كشفت الأبحاث القضائية الجارية بشأن قضية تتعلق بالتلاعب ببرنامج “انطلاقة”، تورط مقاولين ومحاسبين في استغلال دراسات جدوى “على المقاس” للاستيلاء على قروض بنكية.
وحسب ما أوردته مصادر مطلعة، فإن الدراسات المتضمنة في طلبات قروض “انطلاقة” الواردة على مجموعة بنكية كبرى في الدار البيضاء، حملت معطيات مغلوطة ومزورة بشأن التكاليف المتوقعة، وكذا الأرباح المبرمجة برسم السنوات الثلاث اللاحقة للحصول على القرض.
وأوضحت ذات المصادر أن المعلومات التي تضمنتها هذه الطلبات، والتي اعتبرها المحققون مضللة، ساهمت بشكل مباشر في اتخاذ قرارات بالموافقة على تمويل ملفات على مستوى اللجان الائتمانية الإقليمية الخاصة ببحث ومعالجة طلبات القروض.
وسجلت المصادر نفسها أن الدراسات المقدمة من قبل محاسبين، جرى تحديد هويتهم، تضمنت نمطا موحدا، قائما على تضخيم التكاليف وتوقعات تحقيق الأرباح، بما يخالف حجم المشاريع المقترحة للتمويل.
وأكدت ذات المصادر أن بعض الدراسات حملت أخطاء محاسباتية فادحة، جرى ضبطها على المستوى المركزي، قبل أن يتم تصحيحها من قبل طالبي القروض لدى محاسبيهم، فيما حرر المكلفون بالزبائن ملاحظات بشأنها إلى إدارة المجموعة البنكية.
ووفقا للمصادر نفسها، فقد تلقى المحاسبون مبالغ تراوحت بين 3000 و5000 درهم لتزويد مقاولين بدراسات “على المقاس”، في سياق ملفات طلب قروض “انطلاقة”، موضحة أن الكلفة تضاعفت في حالات إرفاق الدراسات بفواتير خاصة بالتكاليف والنفقات المبرمجة، إذ تجاوزت نسبة العمولة عن الفاتورة الواحدة 3 في المائة من قيمتها.
هذا، وقد استغل المتورطون في هذه القضية خبراتهم المحاسباتية من أجل الاستيلاء على قروض بنكية تراوحت قيمتها بين 150 ألف درهم و350 ألفا.
ولفتت المصادر سالفة الذكر إلى أن المجموعة البنكية التي قامت بدراسة ملفات طلبات القروض الواردة عليها في إطار برنامج “انطلاقة”، تتوفر على خلية مركزية ضخمة ومؤهلة، وهو ما مكن من استبعاد جميع الطلبات التي لا تتوفر على الشروط والوثائق اللازمة، فيما باشر مسؤولون آخرون مهام التحري بشأن دراسات الجدوى المشكوك في أمرها.
وبعد الوقوف على خروقات شتى، قررت المجموعة البنكية اللجوء إلى القضاء، ليتم فتح تحقيق بشأن الموضوع أسفر عن توقيف أحد الموظفين، فيما لا تزال التحقيقات متواصلة للإيقاع بباقي المتورطين، بمن فيهم المقاولون والمحاسبون الذي أعدوا الدراسات المشبوهة.