كشفت وكالة رويترز عن سيناريو “مأساوي” سيشهده العالم خلال 30 عاماً المقبلة، بسبب تغيرات مناخية كبيرة ستتسبب في هجرة هي الأكبر من نوعها في تاريخ البشرية.
وحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، فإن “1.5 مليار إنسان سيغادرون بلدانهم للأبد، لأنها لن تكون صالحة للحياة، وسيهاجرون إلى دول أخرى، خلال 30 عاماً”،
ورجحت المنظمة أن يرتفع هذا الرقم بعد عام 2050، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وازدياد عدد سكان العالم إلى الذروة المتوقعة في منتصف ستينيات القرن العشرين.
الهجرة المناخية بدأت بالفعل
يبلغ عدد المشردين بسبب المناخ 50 مليون شخص عبر العالم، وهو عدد يفوق أولئك الذين يفرون من الاضطهاد السياسي..
ولعل من أبرز الكوارث البيئية التي تتسبب في الهجرة المناخية هي الأعاصير القادرة على محو قرى بأكملها، وهو ما يجعل سكانها لاجئين بين عشية وضحاها.
وإلى جانب ذلك، تساهم مواسم الجفاف وارتفاع درجات الحرارة القياسية والحرائق، في تحفيز الناس على البحث عن مواطن حياة أفضل.
تغير جغرافية العالم بسبب المناخ سيخلق مواسم هجرة مكثفة
تتسبب التغيرات المناخية في تغيير جغرافية العالم، فهناك مناطق تواجه شحاً في المياه، بينما ستزيد الأمطار في مناطق أخرى، ما يؤدي إلى تكرار موجات من الفيضانات، الأمر الذي سيقسم العالم، وحتى بعض الدول، بين مناطق تعاني ندرة في المياه، وأخرى تعاني من تخمة منها.
هذا، وستشمل الهجرة القادمة أفقر سكان العالم الذين يفرون من موجات الحر المميتة وحصاد المحاصيل الفاشلة.
وبالإضافة إلى ذلك، سيحتاج عدد كبير من السكان إلى الهجرة، وليس فقط إلى أقرب مدينة، ولكن أيضاً عبر القارات، وتبعا لذلك، سيحتاج أولئك الذين يعيشون في مناطق ذات ظروف أفضل، وخاصة الدول الواقعة في خطوط العرض الشمالية، إلى استيعاب ملايين المهاجرين، بينما يتكيفون مع متطلبات أزمة المناخ.
ما هو الحل ؟
سيحتاج البشر في مواجهة الهجرة المناخية إلى إنشاء مدن جديدة تماماً بالقرب من القطبين الأكثر برودة للكوكب، على الأرض التي سرعان ما أصبحت خالية من الجليد بسبب الاحتباس الحراري.
وفي مقابل ذلك، هناك بعض البلدان التي لن يصبح لها وجود مستقبلا، ومنها على سبيل المثال، بنغلاديش، هذا البلد الذي يعيش فيه ثلث السكان على طول ساحل منخفض غارق، والذي لن يبقى صالحا للسكن.
ومن المتوقع حسب تقرير منظمة الهجرة الدولية أن يكون أكثر من 13 مليون بنغلاديشي – ما يقرب من 10% من السكان – قد غادروا البلاد بحلول عام 2050.
وأشار التقرير نفسه إلى أن المدن الساحلية في مصر والعراق قد تغمرها المياه بحلول عام 2050، نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر.
وتشير البيانات إلى أن البصرة، ثاني أكبر مدن العراق، قد تتعرض للغرق جزئياً نتيجة لارتفاع منسوب مياه البحر، الأمر الذي قد يؤدي إلى نزوح الآلاف من منازلهم.
وتظهر الأبحاث أيضاً أن مدينة الإسكندرية المصرية قد تغرق، بسبب ارتفاع منسوب المياه.
ومن جهتها، أشارت دراسة أخرى نُشرت في دورية Science Advances إلى أن الحرارة الشديدة تزداد وتيرتها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث إن أجزاء من هذه المناطق قد تصبح غير صالحة لسكنى البشر إذا استمرت هذه الارتفاعات الحالية في درجات الحرارة.
ومع نهاية القرن، ستصل معدلات درجات الحرارة في متوسطها إلى مستويات لا يطيقها معظم الناس، ما سيحول مدن المنطقة لمناطق غير صالحة للسكن، ويشكل خطراً على موسم الحج في المملكة العربية السعودية.
في ذات السياق، ستصل درجات الحرارة في مدن الكويت العاصمة والعين في الإمارات إلى أكثر من 60 مئوية لتسجل أعلى الأرقام القياسية عالمياً، حسب بحث علمي منشور عام 2015 في مجلة الطبيعة والتغير المناخي Nature Climate Change الدورية.
ومن المرتقب أن يكون الوضع بالغ الخطورة والجدية في مدنٍ مزقتها الحرب وأكلها الفقر مثل مدن اليمن، ما يجعل الهجرة السبيل الوحيد للخلاص، في ظل انعدام الإمكانيات لدى هذه البلدان لمواجهة آثار التغير المناخي.