بعد انتشار وباء كورونا وما أصبح يشكله من تهديد خطير على التواجد البشري والاقتصاد العالمي, عجزت عن مواجهته كبريات الدول وأقواها , أصبح الناس في جميع أنحاء العالم مرتبطين أكثر بالعلم وأصحابه والبحث وحكمائه ,بعيدا عن التفاهة , فأضحت شبكات التواصل الاجتماعي ملجأ المواطنين قصد النهل من أصحاب التخصص قصد معرفة كل ما يحيط بهذا الوباء الفتاك , سواء تعلق الأمر بكيفية الوقاية منه أو الاطلاع على آخر مستجدات المختبرات العلمية التي ترنو لايجاد دواء فعال لمحاربته, أو بمتابعة ومطالعة ما تختزنه المصادر والمراجع من معلومات تاريخية تتحدث عن أوبئة فتكت بالانسان فيما مضى, وعن الطرق التي اتبعت آنذاك لمواجهته ,فكثر الاطلاع على كتب ووثائق تاريخية تتحدث عن أوبئة مثل الكوليرا والطاعون الذي كانت له “غزوات” هنا وهناك أتت على الأخضر واليابس.
وفي هذا الاطار نشر الدكتور امحمد احدى, وهو أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة ابن زهر بأكادير والخبير في شؤون التنظيمات القبلية والأعراف الأمازيغية والمهتم بالأرشيف الفرنسي, وثيقة تعود ل 9 ماي سنة 1940 -أي خلال عهد الحماية- وباللغة الفرنسية يقرر فيها باشا أكادير آنذاك المرحوم الحسن بن براهيم ,بمنع التنقل نحو الشمال دون الحصول على رخصة الجولان والتي تثبت الخلو من الأمراض المعدية مسلمة من طرف المصالح المختصة, بعد الخضوع لكشف طبي تجريه المصالح الصحية بتالبرجت .
كما يضيف الباشا في قراره , بأن دخول مدينة أكادير ممنوع على السكان التابعين لقبائل هوارة وماسة وأيت صواب , الذين لن يسمح لهم بدخول المدينة الا بالتوفر على شهادة طبية تثبت خلو كل فرد منهم من وباء الطاعون.
هذه الوثيقة التاريخية التي تؤرخ لأواسط القرن العشرين والتي ستنفع الباحثين وغيرهم في معرفة الظروف المحيطة باصدار هذه الوثيقة التي يؤكد لنا الدكتورامحمد احدى : “بأنها تأتي بعد أزمة الجفاف لسنتي 1936-1937 والتي أدت الى مجاعة , انضاف اليها دخول الفرنسيين للحرب العالمية الثانية ,وما تلاها من استنزاف لخيرات البلاد أدت لتفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمغاربة , ظهرت خلاله أزمات مثل عام البون وعام الروز وغيرها ,والتي جاءت كلها بعد تهدئة القبائل المغربية التي كانت في مواجهة الاستعمار, هاته التهدئة التي جعلت الفرنسيين يحكمون الحصار حول هاته القبائل ,عبر تقنين تنقلات منتسبيها عبر فرض مثل هاته الشروط الصحية بدعوى وجود أمراض مثل الطاعون.”
بوطيب الفيلالي