كشفت معطيات رسمية أن مؤشرات البطالة في المغرب عرفت انخفاضا طفيفا، وصفه بعض المراقبين بـ”المهم”، في ظل تشنج الاقتصاد العالمي، وبلوغ التضخم مستويات قياسية.
في هذا السياق، أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة في المغرب انتقل من 12.8% إلى 11.2%، بتراجع يعادل 1.6 نقطة، ما بين الفصل الثاني من سنة 2021 ونفس الفصل من سنة 2022.
وأفادت المندوبية أن عدد العاطلين عن العمل انخفض بـ 218 ألف شخصا، منتقلا من 1,605,000 إلى 1,387,000 عاطل.
وأوضحت المندوبية في مذكرة إخبارية ترصد وضعية سوق الشغل خلال الفصل الثاني من سنة 2022، أن الاقتصاد المغربي أحدث 133 ألف منصب شغل خلال الفصل الثاني من سنة 2022، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 1%.
عاملان وراء تراجع أرقام البطالة
أوضع عماد غزال، المتخصص في الاقتصاد والرياضيات المالية، أن انخفاض البطالة بهذه النسبة الهامة كان متوقعا لدى جميع الخبراء بمجال سوق العمل بالمغرب، وذلك بالنظر إلى عاملين رئيسيين.
انتعاش الاقتصاد بعد جائحة كوفيد-19
أغلقت عدد من المنشآت الصناعية أبوابها في فترة “كورونا” وقلصت أخرى من تعاملاتها نظراً لصعوبة توفير شروط الإنتاج والتوزيع، أما الآن فقد أحدث إعادة إطلاق أنشطتها 76 ألف منصب شغل خلال الفترة الحالية، حسب ما أورده المحلل الاقتصادي عماد غزال.
أما على مستوى السياحة، فقد شهد القطاع، حسب ذات المتحدث، انتعاشة قوية جداً مقارنة بالسنة الماضية، نظرا لرفع قيود السفر، مسجلا ارتفاعا بنسبة 5% على مستوى التشغيل، خاصة أن هذه الإجراءات تزامنت مع فصل الصيف الذي يستقبل فيه المغرب الملايين من أفراد الجالية المقيمة بالخارج والسياح الأجانب إضافة للعطلة السنوية للطلبة والموظفين الذين يساهمون بشكل مباشر في تنمية السياحة الداخلية.
انتشار ثقافة المقاولة
انتشرت خلال السنوات الأخيرة في المغرب ثقافة إنشاء المقاولات الصغرى والمتوسطة، وترسخت فكرة العمل الحر في أذهان شريحة كبيرة من الشباب، بدل البحث عن الوظيفة والعمل القار.
في هذا الصدد، كشف المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية أن عدد المقاولات التي تم إحداثها بالمغرب بلغ 48.001 واحدة خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2022.
وتعليقا على هذا الرقم، أكد المتخصص في الاقتصاد والرياضيات المالية، عماد غزال، أن “الخطاب الملكي بتاريخ 20 غشت 2018، شكل منعطفاً هاماً في طريقة تعامل الحكومة مع سوق الشغل، حيث أشار إلى ضرورة وضع آليات عملية كفيلة بإحداث نقلة نوعية في تحفيز الشباب على خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة في مجالات تخصصاتهم، وكذا دعم مبادرات التشغيل الذاتي، وإنشاء المقاولات الاجتماعية.”
وحسب المتحدث نفسه، فقد نتج عن هذا الخطاب اتخاذ الحكومة إجراءات عدة من أجل نشر ثقافة المقاولة داخل المجتمع، ومن بينها إطلاق برنامج “انطلاقة” لتحفيز الشباب على الخوض في عالم المقاولة والتشغيل الذاتي عبر توفير آليات للتمويل والمواكبة سنة 2020، وهو البرنامج الذي تم تحيينه وتحسينه من طرف الحكومة الحالية عبر إعادة إطلاقه تحت اسم “فرصة”.
وخلُص غزال إلى أن “مسألة انخفاض نسبة البطالة بالفترة الحالية هي نتيجة مباشرة لانتهاء حقبة الوباء مع انتشار ثقافة المقاولة بين مختلف أطياف المجتمع”، معربا عن أمله في استمرارا ارتفاع نسب التشغيل في المغرب وانخفاض مستوى البطالة خلال الفصول القادمة.