أكادير24
أن تعرف المدينة تعبئة قصوى لمواردها البشرية واللوجستيكية من أجل إصلاح بعض النقط السوداء هنا وهناك.. أو تجديد تزيينها وبهجتها فالأمر لا يعدو إلا أن يكون تعبيرا عن فرح استقبال ساكنة المدينة لصاحب الجلالة.. بل هو سلوك يكاد يكون مشتركا عالميا… وقد لا يحتاج الأمر في أقصاه ثلاثة أيام على أكثر تقدير لأن العادي في هذه المدن أن تكون نظيفة وجذابة طيلة الأيام…
إلاّ هنا…
في أكادير التى تحتاج إلى أكثر من طلاء بعض أعمدة الكهرباء.. أو استنبات أغراس نخيل وغيرها.. لأن ذلك لا يزيدها إلا بشاعة كبشاعة وجه إمرأة عجوز تحاول أن ترمّمَ ما أفسده الدهر….تماما كمدينتنا التى بدأت تتآكل وتتدهور منذ بداية تسعينيات القرن الماضي… بداية أفول مدينة كانت الى وقت قريب نقطة جذب للسواح من مختلف الجنسيات مدينة كانت تتربع على عرش السياحة المغربية بامتياز وبنفس الرواج كان ميناء اكادير نقطة محورية في بلورة اتفافية الصيد البحري مع الاتحاد الاوروبي بما يوفره من أ طر بشرية ولوجستيكية وما رافق ذلك ايضا من استنزاف للموارد البحرية ناهيك عن هذا العمق الفلاحي وبما يتميز من خصوصيات غذائية تكاد تكون إستثنائية..
هكذا كانت… من الانبعاث ذات شعار…اإلى نقطة تجمع للعابرين القادمين من هذه الأحزمة المحيطة بها من كل جوانب.. وإلى مرقد كبير لساكنتها دون أن تجد من يرافع عنها عن هذه الحاضرة الكبيرة وعمق سوس ضمن التأهيل الحضري التى تعرفه الحواضر المغربية الكبرى وإعدادها كأقطاب لقيادة التنمية الجهوية والإشعاع المجالي..
نعم.. وبكل الوضوح المدينة والجهة عموما لا تتوفر على نخبة محلية وجهوية قادرة على إعداد برنامج متكامل ومندمج يعيد الاعتبار لهذه الجغرافية الجهوية ذات الموقع الاستراتيجي وبكل تميزها الحضاري والتاريخي ودورها المركزي في بناء الأسس الأولى للإمبراطورية المغربية من المرابطين.. الموحدين.. والسعديين.. وربطا بالحاضر كدورها المحوري في إنجاح المسيرة الخضراء…كمنطقة تجمع وعبور… دون أن ننسى هذا فرادة التّديْن لدى أئمة وفقهاء ومشايخ هذه الجهة.. قراءةً واجتهاداً ونوازلَ فقهية عزّزت أمننا الروحي بشكل عام…
هي الجهة وسط المغرب وبالرغم مما يحمل هذا الوصف من رسالة سياسية / سيادية حاسمة لخصوم الوحدة الترابية فإنه في نفس الوقت رسالة إلى النخبة الجهوية السوسية
كي تبادر إلى استيعاب هذا الموقع الاستراتيجي واقتراح برنامج متكامل لعملية التأهيل الشامل يثمّن هذا العمق الحضاري.. وينفتح على تصورات مستقبلية للأجيال القادمة…بمشاريع تنموية قابلة الإنجاز مرفوعة إلى صاحب الجلالة كما فعل الآخرون في جهات أخرى… لا شئ من هذا كله
..هو بالفعل وضع مخجل جدا لصناع القرار بهذه الجهة ولكل المنتسبين اليها وباختلاف مواقعهم ووضعهم الاعتباري جهويا ووطنيا… أمام مؤشرات التنمية بالمدينة / الجهة عموما لا يبعثان على الارتياح… اضافة الى الافلاس الشبه الكلي للقطاعات الحيوية كالفلاحة والسياحة والصيد البحري.. هناك شبح العطش الذي يلوح في الأفق القريب نظرا لاستنزاف الفرشة المائية للمنطقة…
وضع مخجل حد القرف لهذه النخبة التى تحولت إلى كومبارس ذات اجتماع مع رئيس الحكومة وأغلبية وزرائه…وبدون متابعة لمخرجات ذالك اللقاء…
لذلك من الطبيعي أن تعيش المدينة على وقع التأجيلات للزيارة الملكية.. التى عادة ما تكون مرتبطة – كما عوّدتنا- بتوقيع برنامج استراتيجي للمنطقة من جهة… أو تدشينه..
فما هيأت هذه النخبة من ذلك.. غير آلة التراكس لإزلة المتاريس الحجرية وسط الطريق.. بعد أشهر فقط…
فضيحة وبكل المعايير التدبير ية والاخلاقية…بل هي صورة صغيرة لهذا التسبْب الذي تعرفه المدينة وعلى مستويات متعددة ومتنوعة…مع هذا الصمت المريب المسؤولين الولائيين وغيابهم المطلق طيلة هذه الفترة… وغيرهم من النخب البرلمانية..
إلى كل هؤلاء استحضر هذه الواقعة
يحكى والعهدة على الراوي ان المرحوم الحسن الثاني وفي خضم الاستعداد لاطلاقه فكرة المسيرة الخضراء قام بزيارة خاصة للعلامة الفقيه الحاج الحبيب التنالتي السوسي قصد الاستبراك به …
نتج عن هذا اللقاء ان استفسر الملك الراحل فقيهنا عن حاجياته فلم يكن الطلب الا تعبيد الطريق الى المدرسة احدى المنارات العلمية في قضايا الشرع والفقه وعلوم القران…
هي واقعة ببرنامج بسيط لكنه جلب المنفعة للمنطقة ذاك الوقت
ما ذا جلبت لنا من منافع كل هذه النخب السوسية المتواجدة في مراكز المسؤولية ومواقع متقدمة من هرم الدولة…
لا شيء..
فإلى أجل آخر…
بقلم: ذ. يوسف غريب