حقوقيون بجهة سوس ماسة يطالبون بحماية المقابر من مافيا العقارات
بعث المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بجهة سوس ماسة، برسالة إلى وزير الأوقاف و الشؤون الإسلامية، حول الأوضاع المتردية التي تعيشها المقابر في المغرب المستعملة منها أو القديمة، وسبل حمايتها من مافيا العقارات.
وأوضح المكتب في مراسلته التي حملت تاريخ 28 فبراير الجاري، أن “الأوضاع المتردية التي تعيشها المقابر في المغرب ليست جديدة”، مشيرا إلى أن “75 بالمئة من مقابر المملكة وضع مزري، و15 بالمئة منها في وضع متوسط، و10 بالمئة في وضع جيد”.
وأكد المكتب أن “المقابر تتعرض لاعتداءات وأفعال مجرمة من القانون المغربي، حيث يترتب عن انتهاك حقوق الميت عقوبات زجرية سواء كان ذلك منصب على جثثه أو على قبره وكل ما يتعلق به”.
وفي سياق متصل، أبرز مكتب المنظمة بجهة سوس ماسة في مراسلته التي توصلت أكادير 24 بنسخة منها أنه اطلع على مجموعة من الصور ومقاطع الفيديو لمجموعة من المقابر المغربية التي أثارت استياء عارما من قبل السكان واستياء فعاليات حقوقية ومدنية، مستنكرا “عدم الأخذ بجدية ملاحظات السلطة المحلية والبحث في شأنها، وعدم تكليف من يراقب أشغال تجهيز التجزئات السكنية عن قرب وإعلان إيقافها فور ظهور مايفيد وجود عظام بشرية بالمكان الذي يراد تجهيز التجزئة فيه”.
وكمثال على ما سلف ذكره، كشفت ذات الهيأة الحقوقية أنه “تم
التأشير على إحداث تجزئة سكنية بحي أشبار بمدينة آسفي، رغم كون رئيس الملحقة الإدارية الثالثة أشار في الشهادة الإدارية إلى كون أرض العقار هي في الأصل مقبرة، وذلك بناء على البحث الذي أجراه ممثل السلطة المحلية، الا أن هذه الشهادة لم تمنع أحد نواب رئيس جماعة آسفي من تقديم ترخيص الأشغال”.
وأكد ذات المكتب أن “هذه الواقعة تكررت في الصويرة، حيث لم يتم توقيف أشغال تجهيز إحدى التجزئات السكنية، وتم حفر مقبرة بواسطة الجرافات، ما أدى إلى جرف عدد من العظام والرفات الخاصة بالمدفونين في تلك المقبرة التاريخية بالمدينة”.
وتساءل المكتب الحقوقي نفسه عن “مدى فعالية الحماية الجنائية للمقابر وحرمة الأموات في التشريع الجنائي المغربي؟ وما إذا استطاعت المقتضيات الجنائية الزجرية الحد من مختلف صور الاعتداءات التي تتعرض المقابر بشكل عام والأموات على الخصوص؟”.
ولفت المكتب إلى أن “المقابر في مختلف مدن المملكة تعاني في الدرجة الأولى من مشكل الاكتظاظ وقلة العدد، وأيضا من تفشي سلوكيات منحرفة داخل المقابر تجعل منها أماكن لممارسة أعمال السحر والشعوذة والرذيلة، وملجأ للمتشردين والمدمنين ومروجي الممنوعات هربا من أعين السلطات”.
وأشارت فرع المنظمة بجهة سوس ماسة إلى أن “المساحات المخصصة للمقابر باتت تتقلص يوما بعد يوم، فضلا عن أن
بعض المقابر تحولت الى مطارح للأزبال والنفايات، مما يؤدي إلى تحللها بفعل حرارة الشمس وانبعاث روائح كريهة تضر بالصحة وتسبب مضايقات للوافدين لزيارة المقبرة”.
وتبعا لذلك، التمس المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بجهة سوس ماسة، من وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية التدخل لاتخاذ خطوات عملية لأجل حماية المقابر، وذلك من خلال القيام بحملات التوعية والتحسيس، وأخرى لتنظيف المقابر وتنقيتها.
وإلى جانب ذلك، اقترح مكتب المنظمة “إحداث هيئة عليا لحماية المقابر على غرار الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة، مع تعيين شرطة المقابر لحماية المقبرة والقيام بدوريات منتظمة لتفادي العبث بجثث الأموات، وحمايتها من الأفعال الشنيعة التي تتعرض لها يوم بعد يوم”.
وفي ذات السياق، التمس المكتب من المشرع المغربي إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للمقابر وحمايتها بما يكفل حرمة المقابر وحرمة الموتى.
وشدد المكتب على الحاجة الماسة إلى تحيين عاجل لجميع المشاكل التي تتعرض لها المقابر المغربية ومحاولة الرفع من جودة محيطها ( السور – أماكن الدفن – تنقيتها وتنظيفها من الأعشاب والأزبال – توفير دور المياه للزوار )، لافتا إلى ضرورة إشراك جميع المتدخلين للتعاون في هذا الصدد والنظر في واقع المقابر المغربية.
يذكر أن المكتب الجهوي للمنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد بجهة سوس ماسة، بعث بنسخة من مراسلته الموجهة لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى كل من رئيس الحكومة ووزير الداخلية، وذلك تحت إشراف عامل عمالة إنزكان أيت ملول.