نبهت فعاليات حقوقية إلى تداعيات الإضرابات المتتالية في قطاع الصحة، مشيرة إلى أن استمرار التوتر بين الحكومة والنقابات سيعمق أزمة الصحة العمومية بالمملكة، وهو الأمر الذي يستغله القطاع الخاص للتغول أكثر داخل المجتمع.
وحذرت هذه الفعاليات من المساس بحق المغاربة في العلاج، وذلك في الوقت الذي لا يلوح في الأفق ما يشير إلى اقتراب حل الأزمة القائمة بين نقابات الصحة والحكومة، إذ لم تتفاعل هذه الأخيرة إلى حد الآن مع النقابات، رغم تصعيد احتجاجاتها.
وتفاعلا مع هذا الموضوع، أفاد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، بأن “التوتر المخيم على قطاع الصحة العمومية يعكس الأزمة العميقة التي يعاني منها القطاع الذي أصبح في مرحلة أشبه بالسكتة القلبية، نتيجة تراكم سياسات حكومية فاشلة”.
وأوضح الخضري “أنه إذا كان من المشروع أن يطالب الأطباء بحقوقهم فهناك في المقابل حقوق المواطنين”، مناشدا الحكومة والنقابات “أخذ هذا الأمر على محمل الجد، بما يمكن من الوصول إلى حل، وتفادي الإضرابات عن العمل التي ستترتب عليها ولا شك كوارث، لأن حياة الإنسان مرهونة بوجود الأطر الصحية”.
وشدد ذات المتحدث على أن “ورش الحماية الاجتماعية الذي تريد الحكومة تطبيقه لا يمكن أن ينجح طالما بقي القطاع الصحي على ما هو عليه، لأنه عمود الحماية الاجتماعية”، مبرزا أنه “حين نتحدث عن مشاكل الأطر الصحية فإننا لا نتحدث فقط عن الجانب المادي، بل عن بيئة العمل بشكل عام، والتي لا تتوفر فيها الشروط الضامنة لمزاولة مهنتهم بشكل لائق”.
ومن جهتها، عبرت نقابات قطاع الصحة عن تفهمها الضرر الذي يلحق بالمواطنين نتيجة إضراب الأطر الصحية، غير أنها تعتبر أن “إضراب الأطر الصحية أقل ضررا من إضراب قطاعات أخرى، لأن الإضراب لا يشمل أقسام المستعجلات والعناية المركز ومصالح الولادة”.
وحسب ما أورده مصطفى جعا، الكاتب الوطني للنقابة المستقلة للمرضين، عضو التنسيق النقابي الثماني، فإنه “حتى في أيام الإضراب ستكون المداومة متوفرة ابتداء من الساعة الرابعة والنصف، إضافة إلى استمرار عمل أقسام المستعجلات والعناية المركزة ومصالح الولادة”، مبرزا أن “خمسين في المائة من مصالح المستشفيات ستواصل اشتغالها”.
واعتبر الفاعل النقابي ذاته أن “الحكومة هي المسؤولة عن هذا الوضع، لأننا ظللنا ننتظر مدة خمسة أشهر بعد توقيع الاتفاق (اتفاق 29 دجنبر 2023) الذي وصلنا إليه بعد خمسين جلسة حوار، دون أن نخوض أي احتجاج، ولكن لم يكن هناك أي تجاوب من الطرف الحكومي”.
وشدد ذات المتحدث على أن “النقابات لا تريد الإضراب، رغم أنه حق دستوري، ولكن لا توجد آلية أخرى غير هذا الحق الذي اضطرت إليه”، مشيرا إلى أنه “يجب على الحكومة أن تستجيب لمطالب الأطر الطبية”.
وتجدر الإشارة إلى أن التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة أعلن عن عزمه شل المستشفيات العمومية بإضراب ثلاثة أيام كل أسبوع، تنطلق من يوم 28 ماي وحتى 27 يونيو القادم، بالإضافة الى تنظيم مسيرة وطنية بعد عيد الأضحى.
وأوضح التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة أنه سينفذ إضرابات وطنية أيام 28 – 29 – 30 من شهر ماي و4 –5 – 6 من شهر يونيو و11 – 12 – 13 من نفس الشهر، بالإضافة إلى خوض إضراب آخر خلال أيام 25 – 26 – 27 يونيو، مع إرفاق هذه الإضرابات بوقفات احتجاجية إقليمية وجهوية.
وإلى جانب ذلك، دعا التنسيق إلى تنظيم مسيرة حاشدة للشغيلة الصحية بالرباط انطلاقا من باب الأحد إلى البرلمان بعد عيد الأضحى، سيعلن عن تاريخها في وقت لاحق، مع مقاطعة تقارير البرامج الصحية والحملات والاجتماعات مع الإدارة، إلا ذات الطابع الاستعجالي.
وفي تعليقه على هذه الخطوات الاحتجاجية، أفاد التنسيق النقابي بأن الإضرابات المعلن عنها تأتي في ظل استمرار “الصمت الرهيب لرئاسة الحكومة تجاه الاتفاقات الموقعة مع النقابات وتجاهلها لمطالبها، وذلك بعد أربعة أشهر من انتهاء الحوار الاجتماعي القطاعي وما تم التوافق بشأنه مع اللجنة الحكومية من تحسين للأوضاع المادية والاعتبارية”.
واتهم نقابيو الصحة الحكومة ب”الإساءة للمواطنين بافتعال هذا النزاع الاجتماعي وبالتالي تعطيل الخدمات الصحية التي تزيد من معاناة المرتفقين”، مطالبين بـ”تنفيذ الاتفاقات والمحاضر الموقعة مع النقابات في شقها المادي والقانوني، والحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهنيي الصحة بما فيها وضعية موظف عمومي وتدبير الأجور من الميزانية العامة وكل ضمانات النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية”.