يكفي أن تجالس مستشارا في التوجيه التربوي لكي يحسب لك مقدار الأموال التي صرفها وهو ينتقل بين مؤسسات القطاع المدرسي، والتي تكون في غالبيتها متباعدة من غير تعويض، رغم الأحقية في نيل تعويض عن ذلك وفق النصوص المنظمة. في حين يستفيد المفتشون بكل تلاوينهم ورؤساء المصالح، سواء بالمديريات الإقليمية أو الأكاديميات، من نقل المصلحة والتعويضات عن المهام وكذا التعويضات الجزافية.
يكفي أيضا أن تطيل المقام مع مستشار آخر كي يبوح لك أن جميع العمليات المرتبطة بالتوجيه والإعلام المدرسي يقتطعها من أجرته التي أصابها الوهن جراء كثرة المصاريف. السبب في ذلك هو كون أغلب المديريات والأكاديميات لا توفر حواسب العمل ولا توفر الهواتف المهنية للمستشارين في التوجيه التربوي. كما لا توفر لهم الانترنت للبحث عن المعلومة وتجديدها وتحيينها. وأما عن نسخ الملفات والدعائم الإعلامية والإعلانات فلا سبيل سوى أجرة المستشار في التوجيه التربوي “الفقير” المنتشر بين الوديان والجبال والصحاري. لقد صار من البديهي إذن، أن يحفظ ويردد المستشار في التوجيه التربوي “سنفونية الأزمة”، يعاضده في ذلك، ألحان الريح الحزينة التي تنبعث من تلك المجالات التي يشتغل فيها أو سبق أن اشتغل فيها، طوال مواسم الحزن والكآبة.
حيف آخر عظيم ينضاف لمنظومة الحيف الممارس على المستشارين في التوجيه التربوي والمتمثل في كيفية إسناد مهمة الملاحظة سواء في امتحانات شهادة البكالوريا أو شهادة السلك الإعدادي. ففي “أغلب” المديريات الإقليمية، يتم إقامة تفاضل بين المفتشين والمستشارين في التوجيه التربوي. فيتم تقديم المفتشين على المستشارين وإعطاءهم مراكز الامتحان التي تقع في مراكز المدن، في حين، يتم ارسال المستشارين إلى هوامش المدن وتسند لهم أصعب المناطق، كأنهم موظفون غير مصنفون، أو كأن المفتش أفضل وأحسن رمزيا ومعرفيا من المستشار. والحق أن كل من المفتش والمستشار موظفون لهم قيمتهم الاعتبارية ولهم تكوينهم الخاص بهم ولهم مهام يؤدونها ولهم أيضا طموحات وتحديات تنتظرهم على حد السواء، دون أفضلية إطار على إطار. ومعنى ذلك هو عدم جواز عقد مقارنة ما لا يقارن (مقارنة إطار مختلف بإطار آخر مختلف من أجل التفاضل).
ويبقى الحل الأمثل، وهو الأمر الذي لا تقوم به أغلب المديريات، هو عقد اجتماع تنسيقي بين المعنيين بملاحظة الامتحانات والعمل وفق مبادئ تكافؤ الفرص والمساواة والتراضي والتوافق، قبل استصدار تكليفات بالملاحظة، وإن كان المستشارون في التوجيه التربوي أولى بالاختيار والحظوة، لأن تكوينهم الأساس يتضمن وحدات ومواد ومقررات وبحوث حول عملية القياس والتقويم المرتبطة بالامتحانات. وغير ذلك، فهو مجرد مباركة وتثبيت لحيف متعدد ومركب، يطبق ويمارس على المستشار في التوجيه التربوي، الذي أنهكته ظروف العمل ولا جاذبية الإطار المحروم من حق تاريخي تم الانقضاض عليه: حق تغيير الإطار إلى مفتش في التوجيه التربوي.