوقهم والمفروض في الدولة الحرص عليه .
- إن كرامة المحامين جزء هام من كرامة مرفق القضاء ككل ومن غير المقبول السماح بجر هذا القطاع الفاعل حقوقيا وسياسيا إلى حلبة الإضراب بما قد ينعكس على أداء القضاء وصورة المغرب .
- إن اجبارية جواز التلقيح من عدمه وإن كان نقاشه القانوني واضح ومعلوم فهو لا يشكل إلا جزءا صغير مما يستدعي من المحامين الحرص عليه في هذه الأيام ويتعلق بتعديل الكثير من القوانين التي تهم حريات المواطنين ثم قانون المهنة والتأمين الصحي للمحامين .
- إن حرية المعتقلين الموقوف البت في قضاياهم أمانة وخسارة يتوجب على الدولة ضمانها .
- إن مهنة المحاماة في طليعة المهن المدافعة عن حقوق الانسان وهو التزام يشكل ماهية وجودها واستمرارها .
بقلم ذ/ نور الدين بن محمد العلمي /محام بهيئة أكادير وكلميم والعيون